الطفل يامن.. نجا وحيدا من الموت الإسرائيلي
أيمن الجرجاوي-غزة
"آآه آآه.. ماما.. وينك يا ماما.." بهذه الكلمات القليلة يسترجع الطفل الفلسطيني يامن أبو جبر وعيه للحظات، قبل أن يغط في نوم عميق على سرير المستشفى بفعل الأدوية المسكنة التي يعطيها له الأطباء للتخفيف من حدة حروقه الشديدة التي يعاني منها جسده الضعيف جراء القصف الإسرائيلي على منزله.
صرخات الطفل المصاب يامن (4 أعوام) تردد صداها في أرجاء غرفة المستشفى، ثم ما لبثت أن عادت إليه دون مجيب، فصواريخ الطائرات الإسرائيلية التي سقطت على منزله في مخيم البريج وسط قطاع غزة قتلت والديه وجميع إخوته وجديه وأعمامه وعماته البالغ عددهم 19 شخصًا، وبقي هو وحيدًا مصابًا بجروح خطيرة.
ولم يدر يامن حتى اللحظة ما حل بأسرته جراء القصف الإسرائيلي "الهمجي" على منازل العائلة الكبيرة، ويكتفي مَن حوله عند سماع مناداته لوالدته بتهدئته ومحاولة طمأنته أنها موجودة وستأتي لزيارته في المستشفى عما قريب.
إصابة خطرة
الطفل الصغير الذي احترقت رموشه بفعل لهيب الصواريخ الإسرائيلية يعاني من كسور في القدمين واليدين وحروق في الأطراف والوجه والظهر، مع وجود شظايا وجروح قطعية في الجانب الأيسر من بطنه وصدره، كما يؤكد رئيس قسم الأطفال في مستشفى الشفاء بغزة الطبيب إسماعيل نصار للجزيرة نت.
حالة الطفل الذي تُغطي الحروق أكثر من ثلث جسده، وصفها الطبيب بالمستقرة رغم خطورتها، مما اضطر المستشفى إلى تحويله لإكمال العلاج خارج قطاع غزة، وهو ما سيتم خلال الأيام المقبلة بحسب الأطباء.
صاحب الجسد الضعيف يحاول فتح عينيه وتحريك جسده يمينًا وشمالا لكنه لا يستطيع، فيكتفي بإمالة رأسه قليلا وفتح جزء من عينيه لرؤية والدته وإدراك ما يجري حوله.
ساعة الفاجعة
ويستذكر حماد أبو جبر ابن عم والد الطفل يامن الذي يتكفل برعايته في المستشفى بعد أن فقد جميع أفراد أسرته، لحظة سقوط الصواريخ الإسرائيلية على تجمع لبيوت عائلته نحو الساعة الواحدة بعد منتصف ليل اليوم الثاني من أيام عيد الفطر (28 يوليو/تموز الماضي)، مما أدى إلى تدمير أربعة منازل بشكل كامل وتضرر العشرات بشكل جزئي.
وبعد ساعات من البحث على شهداء العائلة تحت أنقاض المنازل المدمرة، وجدت طواقم الدفاع المدني والإسعاف الجميع ما عدا الطفل يامن، فرجّحوا استشهاده وتحوله إلى أشلاء متناثرة بفعل شدة القصف الإسرائيلي، لكن أعمال البحث لم تتوقف وتكللت بالنجاح بعد يومين من القصف وعثر عليه مصابًا برعاية أحد المواطنين في مستشفى الشفاء بمدينة غزة، كما يوضح حماد للجزيرة نت.
القصف الذي طال منطقة العائلة استشهد فيه 21 شخصًا منهم 19 من العائلة واثنان من المارين في الطريق لحظة القصف. ويؤكد حماد أن جميع من استشهدوا في القصف مدنيون لا سيما الأطفال والنساء، ولا علاقة لهم بأي من فصائل المقاومة الفلسطينية.
ما حدث للعائلة دفع حماد إلى التساؤل عن بنك الأهداف الإسرائيلي في قطاع غزة، ويضيف "هل قتل الأطفال والنساء والأطفال الآمنين في بيوتهم هو بنك الأهداف؟".