ما دوافع التعاون الأمني بين الجزائر وتونس؟

كومبو للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة والرئيس التونسي منصف المرزوقي
الرئيس الجزائري بوتفليقة (يمينا) كان له موقف مناهض للربيع العربي (الجزيرة نت)

هشام موفق-الجزائر

كشفت تقارير إعلامية جزائرية عن تسليم الجزائر معدات عسكرية متطورة لتونس لمساعدتها في مكافحة "الإرهاب" المتنامي على أرضها.

وقالت التقارير إن الجيش التونسي "حصل على دفعة مساعدات عسكرية جزائرية شملت طائرات قديمة وصواريخ أرض جو روسية وتجهيزات عسكرية وذخائر".

ونفت مصادر للجزيرة نت علمها بتزويد الجزائر لتونس بطائرات من صنع روسي، لكنها أكدت  "تسليم دفعات من معدات روسية متطورة مرتبطة بمكافحة الإرهاب، ككاشفات ألغام وأجهزة مراقبة حرارية على طول الحدود المشتركة".

تدريب

وأضافت المصادر أن أهم ما في هذا التنسيق هو "تدريب الجيش التونسي على فنون حرب العصابات التي تعتمد عليها الجماعات المتشددة"، وذلك بالنظر لما يمتلكه الجيش الجزائري من خبرة طويلة في محاربة "الإرهاب" بعدما واجه من وصفهم بالمتشددين على مدار أكثر من عشرين عاما عقب توقيف المسار الانتخابي الذي كانت نتيجته فوز الإسلاميين في بداية تسعينيات القرن الماضي.

وتواجه تونس موجة تشدد كبيرة منذ سقوط نظام الرئيس زين العابدين بن علي، كما تتحدث تقارير أمنية عن وجود "آلاف الجهاديين التونسيين في سوريا وليبيا وشمال مالي". وتحذر من "عودة هؤلاء إلى تونس".

حوامدي: إحساس الجزائر بالخطر بعد أحداث ليبيا ومالي دفعها للتعاون مع تونس (الجزيرة)
حوامدي: إحساس الجزائر بالخطر بعد أحداث ليبيا ومالي دفعها للتعاون مع تونس (الجزيرة)

تعاون كبير
ويرى الكاتب الصحفي المتخصص في القضايا الأمنية فوزي حوامدي أن العلاقة المتميزة بين تونس والجزائر تجعل التنسيق الأمني "أكثر فعالية وأهمية" في ظل الحالة الهشة التي عليها تونس من ناحية و"تعطش الكثير من شبابها المتشبع بالفكر السلفي الجهادي للجهاد من ناحية أخرى".

وتابع حوامدي حديثه للجزيرة نت قائلا إن نقص خبرة القوات التونسية في مجال مكافحة الإرهاب وتخوف الجزائر من انتشار الفوضى بتونس "دفع الجزائر للمسارعة بتعزيز  التعاون إلى حدود كبيرة جدا وصلت للتزويد بمعدات عسكرية وتعاون استخباري أمني".

وكانت عدة لقاءات جمعت رئيس الحكومة التونسي مهدي جمعة ونظيره الجزائري عبد المالك سلال، كان آخرها لقاء ولاية تبسة الحدودية بين البلدين.

ويرجح البعض أن تكون وفاة 15 جنديا تونسيا بولاية القصرين مؤخرا، وتسارع الأحداث في الجارة ليبيا "عجلت بتطوير هذا التعاون الجزائري التونسي".

ويعتقد العقيد المتقاعد في الجيش الجزائري حملات رمضان أن الوقت "قد حان لتعزيز مثل هذا التنسيق العسكري والأمني بين البلدين"، وأضاف للجزيرة نت أن على تونس استغلال الخبرة الجزائرية في إدارة مثل هذه الحروب "التي تعتمدها الحركات الجهادية".

وذكر أن "على البلدين أن يركزا على التعاون العسكري الميداني كإجراء دوريات مشتركة على طول الحدود، والتنسيق في نصب الكمائن".

‪رمضان: التعاون يحتاج لوقت وثقة عالية بين الطرفين‬ رمضان: التعاون يحتاج لوقت وثقة عالية بين الطرفين  (الجزيرة)
‪رمضان: التعاون يحتاج لوقت وثقة عالية بين الطرفين‬ رمضان: التعاون يحتاج لوقت وثقة عالية بين الطرفين  (الجزيرة)

تشكيك
في الوقت نفسه يرى الخبير الأمني أن العملية تتطلب وقتا لأنها "تحتاج إلى إيمان قوي بالقضية وثقة عالية بين الطرفين".

من جهته قلل المستشار الأمني بمنظمة "طلائع الجزائريين" علي الزاوي، من فرص نجاح مثل هذا التنسيق بين الجزائر وتونس.

وقال للجزيرة نت إن تونس "غالبا تخفي معلومات أمنية عن الجزائر". وتابع كثيرا ما ألقت قوات الأمن التونسية القبض على عناصر إرهابية ومن بينها عناصر جزائرية، لكنها "لم تبلغ الجزائر ولم تشركها في عمليات التحقيق".

ورغم استغراب البعض من هذا التنسيق، لا سيما في ظل تحفظ الجزائر على ثورات الربيع العربي، يرى الكاتب الصحفي فيصل مطاوي أن هذا الموقف "قد لان".

وعزا مطاوي هذه الليونة في موقف الجزائر إلى "تغيرالخارطة الأمنية لحدودها بسيل الأحداث في ليبيا وشمال مالي وتونس". إضافة إلى وجود طلب غربي واضح للحكومة الجزائرية "بمساعدة جيرانها في تحدياتهم الأمنية والسياسية".

واعتبر حزب "جيل جديد" الليبرالي المعارض، الخطوة "أمرا إيجابيا" في التعامل مع القضية التونسية. وقال رئيس الحزب سفيان جيلالي للجزيرة نت إن تونس بها نظام جديد "ينبنى على الشرعية الشعبية بمشاركة كل التيارات السياسية، كما أن أمن تونس هو جزء من أمن الجزائر". ودعا جيلاني لتوسيع نطاق التعاون العسكري ليشمل تعاونا اقتصاديا وسياسيا.

المصدر : الجزيرة