مؤسسة وحيدة تغيث نحو مليون نازح بالعراق

عمليات الاغاثة للنازحين العراقيين - مؤسسة بارزان
مؤسسة بارزان الخيرية تعمل لوحدها على إغاثة لاجئي العراق وسوريا بإقليم كردستان (الجزيرة)

لقاء مكي-أربيل

حتى الآن، لم تجد النداءات الخاصة بالنازحين إلى إقليم كردستان العراق صدى حقيقيا لدى منظمات الإغاثة والمؤسسات الدولية والإقليمية المعنية، ورغم أن عدد النازحين يتجه نحو المليون نازح، فإن كل هؤلاء لا تخدمهم غير منظمة إغاثية واحدة، تتحمل أيضا مهمة إغاثة وخدمة 250 ألف لاجئ سوري لجأوا إلى الإقليم في المراحل الماضية، وذلك فضلا عن مهمات إغاثية ثابتة دائمة تتعلق بآلاف من اليتامى والأسر الفقيرة.

واللافت أن مؤسسة بارزان الخيرية لا يبدو عليها أنها ضخمة الحجم ورأس المال لتكون قادرة على خدمة كل هذه الأعداد من اللاجئين والنازحين، فعدد العاملين الثابتين فيها لا يتجاوز المائة شخص، لكنها مع ذلك فتحت مكاتب لها في مختلف أنحاء الإقليم، وتمكنت من تحقيق منجزات مهمة حيث تخلت السلطة المركزية عن مهماتها، ولم نجد ما يشير إلى اكتراث إقليمي أو عالمي بمصير هؤلاء.

ويؤكد رئيس المؤسسة عزيز شيخ رضا أن هذه الموجة من النازحين فاجأتهم تماما، حيث دخلت مناطق الإقليم بشكل مفاجئ أعداد كبيرة من الهاربين من المعارك، حتى بلغوا خلال أقل من أربعة أسابيع مئات الألوف في مناطق مختلفة تنتشر في ست محافظات، وقد كان على مؤسسة بارزان أن تقدم يد العون لكل هؤلاء من غير أي دعم حكومي.

وأضاف للجزيرة نت أن المؤسسة لا تعمل فقط على توفير الدعم والمساعدات وتوزيعها، بل هي أيضا الجهة المنظمة لمساهمات أطراف دولية وإقليمية، مشيرا إلى مساهمات لمنظمات الأمم المتحدة والهلال الأحمر الإماراتي، ومنظمة الإغاثة الإسلامية، قائلا إن كوادر المؤسسة ومكاتبها هي التي تقوم بتنظيم توزيع أية مساعدات تأتي من الخارج.

من جانبه، قال مدير العلاقات العامة والإعلام إبراهيم سمين إن جهود المؤسسة تنصب الآن على محاولة توسيع دائرة المستفيدين من المساعدات لتشمل مخيمات جديدة، تتزايد باستمرار، وتوفير خيم بشكل عاجل.

وأشار سمين إلى أن المؤسسة تسعى لخدمة وإغاثة النازحين من مناطق القتال داخل العراق من غير أن تخل بالتزاماتها الأخرى، ومنها تقديم المساعدات لنحو 250 ألف لاجئ سوري يقيمون داخل مخيمات في كردستان العراق، وكذلك دعم 12 ألف أسرة فقيرة، وست أسر نازحة من الأنبار، فضلا عن مساعدات مادية منتظمة لنحو عشرة آلاف يتيم.

عائلات عراقية فرت من القتال الدائر بتلعفر إلى مخيم للاجئين بضواحي أربيل(رويترز)
عائلات عراقية فرت من القتال الدائر بتلعفر إلى مخيم للاجئين بضواحي أربيل(رويترز)

مساعدات
ومضى مسؤول قسم المساعدات بالمؤسسة إسماعيل عبد العزيز إلى أبعد من ذلك بالقول إن مساهمات المؤسسة تعدت توفير الخيم والطعام والماء والملابس واللوازم المنزلية الأساسية، إلى بعض متطلبات الراحة مثل وسائل التبريد، وكذلك الرعاية الصحية من خلال أطباء متطوعين يعملون طوال الوقت داخل المخيمات، إلا أن عملهم يقتصر على العلاج الأولي، كما أنهم يفتقرون لسيارات الإسعاف.

لكن الصورة العامة ليس وردية تماما كما توحي بذلك جهود هذه المؤسسة، فمشكلة النازحين أكبر من قدراتهم، لا سيما وأنها تكبر بشكل سريع، كما تتوسع المساحة الجغرافية لانتشار النازحين التي باتت توزع على ست محافظات، مما يجعل المهمة أصعب على مؤسسة وحيدة لا تجد دعما حكوميا ملموسا، بل إنها باتت تسمع بفتح مخيمات جديدة للنازحين من وسائل الإعلام، وليس من خلال جهد منظم للإدارة الحكومية.

وفي ذلك يقول رئيس مؤسسة بارزان إنهم سمعوا من خلال قناة الجزيرة بوجود مخيمات جديدة للنازحين في محافظة ديالى، وتحديدا في المناطق التي سيطرت عليها قوات البشمركة في خانقين، ومناطق أخرى، مشيرا إلى أنهم اتخذوا إجراءات سريعة، وأن المساعدات ستصل خلال وقت قصير.

وبعد اتصال مع مراسل الجزيرة بالمنطقة لمعرفة خارطة انتشار النازحين، فاجأني مسؤول قسم المساعدات حينما قال إنهم تحققوا سريعا من وجود نحو 5200 عائلة نازحة، وكان ذلك متفقا مع تقديرات مراسل الجزيرة أيوب رضا الذي بادر قبل غيره في كشف معاناة النازحين. 

ورغم كل هذه الجدية والجهود المحترفة، فإن هناك مشكلات تتعدى قدرات المؤسسة أو حتى صلاحياتها، ومن ذلك مشكلة آلاف العالقين على المعابر التي أغلقتها سلطات إقليم كردستان لأسباب تتعلق بالضغوط التي باتت تشكلها مشكلة النازحين، رغم أن هذه السلطات تنصح طالبي العبور بالتوجه نحو مخيمات النزوح التي تكون قريبة في العادة.

وفي غمرة كل هذه المأساة التي لا يمكن أن يستوعب آلامها وتداعياتها غير من يتعامل معها بشكل مباشر، تبدو السلطات المركزية في بغداد بعيدة تماما عن جهود إغاثة مواطنيها، حيث لم توجد أية منظمات حكومية أو أهلية في مخيمات اللاجئين، كما أن مبلغ النصف مليار دولار الذي وعدت الحكومة بتوفيره لعمليات الإغاثة لا يزال مجرد حبر على ورق، ولا يزال الحديث في بغداد يدور عن "ضرورة صرفه بسرعة من قبل وزارة المالية".

وذلك من غير أن يكون للمؤسسات العراقية الأخرى مثل الهلال الأحمر العراقي أو الجهات الحكومية في بغداد أي دور أو مساهمة.

المصدر : الجزيرة