حرب المواشي عادة متوارثة بجنوب السودان

epa01664286 In this 21 January 2009 handout photo supplied by the United Nations mission to Sudan a herder walks with his animals in a Dinka cattle camp in Abyei. The Twic Dinka with about 5000 head of cattle moved north from Warrap State into the Abyei area as floods hit their grazing area. The Dinka and Misseriya (who migrate south during the dry season) often come into conflict over scarce resources. EPA/Tim MCKULKA/HO EPA/Tim MCKULKA/HO
نهب المواشي لدى بعض قبائل جنوب السودان أصبح قيمة متوارثة تتجاوز القانون والأعراف (الأوروبية)

مثيانق شريلو-جوبا

لمئات السنين تحول نهب المواشي لدى بعض المجتمعات المحلية بجنوب السودان إلى ثقافة متوارثة تتجاوز القانون والأعراف.

وقد فشلت كل المحاولات الشعبية والرسمية لترسيخ فكرة أن عادة سرقة المواشي جريمة كبيرة، حتى أصبحت من القيم التي تتوارث بين جيل وجيل.

وترى تلك المجتمعات وتحديدا قبائل الدينكا والنوير والمورلي في تلك العادة، على أنها إحدى قيم الفخر والكبرياء، بالنسبة للشباب الباحثين عن البطولة في عيون فتيات القبيلة الجميلات.

ويرى المهتمون بهذا الشأن الاجتماعي أن اندثار تلك العادة مرهون بان تحدث الحكومة نقلة تنموية كبيرة في تلك المناطق البعيدة تماما عن عوالم المدن الجديدة بجنوب السودان.

وحسب تقرير مجلس وزراء حكومة جنوب السودان تمثل المواشي النسبة الكبيرة من الثروة الحيوانية لأحدث دول العالم، واغلبها تمثل ممتلكات خاصة في أيدي السكان المحليين.

وقد أطلقت الحكومة برنامجا تشجيعيا لدعوة الرعاة المحليين إلى تحويل هذه الثروة من ثقافية إلى اقتصادية لتغيير واقع مجتمعات الرعاة الذين يفتقدون إلى القدرة المالية التي تجعلهم يدفعون مبالغ مالية لتحصين مواشيهم من الأمراض الموسمية، حيث تقوم الحكومة بالتعاون مع بعض المنظمات الدولية على توفير العلاج المجاني لمواشيهم، وقدرت منظمة الفاو ثرواتها بنحو 12 مليون رأس للأبقار و11 مليون رأس لكل من الماعز والضأن، حسب التقرير الصادر في العام 2011م.

‪فول ضل أفاد بوجود عصابات منظمة تروج لهذه العادة‬ (الجزيرة)
‪فول ضل أفاد بوجود عصابات منظمة تروج لهذه العادة‬ (الجزيرة)

هجمات متتالية
وتشهد ولايتا واراب "التي تقطنها قبيلة الدينكا" والوحدة "التي ينتمي أغلب سكانها إلى قبيلة النوير "بشمال البلاد هذه الأيام هجمات متتالية يقوم بها بعض الشباب من القبيلتين لنهب مئات من رؤوس الأبقار، في وقت تخلف وراءها عشرات من القتلى والجرحى بين الجانبين.

وقال فول ضل وزير الثروة الحيوانية والسمكية ووزير الإعلام المكلف بولاية واراب "إنه بمجرد أن يقترب موسم الأمطار تزداد هجمات الشباب بين الطرفين لنهب الأبقار مما يشكل قلقا بالنسبة للسلطات الحكومية في احتواء تلك الهجمات.

وأضاف فول ضل لوسيلة إعلام محلية أن هنالك عصابات منظمة تضم أفرادا متحالفين من القبيلتين يعملون باستمرار على تنمية هذه العادة من وقت لآخر.

وتشير التقديرات الرسمية إلى أن ولايات بحر الغزال وأعالي النيل التي تضم سبعا من ولايات البلاد العشر، تعد الأولى من حيث عدد المواشي، ومع ذلك فإن أكثر من 500 شخص يموتون سنويا بسبب حوادث النهب المتواصلة.

واقترحت تلك المجتمعات المحلية على الحكومة إنشاء وحدة خاصة من الشرطة تكون مخصصة لمحاربة عادة نهب المواشي، ولكن الظروف الأمنية التي تمر بها الحكومة حالت دون وجود المقترح طريقا للتنفيذ على أرض الواقع.

ثقافة متوارثة
واعتبر أليسون جادين وهو باحث اجتماعي مقيم بجوبا إلى أن العوامل الثقافية والاجتماعية هي التي ساهمت في توارث هذه العادة فحولتها من جريمة إلى قيمة للاعتزاز والفخر.

وأضاف أثناء حديثه للجزيرة نت إلى أن عامل الإرث الاجتماعي يدفع الآباء والأجداد إلى تشجيع الشباب على نهب الأبقار من المناطق المجاورة بين قبيلتي النوير والدينكا بهدف ارتقاء المكانة الاجتماعية لهم عن طريق " كثرة الأبقار".

وتابع أليسون "ستنتهي هذه العادة إذا عملت الحكومة على تحويل تلك الأبقار إلى مصدر للارتقاء الاقتصادي بدلا من الفخر الاجتماعي".

وتمثل المواشي وتحديدا الأبقار عنصرا رئيسيا في مراسم الزواج في المجتمعات المحلية بجنوب السودان، حيث يمكن تزويج الفتاة للرجل مقابل مئات من الأبقار، واعتبر المهتمين غلاء المهور واحدا من الأسباب الرئيسية التي تجعل مكافحة نهب المواشي أمرا شبه مستحيل ولكنه ممكن في الوقت نفسه.

المصدر : الجزيرة