لماذا ترفض أوكرانيا هدنة مع الانفصاليين؟

إجراءات أمنية باقية على مداخل المدن العائدة إلى السيطرة الأوكرانية
إجراءات أمنية على مداخل المدن الخاضعة لسيطرة السلطات الأوكرانية (الجزيرة نت)

محمد صفوان جولاق-أوكرانيا

في ظل حصار القوات الأوكرانية لهم وتحت الضربات المتزايدة، يقر الانفصاليون في شرق أوكرانيا بواقع جديد صعب، وخاصة في مدينة دونيتسك التي باتت أبرز معاقلهم، وهي عاصمة "لجمهورية دونيتسك الشعبية" التي أعلنوا استقلالها عن أوكرانيا أواسط مايو/أيار الماضي.

لعل هذا الواقع هو الذي دفع الانفصاليين إلى عرض وقف لإطلاق النار أمس الأول "للسماح بإدخال المساعدات ومنع تفاقم الكارثة الإنسانية، ولمواجهة النقص الحاد في المواد الغذائية والمياه والكهرباء"، كما جاء في بيان لرئيس وزراء "جمهورية دونيتسك الشعبية" ألكسندر زاخارتشنكو.

لكن أوكرانيا رفضت الهدنة من منطلق قوة كما يؤكد ساستها وقادتها العسكريون، واشترطت مجددا استسلام من وصفتهم "بالانفصاليين والإرهابيين" وتسليم أسلحتهم، وأعلن اليوم الناطق باسم مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني أندريه ليسينكو أن البلاد ستقضي على "الإرهابيين" قبل حلول الشتاء المقبل، على حد قوله.

‪مدرعات أوكرانية تشارك في التصدي لانفصاليين شرقي أوكرانيا‬ (الجزيرة نت)
‪مدرعات أوكرانية تشارك في التصدي لانفصاليين شرقي أوكرانيا‬ (الجزيرة نت)

عوامل القوة
يرى مراقبون أن عوامل القوة الأوكرانية تكمن في تقدمها على الأرض بعد استعادتها السيطرة على عدة مدن خلال الأسابيع الماضية، وحصرها للانفصاليين في دونيتسك، وسط تراجع الدور الروسي في دعمهم.

الخبير في الشؤون العسكرية ورئيس تحرير موقع "المقاومة الإعلامية" ديمتري تمتشوك قال للجزيرة نت إن "بناء الإمبريالية الروسية الجديدة فشل، وحوّل شرق البلاد إلى فوضى، ولولا التدخل المباشر وغير المباشر من قبل روسيا لما تطورت الأمور إلى ما هي عليه الآن".

واعتبر أن قوة الأوكرانيين تكمن أيضا في "روح الوطنية وعزيمة الدفاع عن الأرض والتي يفتقدها الانفصاليون ومن معهم من مرتزقة لأنهم ينفذون أجندة خارجية"، في إشارة إلى روسيا.

أربع جبهات
المركز الإعلامي لعمليات "مكافحة الإرهاب" التي أطلقتها أوكرانيا ضد الانفصاليين، نشر خريطة بينت خطة العمليات الجارية حاليا وفي مقدمتها العمل على عزل الانفصاليين عن الحدود الروسية، والتطويق الكامل لمدينة دونيتسك من جميع الاتجاهات.

كما تظهر الخريطة تدخل قوات روسية لدعم الانفصاليين في مواجهة القوات الأوكرانية بمنطقتي دونيتسك ولوغانسك.

وقال الناطق باسم العمليات فلاديسلاف سيليزنيوف للجزيرة نت إن القوات الأوكرانية تخوض قتالا في أربع جبهات رئيسية هي: دونيتسك ولوغانسك وألتشيفسك ستاخانون وتوريز سنيجاني، مؤكدا أنها ألحقت "بالمرتزقة الروس" خسائر كبيرة، وأن حالة من الذعر وخيبة الأمل تخيم عليهم بعد قطع معظم الإمدادات الروسية عنهم، وأنه لم تعد لديهم إستراتيجية موحدة للقتال".

‪خارطة نشرها مركز
‪خارطة نشرها مركز "مكافحة الإرهاب الأوكراني" لتطورات العمليات العسكرية‬ (الجزيرة نت)

رد روسيا
لكن مراقبين آخرين يرون أن في نهاية "الانفصاليين" الموالين لروسيا فصلا جديدا للأزمة، قد تكون فيه أوكرانيا في مواجهة مباشرة مع روسيا التي رفعت يدها عن مؤيديها.

سيليزنيوف أكد للجزيرة نت أن "القوات الأوكرانية لا تزال تتعرض لإطلاق نار من قبل روسيا، وتستمر محاولات مرتزقتها التسلل إلى الأراضي الأوكرانية بشكل غير قانوني تحت النار".

وأضاف "يوم أمس أطلق الروس النار من قرية مونوتسكي الروسية على مجموعات من حرس حدودنا في منطقة لوغانسك، وتعرضت نقطة تفتيش في دونيتسك لهجوم من ثلاثة اتجاهات في وقت واحد، بما في ذلك من الأراضي الروسية".

رئيس معهد التحليل السياسي أليكسي غاران قال للجزيرة نت إن "روسيا تحشد عسكريا منذ مدة على الحدود مع أوكرانيا، وهي متهمة باستهداف نقاطنا الحدودية وطائراتنا، فلا عجب أن تنتقل إلى الحرب العلنية، والكثير من المؤشرات تدل على ذلك".

وأضاف غاران أن "لروسيا تاريخا حافلا بالتخلي عن الموالين لها، وهذا ما حدث في شرق أوكرانيا، فما إن تراجع دعمها للانفصاليين حتى اندحروا سريعا، ولعلها تنوي التدخل المباشر لحفظ هيبتها، ولشغل أوكرانيا بنفسها عن إرادتها بشأن أوروبا، ولتهديد الغرب الذي دعم هذه الإرادة".

المصدر : الجزيرة