دميانوس قطّار.. اقتصادي على أبواب رئاسة لبنان

مقابلة مع مرشح الرئاسة اللبنانية / دميانوس قطار
قطار للجزيرة نت: يجب أن تكون لدينا قوة ردع لأي اعتداء مباغت (الجزيرة)

علي سعد-بيروت

يندر أن تجد لبنانيا لديه مشكلة مع المرشح لرئاسة الجمهورية دميانوس قطّار، فالرجل -عدا عن كونه هادئا يمارس السياسة من باب القناعات الفكرية بعيدا عن الطائفية والكيدية والانحياز- صاحب إطلالات جذابة تشدك للاستماع إليه، خصوصا إذا ما تعلق الموضوع بطريقة إدارة الدولة اقتصاديا وماليا.

باب قطّار نحو السياسة فُتح عام 2005 عندما تولى منصب وزير المالية في ظروف صعبة جدا أمنيا وسياسيا في حكومة نجيب ميقاتي التي كانت مهمتها حينها إنجاز الانتخابات النيابية، ودامت ثلاثة أشهر فقط، لكنها كانت كافية لقطار ليبني علاقة طيبة مع الجمهور، ويذيع صيته كخبير مالي مخضرم ومتحدث اقتصادي مقنع.

قدرة قطار على تبسيط الأمور الاقتصادية والمالية المعقدة، وتقديم الحلول الناجعة المستقاة من نزعته الليبرالية، تنسحب على رؤيته السياسية لكيفية إدارة البلد في حال قُدر له أن يكون رئيسا للجمهورية. خططه الكثيرة لا تكفيها ست سنوات للتطبيق، لكن الحكم بالنسبة إليه استمرارية، ولا مانع من البناء والاستمرار في البناء.

أولويات أساسية
ورغم أن الاقتصاد يغلب على معظم حديثه، فإنه يؤكد أن أولويته ستكون لعنوانين أساسيين: موازنة البلد التي فيها مكافحة الفساد عبر رؤية شاملة "غير كيدية"، ثم الأمن. حيث يمكن -باعتقاده- من هنا مواصلة بناء البلد حيث توقف.

بعد الموازنة والأمن، سيعمل قطّار على تفعيل سياسة الجوار الأوروبية لتصل حد الشراكة، ثم إعادة ثقة واستثمارات الدول العربية، والعمل على شراكة القطاع الخاص والعام والبنى التحتية وتعزيز إنتاج المناطق، مما يفتح باب تعزيز اللامركزية الموسعة، قبل أن نصل إلى فتح باب اعتمادات النفط والغاز.

دميانوس قطار متحدثا إلى الجزيرة نت (الجزيرة)
دميانوس قطار متحدثا إلى الجزيرة نت (الجزيرة)

يدرك قطّار جيدا دور رئيس الجمهورية ومهمته في نظام برلماني قائم على التعاون بين السلطات الثلاث، من هنا يرى في حديثه للجزيرة نت ألا ركيزة لمواصفات المرشح. الرئيس هو عنصر أساسي في آلية اتخاذ القرار ولديه خمسة أدوار إستراتيجية هي: مرجعية للطوائف، وتحفيز للقرار، ورؤيته التي تدفع باتجاهات معينة، وتوازن لتفاعل السلطات، ودور رقابي فعال.

يأمل أن يتوصل رؤساء الأحزاب والتيارات إلى رئيس من بينهم يسمح بكسر الاصطفاف بين قطبي 8 و14 آذار، وفضلا عن ذلك البحث عن آلية تخفف من حدة الصراع لصالح إنتاج الدولة، وتعالج إفرازات الاصطفاف الذي أدى إلى تدهور الوضع في السنوات العشر الماضية، معتبرا أن لبنان لا يحتمل عشر سنوات أخرى في المسار نفسه.

الوضع الاقتصادي
ويعيش لبنان وضعا اقتصاديا صعبا يزيد من تفاقمه الأزمة في سوريا وانعكاساتها السياسية والأمنية على لبنان، والانقسام اللبناني حولها المتمثل بدعم 14 آذار للثورة السورية ومشاركة حزب الله في القتال إلى جانب النظام. بينما أمّنت الحكومة الأمن مع انحسار موجة التفجيرات التي اجتاحت مناطق مختلفة والمعارك في طرابلس.

وبناء عليه، يعتبر قطّار أن كل مواقع الدولة في الفترة القادمة يجب أن يكون فيها فكرا اقتصاديا يعيد دفع الوضع الاقتصادي بالترافق مع هدوء سياسي واستراحة أمنية.

في رؤيته الواقعية للوضع اللبناني، لا يريد قطّار أدوات مباشرة كوزراء أو نواب لتنفيذ رؤيته، مشددا على أن الأولوية هي إرساء هيكلية عمل على مستوى الحكومة بدل الحصول على وزراء محسوبين عليه، لأن تنفيذ رؤيته لن يعتمد على صراع عددي. ويرى أن الرئيس الذي سينتخب سيتم ذلك بناء على توجه معين وضعه مسبقا، وبما أنه لا بد أن ينتخبه جميع الأطراف فهذا سيكون الدافع الأهم الذي سيحتاج إليه.

قطّار يطمح إلى مد خط سكة حديدية إلى الأرياف الجزيرة)
قطّار يطمح إلى مد خط سكة حديدية إلى الأرياف الجزيرة)

يطمح قطّار إلى تفعيل عمل الأرياف عبر وصلها بمراكز القرار السياسي والاقتصادي في العاصمة، بواسطة شبكة سكك حديدية تقصر المسافات. لا يريد من سياسته هذه سحب مركزية القرار من بيروت ولكن التخفيف من حدتها.

معضلة السلاح
لكن كل ما سبق تبدو أمورا في مرتبة ثانية أمام معضلة الانقسام اللبناني حول سلاح حزب الله ومشاركته في الحرب السورية.

يبني قطار فلسفته في هذا الإطار على ضرورة انسحاب حزب الله تدريجيا من سوريا إلى الحدود اللبنانية، والعمل على إستراتيجية دفاعية مبنية على تدعيم الجيش اللبناني على الحدود، ومن ورائه قوة ردع مدنية من الأهالي في القرى المتاخمة، وخلفها إستراتيجية دفاعية بقرار مركزي لدى الدولة اللبنانية.

ويضيف يجب أن يكون لدينا قوة ردع مباغتة لأي اعتداء مباغت، والقرى الحدودية بات لديها رصيد في هذا الموضوع لا يجب أن نفرط فيه، بل أن نحافظ عليه بردة فعل، في ما يصر على ضرورة مركزية القرار بعد رد الفعل.

وعن طاولة الحوار، يرى قطّار أن الحوار ليس حالة دستورية بل آلية استخدمها الرئيس ميشال سليمان بعدما بدأ بها رئيس مجلس النواب نبيه بري كاستمرار لتخفيف التشنج خاصة عند تعطيل الحكومات، معتبرا أن البلد بحاجة إلى أكثر من حوار، على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

المصدر : الجزيرة