هل تخضع إسرائيل لشروط المقاومة؟

An Israeli soldier from the Givati brigade carries his gear after returning to Israel from Gaza August 4, 2014. Egypt presented Palestinian demands to Israel on Monday as part of efforts to mediate a ceasefire in Gaza which could pave the way for negotiations to end more than three weeks of fighting, an Egyptian source said. REUTERS/Baz Ratner (ISRAEL - Tags: POLITICS CIVIL UNREST MILITARY CONFLICT)
جندي إسرائيلي من لواء جفعاتي يحمل متعلقاته بعد عودته من غزة إلى إسرائيل (رويترز)

منير الجالودي

قبل أن تضع الحرب في غزة أوزارها، انطلقت في القاهرة معركة يتوقع أن تصبح أحمى وطيسا من تلك القائمة في غزة، ذلك أن هذه ستكون انعكاسا لتلك وترجمة لها، ومن يفوز في هذه سيعلن الفوز في تلك بغض النظر عن حجم الخسائر التي وقعت هناك. فلكل حرب واقع سياسي جديد ينشأ على الأرض، وهو واقع يفرضه المنتصر غالبا أو من يملك أدوات فرضه والتحكم فيه.

ومن هنا فإن قوى المقاومة الممثلة ضمن وفد الفصائل الفلسطينية في القاهرة؛ تحرص -وهي التي قدمت أداء أقر العدو قبل الصديق بإبهاره وقوته وتميزه- أن تقطف ثمار أدائها وتحصد نتاج تضحياتها واقعا جديدا عنوانه الأبرز هو رفع الحصار عن قطاع غزة.

حاجز مصر
وقد تخطت قوى المقاومة أول حاجز في هذا الطريق عندما توافقت مع باقي الفصائل الفلسطينية -وعلى رأسها منظمة التحرير الفلسطينية (فتح)- على شروطها لوقف إطلاق النار والقبول بأي تهدئة. وها هي تدلف إلى الحاجز الآخر فتبدأ حوارها مع مصر لتتبنى هذه الشروط.

وتكمن صعوبة هذا الحاجز في أن مصر تمارس الحصار على غزة وتُحكمه عبر إغلاق المعبر الوحيد بينهما، وتَجهد في تقصي أي أنفاق تصل غزة بمصر فتدمرها.

ويرى مراقبون أن مصر يمكنها -لو تبنت شروط المقاومة- أن تفرض هذه الشروط على إسرائيل، وقد فعلت ذلك "مصر محمد مرسي" عقب عدوان 2012، فهل تفعله "مصر عبد الفتاح السيسي" الآن؟

وبينما تقدم مصر نفسها بوصفها وسيطا، فإنها متهمة بأنها تعقد "تحالفا" مع إسرائيل في عدوانها على غزة أصبح أوضح من أن تخطئه العين أو تضل عنه البصيرة. بل إن إسرائيل أشارت إلى هذا التحالف في مناسبات عدة عبر تصريحات مسؤوليها دون أن يقابله المسؤولون في مصر بأي نفي أو تكذيب. ومن هنا فإنه من المتوقع أن يرتهن الدور المصري لموقف إسرائيل.

اجتماع سابق ضم رئيس الوزراء الإسرائيلي (يمين) ووزير الدفاع ورئيس الأركان (الأوروبية)
اجتماع سابق ضم رئيس الوزراء الإسرائيلي (يمين) ووزير الدفاع ورئيس الأركان (الأوروبية)

حاجز إسرائيل
وإذا تجاوزنا مصر فإن التساؤل المطروح هو: هل يمكن لإسرائيل أن تقبل بشروط المقاومة؟

والمتتبع للنقاش المستفيض داخل النخب الإسرائيلية عبر الصحف والفضائيات يدرك أن إسرائيل لم تتمكن من تحقيق أي هدف من أهدافها عبر القوة العسكرية، فلا هي تمكنت من تدمير الأنفاق -وحتى لو فعلت فإنها لا تضمن إعادة حفرها أو حفر أنفاق جديدة مكانها- ولا لجمت صواريخ المقاومة أو دمرت بناها التحتية. لذا فإنها تبحث عن وسائل أخرى غير عسكرية لنزع سلاح المقاومة.

ويرى محللون إسرائيليون أن إسرائيل معنية -بعد "فشل" خياراتها العسكرية- في التوافق مع الفلسطينيين على تهدئة طويلة. وفي سبيل ذلك يمكن لإسرائيل أن تقبل عددا مهما من شروط المقاومة كما قال رئيس جهاز الموساد السابق داني ياتوم مثل رفع الحصار عن قطاع غزة وفتح المعابر أمام حركة المسافرين والبضائع وتوسيع مناطق الصيد.

الميناء والمطار
لكن ياتوم استبعد في حوار مع القناة العاشرة الإسرائيلية أن تقبل إسرائيل -في هذه المرحلة على الأقل- بإقامة ميناء بحري يصل غزة بالعالم أو إقامة مطار جوي، غير أنه أشار إلى أنها يمكن أن تقبل بذلك في وقت لاحق بعد استقرار الهدوء في قطاع غزة، خاصة إذا جاء ضمن مفاوضات مع السلطة الفلسطينية.

وبعد أن كان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يربط إعادة إعمار غزة والسماح بدخول مواد البناء بنزع أسلحة المقاومة مثلما صرح بذلك غير مرة، فإنه تخلى عن هذا الربط وفقا لما ذكرته إذاعة الجيش الإسرائيلي وصحيفة يديعوت أحرونوت ليكتفي بطلب ضمانات بأن هذه المواد لن تستخدم في بناء أنفاق أو صناعة صواريخ.

أما عن شرط إطلاق سراح محرري صفقة وفاء الأحرار فإنه لن يحتاج إلى كثير نقاش لتوافق عليه إسرائيل خاصة وأن إعادة أسرهم يخالف بوضوح اتفاقية وقعت عليها إسرائيل وبرعاية مصرية.

المصدر : الجزيرة