غموض وتذبذب بشأن "التدخل" البريطاني بالعراق

Britain's Prime Minister David Cameron, flanked by Deputy Prime Minister Nick Clegg (L), Culture Secretary Maria Miller (2ndR) and Business Secretary Vince Cable (R), speaks about Lord Justice Brian Leveson's report on media practices in Parliament in this still image taken from video in London November 29, 2012. Cameron rejected the idea of a law to regulate the British
كاميرون أكد أن بريطانيا مستعدة لمساعدة المقاتلين الأكراد في حربهم ضد "المتطرفين الإسلاميين" (رويترز)

محمد أمين-لندن

تغير مفاجئ طرأ على الموقف البريطاني من التطورات الأخيرة في العراق، إذ انتقل من الرفض الرسمي لأي عمل عسكري إلى حديث عن خيارات تتجاوز الدعم الإنساني.

وفي مقال خص به جريدة "صنداي تلغراف" قال رئيس الوزراء ديفد كاميرون إن تهديد تنظيم الدولة الإسلامية يتجاوز العراق وسوريا ويصل إلى بريطانيا.

ورأى كاميرون في المقال الذي نشر الأحد أن عدم التحرك لمواجهة "التنظيم المتطرف" سيجعل الخطر يصل إلى شوارع بريطانيا.

وعقب يوم من نشر المقال، جاءت التصريحات أكثر وضوحا من وزير الدفاع مايكل فالون بشأن شكل تدخل بلاده في العرق. وقال إنها ستشارك في مهمة عسكرية هناك تستغرق أسابيع أو شهورا.

التدخل العسكري
وتبدو هذه التصريحات إشارة واضحة للتدخل العسكري المباشر، وهو ما كانت ترفضه الحكومة التي يرأسها المحافظون خاصة وأنها ترى استمرار الغضب الشعبي من نتائج مشاركة رئيس الوزراء السابق العمالي توني بلير في الحرب على العراق عام 2003.

‪‬ العطية: تحول موقف الحكومة جاء بسبب قلق البريطانيين من تنظيم الدولة(الجزيرة)
‪‬ العطية: تحول موقف الحكومة جاء بسبب قلق البريطانيين من تنظيم الدولة(الجزيرة)

وعن سر هذا التحول، قال مدير المعهد العراقي للتنمية والديمقراطية غسان العطية إن موقف كاميرون جاء لأن الرأي العام البريطاني تعاطف مع التدخل العسكري الأميركي في العراق.

وأضاف العطية أن التحول من الدعم غير المباشر للعراق إلى الحديث عن التدخل جاء بسبب قلق البريطانيين من أن خطر تنظيم الدولة ليس محصورا في العراق.

وأشار إلى وجود مائتي مسلم يحملون جوازات أجنبية يقاتلون مع التنظيم، ويخشى الغرب من عودتهم.

وتشهد وسائل الإعلام جدلا بشأن الموقف الذي يرغب البريطانيون في أن تتخذه بلادهم. وعلى مدار الأسبوع الماضي، ركزت الصحف على نشر الأخبار والتقارير التي تظهر ممارسات التنظيم في سوريا والعراق وقصص البريطانيين الذين ذهبوا للانضمام لصفوفه.

لكن بعض المراقبين يرى أن تدخلا عسكريا بريطانيا آخر في العراق لن يحل المشكلة. وفي مقال له بجريدة غارديان، قال الكاتب والصحفي شيمس ميل إن حربا أخرى بالعراق لن تصلح الكارثة التي حدثت في الماضي.

وبيّن أن واشنطن لا تريد الابتعاد عن العراق، فعقب سنتين من سحب قواتها تحول باراك أوباما إلى رابع رئيس أميركي يقرر القيام بعمل عسكري هناك.

شيمس ميل: واشنطن لا تريد الابتعاد عن العراق، والتدخل البريطاني لن يصلح الكارثة التي حدثت في الماضي

وأضاف ميل -الذي يتابع الملف العراقي منذ سنوات طويلة- أن قرع طبول الحرب إعلاميا وسياسيا يدفع باتجاه مطالبة بريطانيا بالتحول من الدعم الإنساني إلى الانخراط في الحملة العسكرية.

دعم البشمركة
لكن كاميرون عاد ليقول في البرنامج الصباحي في "بي بي سي" إن بريطانيا لن تتورط في حرب أخرى بالعراق، ولن ترسل جنودها إلى هناك. مع تأكيده على الاستعداد لمساعدة المقاتلين الأكراد في حربهم مع "المتطرفين الإسلاميين".

وفي هذا السياق، يرى المحلل السياسي قصي المعتصم أن التغير في موقفي لندن وواشنطن من االوضع بالعراق جاء بسبب القلق من اقتراب تنظيم الدولة من إقليم كردستان العراق "باعتباره قاعدة أميركية لا يسمح العبث بها".

وأوضح أن واشنطن تخطط لبناء قاعدة عسكرية كبيرة بإقليم كردستان نظرا للأهمية النفطية للمنطقة. وتوقع ضم الإقليم لحلف شمال الأطلسي (ناتو).

ويدلل على وجهة نظره بالقول إن تنظيم الدولة استولى على الموصل ومناطق أخرى في سوريا والعراق، ولم تتدخل أميركا ولم تقلق.

وعبر المحلل السياسي عن اعتقاده بأن التدخل الأميركي سيهدف لتكريس واقع جديد هو إعلان استقلال كردستان العراق بالرغم من أن القرار الأممي لم يخول القوى الدولية التدخل العسكري المباشر.

المصدر : الجزيرة