جدل بشأن وثيقة تسليم السلطة للسيسي
يوسف حسني
وجاء في الوثيقة "باسم الشعب صاحب السيادة ومصدر السلطات ومفجر ثورة يناير وما حملته من طموحات ويونيو المكلمة التي صوبت المسار، واستعادت الوطن وتنفيذا للاستحقاق الثاني لخريطة الطريق وبناء على قرار اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية بإعلان فوز المشير عبد الفتاح السيسي في الانتخابات الرئاسية الأخيرة وعقب أداء اليمين الدستورية، تسلم الرئيس المنتخب عبد الفتاح السيسي مقاليد السلطة في البلاد من المستشار عدلي منصور رئيس الجمهورية المؤقت المنتهية رئاسته".
ورغم إشادة كثير من السياسيين والقانونيين والإعلامين بالحدث الذي وصف بالـ"تاريخي"، فإنه لم يخل من جدل قانوني وسياسي، فقد شكك خبراء دستوريون في صحة الوثيقة، فيما اعتبره سياسيون تقليدًا رمزيًا جيدًا وإن شابته بعض العيوب.
وكان الفقيه الدستوري محمد نور فرحات، أول من أبدى اندهاشه من الوثيقة التي تحدثت عن نقل السلطة بشكل مطلق ولم تأت على أي ذكر للدستور.
اندهاش
وكتب فرحات -المعروف بتأييده للسيسي- على صفحته على فيسبوك "اندهشت من أنه لم يرد في وثيقة تسليم السلطة ذكر للدستور الذي هو أساس تنظيم السلطات في مصر، وأيقنت أن كاتبها ليس برجل قانون، ثم اندهشت أكثر عندما تذكرت أن الدستور لا يعرف تعبير السلطة مجردة دون إضافة أو وصف إلا مقرونًا بالشعب، فالسلطة للشعب والسيادة للشعب".
وتابع "لا توجد في النظم السياسية الدستورية كلمة السلطة مجردة، بل تعرف دساتير هذه النظم سلطات ثلاثا منفصلة ومتعاونة وهي "التشريعية، والقضائية، والتنفيذية"، ولا يوجد مفهوم السلطة المجردة إلا في النظم الشمولية أو السلطوية".
واختتم قائلا "إن رئيس الجمهورية بالقطع ليس رئيسًا للسلطة التشريعية أو القضائية، بل هو حسب الدستور رئيس للسلطة التنفيذية، ولو أخذ رأيي لاقترحت تسميتها بوثيقة تسلم الحكم أو وثيقة تسلم المسؤولية".
بدعة
أما أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة الدكتور ثروت بدوي، فوصف الوثيقة بالـ"بدعة"، وقال -في تصريح للجزيرة نت- إن الوثيقة "يراد بها إيهام الناس بأننا أمام نظام جديد يتم فيه نقل السلطة ممن كانت بيده السلطة إلى من آلت اليه بعد عملية انتخابية".
وأضاف أن هذا العمل مجرد حركة إعلامية للقول بأن السلطة تنتقل من شخص لشخص آخر بطريقة سلمية، والحقيقة أن السيسي هو الذي عين المستشار عدلي منصور رئيسا للجمهورية ثم أعاد منصور الأمانة لمن سلمه إياها، وفق تصوره.
وتابع حديثه قائلا "إن السلطة ملك للشعب ويجب أن تنقل بناء على إرادة الشعب، ووفق الدستور الذي وضعته الجمعية المنتخبة من الشعب، ومن ثم فلا مجال للاعتراف بكل ما عدا ذلك".
وأوضح أن رئيس الجمهورية "ليس رئيسًا للسلطة التنفيذية، وإنما هو رئيس للدولة ومهمته العمل على الفصل بين السلطات".
وخلص إلى أن كثيرًا من الأنظمة اتبعت هذه الطريقة، وبغض النظر عن كونها أنظمة جمهورية أو ملكية أو إمبراطورية، فإنها "سعت لإقامة نظام دائم، حيث كانت تحتفي هذه الأنظمة بعيد الجلوس الملكي أو الجمهوري، ويمنح الشعب إجازة رسمية احتفاء بهذا العيد، وهو ما قام به النظام الجديد".
احتفالية
وفي الجهة المقابلة أثنى محمود إبراهيم -عضو حملة المرشح الرئاسي السابق أحمد شفيق– على الوثيقة، ووصف -في تصريح للجزيرة نت- مشهد توقيعها بالـ"مبشر"، مؤكدًا أن المصريين "سيشعرون بقيمتها بعد انتهاء فترة السيسي الرئاسية".
وأوضح أن الوثيقة تمثل مشهدًا احتفاليًا، ومن ثم فإن وجود بعض العيوب في نصها لا ينال من شرعيتها، لافتًا إلى أن نقل السلطة هو أحد بنود الدستور.
وأشار إلى أن توقيع الوثيقة فيه رسالة بأن مصر ماضية في طريقها، بغض النظر عن من يزعمون أن الرئيس المعزول محمد مرسي لم يوقع قرار تنازل عن السلطة.
أما عضو جبهة الإنقاذ ياسر الهواري فيعتقد أن تسليم السلطة على هذا النحو غير المعهود بالنسبة للمصريين، يعد خطوة جيدة، بغض النظر عن القبول بالمسألة من عدمه، وأعرب -في تصريح للجزيرة نت- عن أمله في أن يتكرر المشهد في السنوات المقبلة.