بين تركيا واليونان.. الذكرى الأربعون لتقسيم قبرص

Turkish Cypriot war veterans march with Turkish and Turkish Cypriot flags, past Turkish President Abdullah Gul (back L) and Turkish Cypriot leader Dervis Eroglu, during a military parade celebrating 40 years since Turkey invaded Cyprus, in Nicosia July 20, 2014. Turkish forces landed on the island four decades ago in response to a brief Greek Cypriot coup, partitioning the island since. REUTERS/Andreas Manolis (CYPRUS - Tags: ANNIVERSARY MILITARY POLITICS)
زيارة الرئيس التركي عبد الله غل لقبرص الشمالية لاقت استياء شديدا في اليونان (رويترز)

شادي الأيوبي-أثينا
وسيمة بن صالح-أنقرة

تحل الذكرى الأربعون لتقسيم قبرص والتي تصادف يوم 20 يوليو/تموز، وسط أجواء متباينة في كل من تركيا واليونان، فبينما أكدت أنقرة استمرار دعمها لشمال قبرص، مرت الذكرى ثقيلة على أثينا التي شهدت تجمعات ومهرجانات شعبية وأكاديمية لمناقشة الحدث وآثاره.

ففي تركيا، لم تشهد البلاد أي احتفالات أو ترتيبات رسمية بهذه المناسبة، باستثناء مؤتمر صحفي عقده رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان أكد فيه استمرار "الوطن الأم تركيا" في دعم شمال قبرص في جميع المجالات، والحرص على توفير الرفاهية والتطور لشعبها. كما عبر عن تفاؤله بالتوصل إلى حل قريب للقضية القبرصية.

ووصف أردوغان جمهورية شمال قبرص التركية بالدولة المثالية التي تمكنت عبر الديمقراطية وسيادة القانون أن تشهد نموا اقتصاديا خلال السنوات العشر الأخيرة، رغم "القيود والعراقيل غير العادلة" التي تواجهها.

وكان لافتا أيضا زيارة الرئيس التركي عبد الله غل لشمال قبرص لنفس المناسبة. كما أن مركز الصور والأفلام في مقر قيادة القوات المسلحة التركية، نشر للمرة الأولى صورا لعملياتها العسكرية في قبرص.

‪الرئيس القبرصي اعتبر أن أربعين سنة‬ (الجزيرة)
‪الرئيس القبرصي اعتبر أن أربعين سنة‬ (الجزيرة)

ذكرى ثقيلة باليونان
أما في اليونان، فقد حلّت الذكرى ثقيلة على أثينا حيث أفردت لها الصحافة اليونانية العديد من المقالات والتحليلات، وهاجمت زيارة غل لشمال قبرص واعتبرتها استفزازاً غير مقبول.

كما تنظم جامعات ومؤسسات مجتمع مدني من قبرص واليونان خلال الفترة من 17 حتى 24 يوليو/تموز الجاري عدة تجمعات شعبية وأكاديمية تناقش القضية القبرصية وتحتفي باليونانيين الذين أسهموا في الصراع ضد الوجود الإنجليزي ثم التدخل التركي في الجزيرة.

ونقلت صحيفة "توفيما" اليومية عن الرئيس القبرصي نيكولاس أناستاسياذيس قوله إن "أربعين سنة من الاحتلال (التركي) كثيرة"، معتبراً أن من مصلحة جميع الأطراف -بما فيها تركيا- أن تدرك أن حل القضية القبرصية لمصلحة مجموع الشعب القبرصي.

وأضاف أناستاسياذيس متطرقاً إلى زيارة غل لشمال قبرص إن "الاستفزازات لا تسهم في الأمور التي تدعو إليها تركيا علانية".

من جهتها، قالت صحيفة "كاثيميريني" إن زيارة الرئيس القبرصي أناستاسياذيس لأثينا يوم 28 يوليو/تموز الجاري ستعيد القضية القبرصية إلى الواجهة، مضيفة أن آفاق الحل تصطدم بالتصلب التركي.

ونقلت الصحيفة عن مصادر دبلوماسية يونانية وأميركية وقبرصية تقديرها أن ظهور بوادر حل للقضية القبرصية لن يكون قبل سبتمبر/أيلول المقبل، موعد الانتخابات الرئاسية في تركيا.

واعتبرت أن كلمة السر في حصول تقدم في القضية هو قبول أنقرة بتطبيق كامل للمكتسبات الأوروبية في قبرص، وبهذه الطريقة يمكن حل القضايا العالقة مثل الممتلكات والأراضي وانتقال وسكن المواطنين القبارصة.

‪العمليات العسكرية لتركيا بقبرص ردا‬  (الجزيرة)
‪العمليات العسكرية لتركيا بقبرص ردا‬  (الجزيرة)

القضية القبرصية
وتعد القضية القبرصية من أقدم القضايا المطروحة على الأمم المتحدة، والأحدث في الصراعات التاريخية بين تركيا واليونان. فقد قسمت الجزيرة المتوسطية عام 1974 حين أمر رئيس الوزراء التركي آنذاك بولنت أجاويد قوات الجيش بالتدخل عسكريا في قبرص، ردا على انقلاب على الرئيس المنتخب مكاريوس قام به قوميون قبارصة يونانيون بأمر من أثينا بهدف ضمها إلى اليونان.

وتم الإعلان عن إنشاء جمهورية شمال قبرص التركية يوم 15 نوفمبر/تشرين الثاني 1983، لكنها لا تحظى إلا باعتراف تركيا، بينما تحظى قبرص اليونانية باعتراف المجتمع الدولي بأجمعه وهي عضو في الاتحاد الأوروبي.

وكان الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان قد قدم خطة لتوحيد الجزيرة عام 2004، لكن حكم عليها بالفشل عندما رفضها القبارصة اليونانيون بنسبة 75%، في حين وافق عليها القبارصة الأتراك بنسبة 65%.

كما أن جولة مفاوضات السلام التي تدعمها الأمم المتحدة بهدف تشكيل اتحاد فدرالي بين قبرص التركية وقبرص اليونانية، توقفت في مارس/آذار 2011 بسبب الإخفاق في الاتفاق بشأن قضايا مثل تقاسم السلطة وحقوق الممتلكات والأراضي.

لكن القادة القبارصة الأتراك والروم اتفقوا يوم 11 فبراير/شباط 2013 على "إعلان مشترك" يمهد لاستئناف المفاوضات لتسوية الأزمة بينهما، في خطوة لإحياء المفاوضات تحت رعاية الأمم المتحدة وبمبادرة من زعيمي القبارصة اليوناني نيكوس أناستاسياذيس والتركي درويش أر أوغلو.

وإضافة إلى تعقيدات القضية التاريخية، جاءت قضايا مستحدثة -مثل اكتشاف كميات من الهيدروكربونات، ودخول إسرائيل وشركات أميركية على الخط، وبروز تحالف يوناني قبرصي إسرائيلي في وجه تركيا- لتضيف المزيد من التعقيدات والإشكاليات.

المصدر : الجزيرة