ناريندرا مودي.. نجاح اقتصادي وإخفاق طائفي

India's main opposition Bharatiya Janata Party's prime ministerial candidate Narendra Modi addresses an election rally in Kolkata, india, Wednesday, May 7, 2014. The multiphase voting across the country runs until May 12, with results for the 543-seat lower house of parliament expected on May 16. (AP Photo/ Bikas Das)
مودي نجح في انعاش الاقتصاد بولاية غوجارات لكنه يواجه انتقادات بسبب موقفه خلال الاضطرابات الطائفية عام 2002 (أسوشيتد برس)

ما بين إشادات بنجاحه الاقتصادي أثناء رئاسته حكومة ولاية غوجارات منذ عام 2001، وانتقادات وتخوفات من قِبل أقليات هندية أبرزها المسلمون، جاء فوز زعيم الحزب القومي الهندوسي (بهاراتيا جاناتا) ناريندرا مودي بالانتخابات العامة بالهند ليشكل سابقة منذ ثلاثين عاما.

واستطاع مودي -صاحب ثلاثة وستين عاما وابن بائع شاي- كسب قطاعات واسعة في الحملة الانتخابية التي قادها بنجاح. فقد ركز خلالها على تقديم نفسه كقائد قوي قادر على تحريك الاقتصاد الهندي، متغاضيا عن ماضيه كزعيم قومي هندوسي مثير للجدل. ويتوقع الناخبون الكثير بعد الحملة التي سلطت الضوء على حصيلة مودي الاقتصادية في ولاية غوجارات التي يديرها منذ 2001.

ويجسد مودي الجناح المتشدد في حزبه بهاراتيا جاناتا ويثير عدم ثقة حتى لدى البعض من أعضاء الحزب.

ومودي الذي يمارس رياضة اليوغا بانتظام ويعتمد نظاما غذائيا نباتيا، تلقى الأيديولوجية القومية الهندوسية في أيام شبابه حين انضم إلى راشتريا سوايامسيفاك سانغ (المنظمة القومية الطوعية) التي تعتمد أساليب شبه عسكرية.

وهذه المنظمة التي تتبنى مفهوما متصلبا للثقافة الهندوسية، حظرت عدة مرات منذ الاستقلال، وغالبا ما يبدي قادتها موقفا عدائيا حيال المسلمين -أكبر أقلية دينية في الهند- واتهم بقيادة جماعات هندوسية عام 1992 هدمت مسجد أيوديا وشيدت مكانه معبدا هندوسيا.

وخلال الحملة الانتخابية هاجم مودي على الدوام عائلة غاندي التي تتزعم حزب المؤتمر الذي يحكم البلاد منذ عشر سنوات، ووعد بمكافحة الفساد بعد عدة فضائح أضعفت الحكومة في السنوات الماضية.

ومودي خطيب لامع يتكلم باللغة الهندية ويتجنب الإنجليزية التي يعتبرها لغة نخب نيودلهي. ويبقى الغموض يحيط بحياته الخاصة، فهو لم يقبل أبدا بزواج مدبر من قبل والديه خلال شبابه ويقيم وحيدا في منزله في غوجارات ويعتز بمجموعته من العصافير.

وقد أمضى في شبابه عدة سنوات في الهيملايا في رحلة استكشاف وتأمل قبل أن ينخرط في السياسة.

يواجه مودي انتقادات كثيرة بسبب موقفه خلال الاضطرابات الطائفية التي وقعت عام 2002 في ولايته غوجارات بسبب عدم تحرك إدارته خلال الاضطرابات التي قتل فيها نحو ألف شخص غالبيتهم من المسلمين

انتقادات
ومودي الذي خاض الانتخابات العامة 2014 على أساس قدرته على حكم الهند وإنعاش الاقتصاد سيواجه أيضا الانتقادات بسبب موقفه خلال الاضطرابات الطائفية التي وقعت عام 2002 في ولايته غوجارات.

ويترأس حكومة هذه الولاية منذ 2001، وانتقد بسبب عدم تحرك إدارته خلال الاضطرابات التي قتل فيها نحو ألف شخص غالبيتهم من المسلمين.

وشكل رفض مودي تقديم اعتذارات، وقراره ضم امرأة إلى حكومة الولاية أدينت لاحقا في قضية الاضطرابات الدينية هذه، زادا من النقمة ضده في صفوف خصومه. وقد قاطعته الولايات المتحدة وأوروبا على مدى عقد قبل أن تستأنفا الاتصالات معه.

كما تتهمه عدة جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان بأنه شجّع ضمناً أعمال العنف الدينية في غوجارات، ومع أنه لم يلاحق قضائياً فإن اسمه مرتبط منذ ذلك الحين بتلك المرحلة المؤلمة، التي تركت آثارها في أوساط المسلمين والمدافعين عن العلمانية.

وعاد مودي ليثير غضبا وضجة كبيرة في يوليو/تموز 2013 عبر تصريحات قارن فيها بين المسلمين الذين سقطوا ضحايا أعمال عنف قام بها هندوس والجراء التي تدهسها سيارة.

وقال مودي إنه سيشعر بالذنب بشأن أحداث العنف "إذا كنت فعلت شيئا خاطئا" ولكن "إذا كان شخص ما يقود سيارة ونحن نجلس إلى جانبه، ومن ثم جاء جرو ليقع تحت عجلاتها، هل سيكون ذلك مؤلما أم لا؟ بالطبع إنه أمر مؤلم. وسواء كنت رئيسا للوزراء أم لا، أنا إنسان، وإذا حدث شيء سيئ في أي مكان، من الطبيعي أن أحزن".

وقال أحد قادة الحزب القومي الهندوسي أرون جايتلي إن "الذين يطالبون باعتذارات يريدون أن يجعلوا ذلك يبدو وكأنه اعتراف" مذكرا بأن القضاء لم يتهم مودي.

يُعوّل مودي على تجربته الاقتصادية الناجحة لدى توليه رئاسة الوزراء فى ولاية غوجارت، حيث سجل نموا سنويا بنسبة 10.13% كثاني أعلى معدل لولاية هندية بين 2005- 2012

نجاح اقتصادي
لكن مودي يُعوّل على تجربته الاقتصادية الناجحة لدى توليه رئاسة الوزراء فى ولاية غوجارت (شمالي غربي الهند)، حيث سجل نموا سنويا بنسبة 10.13% كثاني أعلى معدل لولاية هندية بين 2005- 2012.

ذلك النجاح دفعه لقطع وعود للناخبين بإصلاح اقتصاد البلاد الذى ظل يعاني تباطؤا منذ ثمانينيات القرن الماضي وخصوصا في العقد الأخير.

ويفضل أصحاب الشركات في الهند وخصوصا عائلة أمباني -التي تعتبر أثرى عائلة في البلاد- التعامل مع مودي باعتبار أنه سيعمد إلى تنشيط الأعمال ويشيدون بأدائه الفعال وغير الفاسد.

وبالنسبة لخصومه فإن حسن إدارته يخفي بالواقع تركيزا للسلطات يميل نحو السلطوية.

و"نموذج غوجارات" لا يحظى بإجماع لأن منتقديه يتحدثون عن "وهم" وعن تنمية تفيد المجموعات الكبرى وتهمل الفقراء.

وعلى مدى عشر سنوات وصولا إلى العام 2013، لم يكن هناك مفوضية لمكافحة الفساد في غوجارات، كما أن أحد المقربين من مودي، أحمد شاه اتهم بالقتل وبالابتزاز خلال توليه منصب وزير داخلية هذه الولاية.

المصدر : الجزيرة + الفرنسية