غزة تترقب قطف ثمار حكومة التوافق
أحمد فياض-غزة
ولعل ما لف أجواء التشاور بشأن الحكومة بين طرفي الانقسام الرئيسيين -حركتي التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) والمقاومة الإسلامية (حماس)- من شد وجذب وخلافات امتدت حتى اللحظات الأخيرة قبيل الإعلان عن تشكيل حكومة التوافق، أصاب الفلسطينيين عموماً والغزيين خصوصاً بدرجات متفاوتة من الإحباط والخشية من عدم نجاح الحكومة الجديدة في أداء مهامها، وصعوبة إنهاء الانقسام وتبعاته السلبية الممتدة لأكثر من سبع سنوات.
ومع ذلك يحدو سكان قطاع غزة الأمل أن تتمكن حكومة التوافق من رفع المعاناة والحصار وفتح المعابر، وإطلاق العنان لعجلة الاقتصاد للتحرك بما يحد من نسبتي البطالة والفقر المتزايدتين في السنوات الأخيرة بمعدلات كبيرة.
وغير بعيد عن موقف الشارع الفلسطيني في غزة الذي يترقب ثمرة حكومة التوافق، تنظر الفصائل الفلسطينية -التي ليست طرفاً في الانقسام- بعين الريبة إلى خطوة تشكيل حكومة التوافق، في ضوء ما لف تشكيلها من جهة، واعتراف الحكومة بإسرائيل وشروط الرباعية من جهة أخرى.
رفع المعاناة
وفي الوقت الذي رفض فيه عدد من ممثلي الفصائل التعقيب لمراسل الجزيرة نت عن مواقفه حيال أهمية خطوة تشكيل الحكومة وانعكاسها على القضية الفلسطينية، بدا آخرون متحفظون في أحاديثهم، واقتصر تركيزهم على ما يتمنونه من الحكومة على صعيد حماية حقوق الشعب الفلسطيني ورفع المعاناة عنه.
يقول عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي نافذ عزام "إن الأهم بالنسبة إلينا هو أن تعمل هذه الحكومة على حماية حقوق الشعب الفلسطيني، وأن تبذل جهدها للتخفيف من معاناته".
وأضاف في اتصال هاتفي مع الجزيرة نت أن تشكيل الحكومة يمثل خطوة على طريق طويل، لافتاً إلى أن حركة الجهاد تؤيد كل جهد يبذل من أجل تحقيق المصالحة بين الفلسطينيين، بالنظر إلى الملفات الكبيرة التي تحتاج إلى التوافق حولها، وعلى رأسها ملف إعادة هيكلة منظمة التحرير الفلسطينية.
ورحب عزام باتفاق المصالحة، لكنه رأى أن التحديات لا تزال كبيرة أمام الفلسطينيين الذين عليهم أن يبذلوا كل جهد لحماية المقاومة وسلاحها.
سؤال المستقبل
من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي مؤمن بسيسو إن الإعلان عن تشكيل حكومة التوافق يعتبر إيذاناً بانتهاء مرحلة سوداء في تاريخ الشعب الفلسطيني، "وهي خطوة مهمة على طريق إنهاء الانقسام".
وأضاف أن المرحلة المقبلة ستكون فترة اختبار لطرفي الانقسام في ما يتعلق بإنجاز بقية ملفات المصالحة وتفكيك عقد الانقسام.
وبشأن مستقبل حركة حماس بعد حكم غزة أكثر من سبع سنوات، قال بسيسو إن الحركة على مفترق طرق خطير، انطلاقاً من صعوبة تمييزها خلال الفترة الماضية بين الخطوط الفاصلة ما بين مرحلة بناء السلطة والدولة وبين مرحلة التحرر الوطني، ودخلت في تعقيدات كبيرة.
واعتبر بسيسو أن ما مرت به حماس خلال الفترة الماضية أثر على مسيرتها وأثر على سياستها وتسبب في تراجع شعبيتها، مشيراً إلى أن الحركة مطالبة بالإجابة عن سؤال المستقبل المتعلق بكيفية عبورها المرحلة القادمة.
وتابع أن حركة حماس مطالبة بالعودة إلى مربع التحرر الوطني، لأن مرحلة الحكم والسلطة التي خاضت الحركة غمارها طيلة السنوات السبع الماضية فشلت بوضوح، مشيراً إلى أن القضية الفلسطينية لم تعش فترات أسوأ مما عاشته طيلة الأعوام الماضية.
ودعا الحركة إلى استخلاص العبر بشكل دقيق، والمباشرة بإجراءات عملية وتدريجية تقودها إلى الانخراط الفعلي في مسار التحرر الوطني.
وأضاف بسيسو أن مراهنة حماس على النظام السياسي الفلسطيني وإمكانية مشاركتها مستقبلاً في الحكم سيكون كفيلاً بإرجاعها إلى الوراء، حسب رأيه.