سعيد صبري.. قاضي الأرقام القياسية

صورة أرشيفية من قاعة محكمة مصرية
صورة أرشيفية من ق5اعة محكمة مصرية (الجزيرة)

عبد الرحمن أبو الغيط-القاهرة

ليس غريبا أن يحيل رئيس محكمة جنايات المنيا المستشار سعيد يوسف صبري أوراق 683 من معارضي الانقلاب، من بينهم المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد بديع إلى مفتي الجمهورية تمهيدا لإعدامهم بتهمة التظاهر بدون تصريح وإثارة الشغب والفوضى، في مركز العدوة بمحافظة المنيا، فقد اشتهر الرجل في الأوساط القضائية باسم "الجزار".

وفي أقل من شهر تحول صبري من قاض مغمور لكونه يعمل بعيدا عن محافظة القاهرة، إلى اسم يتردد في جميع وسائل الإعلام العالمية، بعد إصداره أحكاما بإعدام 1212 شخصا في عدة قضايا، بالإضافة إلى أحكام بالسجن لمدد تتراوح بين 57 و88 عاما، وذلك في أعلى عقوبة تصدر بحق متهمين في تاريخ القضاء.

واشتهر صبري في الأوساط القضائية بأحكامه السريعة والقاسية والمبالغ فيها، حيث أصدر حكما بسجن متهم بـ30 عاما لسرقته "عباءة حريمي" من أحد المحلات التجارية، كما أصدر حكما بسجن عاطل 15 عاما لاتهامه "بمعاكسة" طالبة ثانوية، لكن أحكامه القاسية لم تجد طريقها إلى مدير أمن بني سويف ورفاقه المتهمين بقتل متظاهري ثورة 25 يناير في بني سويف، بعد أن قضى ببراءتهم من جميع التهم بعد عامين ونصف من المحاكمة.

في أقل من شهر تحول صبري من قاض مغمور لكونه يعمل بعيدا عن محافظة القاهرة، إلى اسم يتردد في جميع وسائل الإعلام العالمية، بعد إصداره أحكاما بإعدام 1212 شخصا في عدة قضايا

أرقام قياسية
وكان صبري رئيسا لمحكمة جنايات بنى سويف، قبل انتدابه ليكون رئيسا لمحكمة الجنايات- لدوائر الإرهاب في محافظات شمال الصعيد (بني سويف والمنيا والفيوم).

وفي أول قضية له في عمله الجديد حطم الأرقام القياسية، حين أصدر حكما الشهر الماضي بإعدام 529 من معارضي الانقلاب، بتهم القتل والشروع في قتل ضابط شرطة في 14 أغسطس/آب الماضي في المنيا، قبل أن يعود ويلغي إعدام 492 ويحكم عليهم بالسجن المؤبد ويكتفي بإعدام 37 متهما.

وصدر الحكم بعد جلستين، الأولى لم تستغرق سوى 20 دقيقة، والثانية أصدر فيها القاضي حكمه بدون حضور متهمين ولا محامين عنهم، لتكون أول قضية -أيضا- يصدر فيها حكم بالإعدام، دون الاستماع إلى دفاع ولا شهود ولا حتى فض أحراز القضية، والشاهد الوحيد الذي استمع له القاضي هو ضابط شرطة نقطة مطاي، ولم يكن موجودا يوم الحادث، لأنه كان مسافرا.

وفي يوم السبت 26 أبريل/نيسان الجاري، عاد صبري للأضواء مجددا بعد أن أصدر حكما تاريخيا بسجن 11 من معارضي الانقلاب، مددا تتراوح بين 57 و88 عاما، وذلك في أعلى عقوبة تصدر بحق متهمين في تاريخ القضاء المصري، ومن أول جلسة أيضا ودون أن يستمع إلى النيابة ولا الدفاع، وذلك بتهمة التجمهر والاعتداء على قسم شرطة مدينة سمالوط بمحافظة المنيا، والانضمام إلى جماعة "محظورة"، في إشارة إلى جماعة الإخوان المسلمين.

‪أمام محكمة جنايات المنيا بعد صدور أحكام الإعدام‬ (أسوشيتد برس)
‪أمام محكمة جنايات المنيا بعد صدور أحكام الإعدام‬ (أسوشيتد برس)

وبعد ساعات فقط، من قبول المفوضية الأفريقية لحقوق الإنسان، الشكوى المقدمة إليها من قبل حزب الحرية والعدالة، المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين في مصر، بشأن الاعتراض على الحكم بإعدام 529 شخصا الشهر الماضي، أصدر صبري حكما بإعدام  683 من معارضي الانقلاب، وبذات الطريقة من الجلسة الأولى، بل زاد هذه المرة أنه أحال محامي المتهمين للتأديب بحجة الاعتراض على قرارات المحكمة.

تناقض
وحسب جبهة استقلال القضاء، فإن جميع أحكام صبري، مخالفة لأبسط قواعد العقل والقانون، وإنه لم يلتزم حتى بقانون التظاهر الذي أصدره الرئيس المؤقت عدلي منصور الذي ينص في مادته الـ21، على أن الحد الأقصى للعقوبة في قانون التظاهر هي السجن المشدد 25 سنة، بشرط التأكد من تلقي المتظاهر أموالا من الخارج.

ورغم أحكامه القاسية والسريعة بحق معارضي الانقلاب، أصدر صبري في 15 يناير/كانون الثاني 2013، حكما ببراءة مدير أمن بني سويف السابق وجميع الضباط المتهمين بقتل المتظاهرين، أثناء ثورة 25 يناير بالمحافظة، بعد محاكمة استمرت عامين ونصف عام، ورفض جميع الدعاوى المدنية المقامة من الأهالي، كما قرر تغريمهم 200 جنيه أتعاب محاماة.

تهديدات
ولم يكتف صبري بالأحكام التي أصدرها بل ظهر على عدة قنوات خاصة قائلا إنه يوجد بمنزله منذ أن أصدر الحكم بإعدام وسجن أعضاء الإخوان، ولا يغادره إلا للمحكمة ووسط حراسة مشددة، "بسبب التهديدات التي تلقاها من جانب أنصار جماعة الإخوان".

وزعم صبري أنه تعرض عقب صدور الحكم للعديد من الاستفزازات والمضايقات، من جانب مجلس مدينة قليوب، التابع له محل إقامته، والذي يرأسه قيادي بالإخوان، حيث قال إنهم قطعوا خطوط المياه والكهرباء والاتصالات عن الشارع الذي يقطن فيه، وعاش لمدة تقترب من أسبوعين بدون مياه، مما دفعه إلى تقديم مذكرة عاجلة لرئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب، حيث بادر الأخير على الفور بإصدار تعليماته بإعادة الكهرباء والمياه والاتصالات للشارع، وتخصيص حراسة دائمة للمنزل.

المصدر : الجزيرة