عصيان ليبيا.. آمال كبيرة وتفاعل محدود

الحياة تسير بشكل اعتيادي في بنغازي رغم العصيان المدني
الحياة تسير بشكل اعتيادي في بنغازي رغم العصيان المدني الذي دعت إليه منظمات عدة (الجزيرة)

خالد المهير-بنغازي

في أكبر مدينة ليبية تعاني الانفلات الأمني وهي بنغازي، بدت الحركة في أول يوم للعصيان المدني عادية، حركة التجارة والمحلات والأعمال الحكومية والمخابز ومحطات البنزين تعمل كعادتها، وكأن لسان حال المواطن يسأل "أين نتائج عصيان الشهور الماضية؟".

فالمواطن عبد المنعم الشكري -وهو عامل نظافة- فضل العمل على العصيان، وابتعد عن الدخول في "مناكفات سياسية" بعد تلاشي حلمه بالتغيير في عهد الثورة التي أطاحت بالزعيم الراحل معمر القذافي يوم 20 أكتوبر/تشرين الأول 2011.

ورأى الشكري في حديثه للجزيرة نت أن العصيان "لن يوقف القتل والاغتيالات اليومية، ولن يفلح في إلحاق الأذى بـالمؤتمر الوطني العام (البرلمان) أو الحكومة"، مشيرا إلى أنه لو كان يرى فائدة في العصيان لسارع للالتزام به.

‪الدوائر الحكومية في بنغازي‬ لم تلتزم بالعصيان المدني (الجزيرة)
‪الدوائر الحكومية في بنغازي‬ لم تلتزم بالعصيان المدني (الجزيرة)

وتساءل عن صاحب المصلحة الحقيقية ببقاء أطفاله من دون دراسة أثناء فترة الامتحانات كما جرى في مدرستهم أمس، مؤكدا أن نتائج العصيان وتداعياته تأتي في ليبيا على رأس المواطن وليس الدولة، قائلا إنه "لا فائدة من إقفال المطارات والمصارف والمدارس والجامعات".

تفاعل محدود
أما في العاصمة طرابلس، فالحال لا يختلف كثيرا عن بنغازي، حيث لم تتأثر الحركة الاعتيادية بالعصيان المدني، بحسب مشاهدات الصحفي عصام الزبير الذي تجول في مناطق عدة، مستغربا غياب التفاعل الشعبي مع دعوات العصيان الشامل بالبلاد.

الزبير نقل للجزيرة نت حديثه مع الشارع الطرابلسي، وقال إن المواطن العادي يريد أفعالا لا أقوالا، وإن بيان المفوضية الوطنية العليا للانتخابات بشأن استعدادها لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة فوّت الفرصة على العصيان.

كما يؤكد الزبير أن من قابلهم في المقاهي والمحلات تحدثوا بفرح عن العصيان على أنه عطلة، مشددا على أن العصيان الحقيقي ليس بالبقاء في البيوت أو إغلاق المطارات والطرق الرئيسية، بل بتكثيف الجهد الوطني بعيدا عن الخدمات اليومية لتحقيق الأمن بليبيا.

ويضيف الزبير أن أهل طرابلس يريدون الآن فقط كبح جماح الكتائب المسلحة التي تغولت عليهم مؤخرا، أما العصيان المدني فيراه الزبير مجرد تصفية حسابات سياسية بين كتلة الوفاء للشهداء بالمؤتمر الوطني العام ذات التوجهات الإسلامية وتحالف القوى الوطنية بزعامة محمود جبريل.

‪محلات تجارية في بنغازي أغلقت أبوابها التزاما بالعصيان المدني‬ (الجزيرة)
‪محلات تجارية في بنغازي أغلقت أبوابها التزاما بالعصيان المدني‬ (الجزيرة)

عصيان حضاري
محمد أجعودة صاحب أعمال دعاية بمدنية بنغازي يؤمن بالعصيان المدني الحضاري بعيدا عن "العصيان العنيف"، على حد تعبيره.

التزم أجعودة بالعصيان تعبيرا عن رفضه لغياب الدولة والانفلات الأمني، ولرفضه البرلمان والحكومة أيضا، وهو على قناعة بأن صوته لن يصل إلى الدولة.

مفهوم العصيان لدى أجعودة لا يعني تعطيل حركة الطيران الداخلية والخارجية مثلما وقع في مطار بنغازي أمس الأحد، أو إغلاق الجامعات بالقوة. ويتمنى أجعودة بناء ليبيا موحدة الصف كما كانت في فبراير/شباط 2011 حين اندلعت الثورة ضد القذافي.

عز الدين الوحيشي طالب في جامعة طرابلس بقسم اللغات، وعضو بارز في حراك "لا للتمديد" الرافض لتمديد ولاية البرلمان، التزم بالعصيان ولم يذهب إلى مقاعد الدراسة أمس الأحد مع بقية رفاقه.

سألت الجزيرة نت الوحيشي عن رأيه في أول أيام العصيان، فأشار إلى أن دعواتهم لم تجد استجابة كبيرة في الشارع، قائلا "ليست لدينا إمكانية لإجبار المواطن على البقاء في بيته"، مؤكدا أن من يمتلك الوطنية سيشارك في العصيان بقوة.

الجزيرة نت سألت عضو البرلمان كامل الجطلاوي عن رد فعلهم على دعوات العصيان، فقال إنه لم يعد هناك مبرر للعصيان وتعطيل البلاد والعباد بعد إحالة قانون انتخابات البرلمان الجديد إلى المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، مؤكدا استعدادهم لتسليم السلطة إلى مؤسسة شرعية وفق آليات الديمقراطية.

أما بشأن الأمن فقال إن مديرية أمن بنغازي بها 17 ألف شرطي والمنطقة الدفاعية بها 25 ألف عسكري من إجمالي 500 ألف مجند ليبي في وزارات الدفاع والداخلية، مؤكدا أنه بعد كل ثورة تحدث حالة "فوضى عارمة".

المصدر : الجزيرة