خبراء جزائريون يستبعدون تدخل بلادهم عسكريا بليبيا

هل سيتخلى الجيش الجزائري عن عقيدته العسكرية بعدم التدخل خارج الجزائر
هل ستستجيب الجزائر للضغوط وتتدخل في ليبيا؟ (الجزيرة نت)

ياسين بودهان-الجزائر

حذّر سياسيون وخبراء أمنيون جزائريون من مخاطر وتداعيات تدخل الجزائر عسكريا في ليبيا، وشددوا على ضرورة اضطلاع بلادهم بدور دبلوماسي وسياسي فاعل لتفكيك الأزمة الأمنية التي تشكل تهديدا للمنطقة برمتها.

وكان رئيس جبهة العدالة والتنمية عبد الله جاب الله قد حذر الحكومة الجزائرية من الانسياق لما قال إنها "ضغوط أميركية" لإقامة قواعد عسكرية في الجزائر، لضمان تدخل عسكري في ليبيا، محذرا من هذا التدخل تحت أية مبررات.

ورغم نفي الوزير الأول بالجزائر عبد المالك سلال الأسبوع الماضي -خلال زيارته واشنطن- وجود نية لدى بلاده لإرسال قوات عسكرية "لإعادة النظام في ليبيا"، فإنه أكد أن "التدخل العسكري الأجنبي لن يكون حلا للأزمة".

‪جيلالي: أميركا وفرنسا تريدان للجزائر القيام بدور الشرطي بالمنطقة (‬ الجزيرة نت
‪جيلالي: أميركا وفرنسا تريدان للجزائر القيام بدور الشرطي بالمنطقة (‬ الجزيرة نت
تدخل مطروح
وعقب حديث سلال، نقلت صحيفة "الخبر" الجزائرية أمس  عن مصادر أمنية وصفتها بالرفيعة أن "احتمالات تدخل جزائري في ليبيا مطروحة في حال توفر معلومة بالغة الأهمية حول تهديد جدي للأمن القومي الجزائري".
 
وقالت إن التدخل قد يكون مطروحا في حال محاولة تكرار سيناريو الاعتداء على محطة الغاز بـ"تيغنتورين" في الجنوب الجزائري انطلاقا من الأراضي الليبية.

كما أوردت الصحيفة "سيناريو" ثالثا للتدخل، يتمثل في سيطرة الجماعات السلفية الجهادية على السلطة في ليبيا، والاعتداء على تونس لدعم الجماعات السلفية الجهادية فيها لإسقاطها والسيطرة عليها.

وحسب الصحيفة، فإن من وصفتهم بـ"المخططين العسكريين" بهيئة أركان الجيش الجزائري "وضعوا "سيناريو" محددا للتدخل عن طريق غارات جوية مركزة، أو غارة كبيرة ومحدودة في الزمن، تنفذها قوات محمولة جوا تنطلق من قواعد جوية من داخل الجزائر".

شرطي المنطقة
رئيس حزب "جيل جديد" المعارض سفيان جيلالي اتهم الدول الغربية -وفي مقدمتها الولايات المتحدة وفرنسا- بالفشل في السيطرة على الأوضاع الأمنية المتدهورة بليبيا أو في منطقة الساحل بشكل عام، وقال إنهما "تريدان أن تقوم الجزائر بدور الشرطي في المنطقة".

وقال جيلالي للجزيرة نت إن الجزائر "ليس لديها أي مصلحة" في التدخل عسكريا بليبيا، ولا مصلحة لديها في مساندة أي طرف في الداخل الليبي ضد طرف آخر.

وأردف "هذا لا يعني ألا تتحمل الجزائر جزءا من المسؤولية تجاه ما يحدث هناك، بأن تسهم دبلوماسيا وسياسيا لحل الأزمة الأمنية في المنطقة".

وشدد جيلالي -الذي سحب ترشحه من الانتخابات الرئاسية الأخيرة بعد ترشح بوتفليقة- على أن التدخل العسكري لصالح طرف ضد آخر ستكون له "تداعيات وخيمة" على استقرار وأمن الجزائر.

أما الخبير في القضايا الأمنية والعسكرية نسيم بلهول فاستبعد أي احتمال لتدخل عسكري جزائري بليبيا.

وقال للجزيرة نت إن هذه الأقاويل تأتي في إطار سلسلة الدعاية الغربية التي قال إنها "تريد توريط الجزائر في سلسلة من السيناريوهات العشوائية المناقضة للعقيدة الأمنية الجزائرية الدفاعية بالأساس".

‪بلهول: 
‪بلهول: "البروباغاندا" الغربية تريد للجزائر أن تكون بوابة جديدة لاحتلال ليبيا‬ (الجزيرة نت)

وأضاف أن هذه الدعاية "تريد أن تكون الجزائر بوابة جديدة يعاد فيها احتلال ليبيا وإذكاء قيادة مستدامة للجيش الأميركي بالمنطقة".

ويلفت بلهول إلى أنه ومع بدء تشكيل القوة الأميركية في أفريقيا "أفريكوم"، والذي بدأت مؤشراته تتضح بعد القمة الأفرو-أميركية الأخيرة، فإنه سيتم استيعاب واحتواء كافة الدول الأفريقية "راضية أو مكرهة" تحت الغطاء العسكري الأميركي.

وكشف بلهول عن أن تقرير إستراتيجية الأمن الوطني الأميركي في عام 2002 حدد أربع دول أفريقية رئيسية للقيام بدور الحليف الإستراتيجي والتدخل العسكري في الفضاء الأفريقي، وهي "جنوب أفريقيا وكينيا ونيجيريا وإثيوبيا".

ولفت إلى أن واشنطن تستخدم إستراتيجية "عش النمل" مع الحالة الليبية، وشرح بأنها "تقوم على فكرة أن النمل عندما تزداد قوة انتشاره في البيت، يكون من العسير ملاحقته والقضاء عليه، إلا إذا وجدت عشه، وإذا لم تجد العش فاصنع العش بنفسك وانتظر النمل"، وفقا لما ذكره بهلول.

وأشار إلى أن أميركا استخدمت هذه النظرية عدة مرات في مواجهة تنظيم القاعدة الذي يستحيل تتبعه، مضيفًا أنهم رأوا أن ليبيا هي الخيار الأمثل لبناء العش هذه المرة، بعد كل من أفغانستان والشيشان واليمن والصومال، بالتوازي مع سوريا كامتداد للخط العملياتي الأميركي في الشرق الأوسط.

المصدر : الجزيرة