وساطة الجيش تؤجج الأزمة بباكستان
هيثم ناصر-إسلام آباد
تحول تدخل الجيش الباكستاني لوسيط بين الحكومة والمعتصمين أمام مبنى البرلمان، من ورقة حاولت الحكومة لعبها، إلى ورقة ضغط لصالح المعتصمين المطالبين بإقالتها، لاسيما بعد تأكيد الجيش أن الحكومة وليس المعارضة هي من طلب وساطته بالأزمة.
وبدأ التحول بالموقف تجاه تدخل الجيش بعد ساعات من لقاء قائده رحيل شريف، بزعيمي حزبي حركة الإنصاف عمران خان، وحزب حركة عوامي باكستان طاهر القادري فجر أمس الجمعة لمحاولة إيجاد حل ينهي الاعتصام الذي يقوده الحزبان أمام مبنى البرلمان.
فقد صرح وزير الداخلية شودري نيسار خلال جلسة البرلمان بعد ظهر نفس اليوم (الجمعة) بأن القادري وعمران طلبا وساطة الجيش بعد رفضهما جميع الوساطات الأخرى، وإعلانهما عدم الثقة بالمؤسسة القضائية، أو بلجنة الانتخابات، إلا إذا استقال رئيس الوزراء نواز شريف.
لكن عمران والقادري نفيا ما صرح به وزير الداخلية، وأكدا أنهما لم يطلبا تدخل الجيش أو وساطته، وأن الحكومة هي من طلبت ذلك.
تأكيد الجيش
وعزز من أزمة الحكومة أمام البرلمان والشارع البيان الذي صدر عن المكتب الإعلامي للجيش مساء الجمعة، والذي أكد أن الحكومة هي من طلب تدخل الجيش كوسيط بينها وبين الأحزاب التي تقود الاعتصام.
واعتبر مراقبون أن محاولة الحكومة تحميل عمران والقادري مسؤولية إقحام الجيش بأزمة سياسية، أنها تضع الثقة بين الحكومة والجيش على المحك، لاسيما بعد إلغاء اجتماع كان متوقعا بين قائد الجيش ورئيس الوزراء مساء الجمعة.
ولم يفوت عمران والقادري فرصة "أزمة الثقة" بين الجيش والحكومة، حيث اعتبرا أن ما وصفاه "كذب وزير الداخلية" في قاعة البرلمان، وبحضور رئيس الوزراء "يمثل فقدان الحكومة لمصداقيتها الأخلاقية ويوجب استقالتها".
مأزق جديد
ويرى مدير تحرير قناة ARY صابر شاكر أن الحكومة وضعت نفسها في مأزق دون أي مبرر.
وقال شاكر للجزيرة نت إن الاستعانة بالجيش كانت ستعطي الحوار مع عمران والقادري دفعة للأمام، إلا أن تقديم رواية مغلوطة بالبرلمان حول من طلب الاستعانة بالجيش كوسيط، أعطى الرجلين مزيدا من المصداقية في انتقاد الحكومة والتشكيك في نواياها.
وأضاف أن رواية الحكومة "شككت في نوايا الجيش أيضا" وهو ما اعتبره الجيش إساءة لسمعته، خاصة وأنه حاول التأكيد على أنه لا يطمع بالسلطة، ويحرص على التوصل لحل سياسي للأزمة دون إراقة الدماء، كما قال.
وتوقع شاكر أن يزيد تصميم القادري وعمران على مطالبهما بعد ما وصفها "الورطة التي وقعت فيها الحكومة" مما سيزيد صعوبة حل الأزمة.
ورجح بأن يحاول القادري وعمران زيادة إحراج الحكومة من أجل دفع الجيش للضغط عليها من أجل الاستقالة.
مرحلة حرجة
كما يرى مدير مركز دراسات السياسات بإسلام آباد خالد عبد الرحمن أن الأزمة "دخلت مرحلة حرجة بسبب فقدان الحكومة لآخر الأوراق المتمثلة بالاستعانة بالجيش".
وفسر ذلك بالقول إن الجيش لن يستطيع المشاركة بشكل مباشر في الحوار بعد الذي حصل الجمعة، وإن سقف مشاركة الجيش سيكون دفع الجانبين للحوار بشكل جدي في سبيل التوصل إلى حل.
وأضاف عبد الرحمن أن المخاوف التي عبرت عنها عدة أحزاب سياسية بالبرلمان من تدخل الجيش في السياسة منطقية إلى حد كبير، خاصة وأن الجيش اختلف مع رئيس الحكومة حول عدد من الملفات مؤخرا.
وتابع أن من بين ملفات الخلاف بين الجيش والحكومة ملفات العلاقة مع الهند وأفغانستان، وبين الحكومة ووسائل الإعلام التي تكثر من انتقاد الجيش، وهو ما سيجعل الظروف مهيأة لينتزع الجيش مزيدا من التنازلات من شريف قبل إنقاذه بالضغط على عمران والقادري من أجل التنازل عن مطلب استقالته.