مخيمات داداب بكينيا.. العيش على هامش الحياة

مخيمات داداب .. العيش على هامش الحياة
الظروف الصعبة بالمخيم حدت بمنظمات عاملة في مجال الصحة أن تعرب عن تخوفها (الجزيرة)

محمد الطيب-مخيم داداب

تتخذ معاناة اللاجئين المقيمين في مخيم داداب بكينيا، أشكالا مختلفة جعلت حياتهم مهددة وعرضة لتفشي الأمراض مما جعل بعضا منهم يتمنى الموت، وسط مخاوف من تردي أوضاعهم الصحية نظرا لقلة الوعي وسوء ظروف الإقامة.    

ووصل اليأس باللاجئ الصومالي خضر آدم (85 عاما) المقيم في أحد مخيمات داداب شمالي شرقي كينيا إلى حالة جعلته ملازما بيته رافضا الذهاب إلى أي طبيب أو عيادة، وبدا واهنا ضعيفا فإجهاد المرض وتقادم العمر حفرا على وجهه وجسمه أخاديد وتعرجات بارزة، وما يزيد ألمه خاصة أن "آلام صدره وحلقه لم تبارحه منذ خمس سنين خلت".

آدم حكى للجزيرة نت أنه ما ترك مستشفى في مخيم داداب إلا وزاره، ولم تكتب له وصفة طبية أو علاج إلا وجربه، لكن ذلك لم يغن عنه شيئا وبات يتمنى أن يستريح من أوجاعه إلى الأبد بقوله "أتمنى الموت على أن أعيش بهذه الآلام المبرحة".

غير أن طبيعة بيوت المخيم المبنية من الخشب والمغطاة بالقماش تبدو واهنة، لا تحمي إلا من هجير الشمس. فالحياة تقليدية خالية من أي أشكال الوقاية والحذر، ومن السهل هنا أن تجد الأمراض طريقها إلى الناس دونما كبح أو احتواء.

كل هذه الظروف الصعبة حدت بمنظمات عاملة في مجال الصحة بالمخيم إلى أن تعرب عن تخوفها من انتشار الأمراض المعدية وأمراض الجهاز التنفسي نتيجة الازدحام وتردي البيئة الصحية.

‪مخاوف من إنتشار الأمراض بين اللاجئين‬ (الجزيرة)
‪مخاوف من إنتشار الأمراض بين اللاجئين‬ (الجزيرة)

تدهور وجهل
ويقول المشرف على المستشفى الموظف في الصليب الأحمر الكيني روبرت بيث "إن أغلب الأمراض المنتشرة هي أمراض ناجمة عن تدهور البيئة والجهل بقواعد الصحة".

وأضاف أن "المرض هو حالة شائعة في مخيمات داداب لكنه في الأغلب يترصد كل النحفاء ولا سيما الأطفال، فالأماكن التي يتخذونها مسرحا للهو واللعب تبدو متسخة تتصيد فيهم ثغرات وهنهم وقلة مناعتهم".

ويعيش نحو 355 ألف لاجئ في المخيمات، حيث تتوزع احتياجاتهم العلاجية بين ست مستشفيات وعيادات طبية تشرف عليها منظمات دولية مختلفة في المخيم، وتبدو البيئة الداخلية للمستشفى مقبولة ومهيأة لاستقبال المرضى وقابلة أيضا لإجراء عدد من العمليات الجراحية البسيطة والمتوسطة.

ويقول الطبيب عبد الرحمن علي -العامل في أحد أكبر مستشفيات المخيم- للجزيرة نت "إننا نستقبل يوميا أكثر من مائتي حالة سواء كانت للعيادات الخارجية أو حالات تستلزم أن يبقى المريض في المستشفى".

الطبيب روبرت بيث:
الناس لا

ويضيف الطبيب "نحن نبذل كل جهدنا من أجل تقديم خدمات جيدة، كما أننا نستعين بأخصائيين من العاصمة نيروبي في برنامج الأسابيع الصحية".

مشهد مؤلم
في قسم الأطفال في أحد مستشفيات المخيم يبدو المشهد أكثر إيلاما، فالأطفال يعانون مرض سوء التغذية وجفافا غيّر ملامحهم البريئة.

ويقول بيث "إن الناس لا يراجعون الطبيب إلا عندما تصل حالتهم مرحلة حرجة جدا، وهذا أمر خطير"، ويضيف "نحاول أن نعلمهم أدبيات الصحة والوقاية لكننا لم نفلح في ذلك ليس لدينا وسائل للتوعية".

في هذا المخيم يعيش معظم اللاجئين أوضاعا مادية صعبة فلا عمل ولا مال في يد أحدهم حتى ينفقه فيما يلبي احتياجاته، وعلى الرغم من أن المستشفيات تقدم خدماتها مجانا ومن دون مقابل، فإن المعضلة التي تواجه اللاجئين -بحسب روبرت بيث- هي بيئة المخيم الخالية من قواعد الصحة فضلا عن جهل الناس وقلة الوعي الصحي وهما أمران في حالة وقوع وباء من شأنهما أن يحولا الوضع إلى كارثة.

المصدر : الجزيرة