ريف اللاذقية مظلم للعام الثالث

مولدة الكهرباء للميسورين وتبقى مشكلة ارتفاع أسعار الوقود
مولدة الكهرباء للميسورين وتبقى مشكلة ارتفاع أسعار الوقود (الجزيرة)

عمر أبو خليل-ريف اللاذقية

مع نهاية يوليو/تموز الحالي، تكتمل ثلاث سنوات من غياب التيار الكهربائي الذي قطعه النظام عن ريف اللاذقية الخاضع لسيطرة الثوار، حيث أخضع النظام المنطقة لظلمة قسرية من خلال فصل شبكة الكهرباء عن المنظومة المركزية.

ويقول أبو غياث أحد مقاتلي الجيش الحر للجزيرة نت "أول عقوبة فرضها النظام علينا عقب تحرير جبلي الأكراد والتركمان من سطوته، تمثلت بقطعه التيار الكهربائي، ظنا منه أننا بذلك نستسلم له، لكننا لم ولن نستسلم".

وأمام الظلمة الإجبارية لجأ سكان الريف إلى بدائل بدائية حينا ومبتكرة أحيانا لإنارة منازلهم، فاستحضروا قناديل و"لمبات الكاز القديمة" والسراج والفوانيس العتيقة التي يمكن استخدامها للتنقل ليلا.

‪هكذا يسحبون الأسلاك من بطارية السيارة لشحن بطارية الليزر‬ (الجزيرة)
‪هكذا يسحبون الأسلاك من بطارية السيارة لشحن بطارية الليزر‬ (الجزيرة)

البحث عن بدائل
كما ابتكر بعض الأهالي طرقا جديدة لتوفير الإنارة، فحولوا بطاريات السيارات إلى مولدات كهربائية صغيرة توفر الإنارة، باستخدام رافعات جهد لموازاة أمبير المصابيح، كما استخدموا الأسلاك الليزرية التي تستعمل في الزينة عادة، وهي اقتصادية، وإنارتها جيدة.

وقليل من الأهالي من كانت لديه القدرة على شراء مولدة تعمل بالمازوت أو البنزين، ومن اشترى مثل هذه المولدات لا يشغلها طويلا لأن تكلفة تشغيلها مرتفعة بسبب غلاء الوقود. ويقول الفلاح رمزي للجزيرة نت "بات حلما أن أشاهد النور في المصباح الكهربائي، فقد حرمنا النظام أساسيات الحياة، فلا نشاهد التلفاز إلا عند زيارة صديق أو في محل تجاري".

كما تحدث عن معاناة الأهالي في غسل ثيابهم وحفظ الأطعمة وتبريد ماء الشرب، خصوصا خلال شهر رمضان الماضي قائلا "ثلاثة أعوام لم تكو ثيابي، افتقدنا كل الخدمات التي تحتاج الكهرباء، بتنا كمن يعيش في القرون الوسطى".

‪شريط الليزر التزييني وسيلة للإنارة  بريف اللاذقية‬  (الجزيرة)
‪شريط الليزر التزييني وسيلة للإنارة  بريف اللاذقية‬  (الجزيرة)

جفاف
ولكن أكبر مشكلة نجمت عن قطع التيار الكهربائي تمثلت في حرمان سكان ريف اللاذقية من مياه الآبار الجوفية التي تضخ بواسطة "غاطسات" كهربائية، وعدم قدرتهم على توفير مصادر مياه بديلة، حيث تسببت بموجة الجفاف وانخفاض مستوى الينابيع وجفاف كثير منها، وباتوا يجهدون لتأمين مياه الشرب.

وأدى ذلك إلى زيادة فقر الفلاحين الذين يزرعون بعض أنواع الخضراوات، اعتمادا على مياه الآبار، وحرمانهم من مورد رئيسي للطعام، حيث كانوا يجففون ويخللون ما ينتجونه منها، كمؤونة للشتاء.

وتحدث الفلاح بكري عن معاناته مع تأمين لقمة العيش لأسرته بعد انقطاع التيار الكهربائي، قائلا إنه كان يعتمد بمعيشته على إنتاج بستانه من التفاح والقليل من الخضراوات، ولكنه خسر كل شيء حيث أحرقت قذائف النظام أشجاره، وحرم فرصة زراعة الخضراوات بسبب قطع التيار الكهربائي.

ويحمل الأهالي والمزارعون مجلس محافظة اللاذقية -إلى جانب النظام- مسؤولية الحال السيئ الذي وصلوا إليه، بسبب إهمالهم للمنطقة وسكانها، وعدم اهتمامه بشراء مولدات كهربائية توفر واحدة من أهم مستلزمات الحياة، رغم الأموال الهائلة التي وصلته من الجهات الداعمة.

ويطالب المهندس أبو وليد مجلس المحافظة ومعارضة الخارج بتأمين مولدات كهربائية فورا "وجود الكهرباء يحرك دورة الحياة الاقتصادية المتوقفة منذ ثلاث سنوات، سنتان من عمر المجلس لم يقدم فيها للريف سوى الفتات، فالريف آخر اهتماماتهم، يقيمون في شاليهات مرسين ومكاتب عنتاب المرفهة، حيث الكهرباء أمر مفروغ منه، أما كهرباء الريف المحرر لا تعنيهم، وكذلك لقمة الجياع".

المصدر : الجزيرة