عوامل تقرر مصير المصالحة الفلسطينية

وفود المصالحة خلال جلسة أمس (تصوير : مكتب رئيس الوزراء في الحكومة المقالة)
عوامل كثيرة ستسهم في تحديد مصير اتفاق المصالحة الفلسطينية (الجزيرة)
عوض الرجوب-الخليل

رغم إعلان حركتي التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) والمقاومة الإسلامية (حماس) طي صفحة الانقسام بتوقيع اتفاق المصالحة في غزة الأربعاء، فإن التنفيذ العملي للمصالحة مرهون بمجموعة عوامل محلية وإقليمية ودولية، كما يرى محللون سياسيون.

ويتفق محللون على أن خسارة الطرفين نتيجة الانقسام -سواء بفشل خيار المفاوضات بالنسبة للرئيس الفلسطيني محمود عباس، أو باستمرار الحصار والتضييق على حماس في قطاع غزة- كانت الدافع لمضي الطرفين في تنفيذ المصالحة.

لكن مع ذلك، فإن هؤلاء يرون في أحاديث منفصلة للجزيرة نت أن عوامل أخرى أكثر جدية تهدد تنفيذ المصالحة، على رأسها الضغوط الإسرائيلية والأميركية، وعدم رغبة أطراف عربية من جهة، وتفاصيل أخرى تتعلق بالاتفاق ذاته مثل عقيدة الأجهزة الأمنية من جهة ثانية.

‪‬ عوض لا يعتقد بنجاح المصالحة لأن الطرفين اتفقا تحت ضغط الضرورة(الجزيرة)
‪‬ عوض لا يعتقد بنجاح المصالحة لأن الطرفين اتفقا تحت ضغط الضرورة(الجزيرة)

عوامل الصمود
بحسب أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت الدكتور باسم الزبيدي، فإن "عامل الحاجة وضغط الضرورة" أكثر ما ساعد على اتفاق المصالحة، موضحا أن طرفي الانقسام أصبحا محرجين أمام الجمهور الفلسطيني "الذي لم يعد يبالي بالقطيعة بينهما".

ويشير أيضا إلى عامل المصلحة لكلا الطرفين، فبالنسبة لعباس هي رد على فشل المفاوضات، وبالنسبة لحماس حبل إنقاذ بعد تراجع الربيع العربي وتعقيدات الأمور في مصر.

ومع ذلك، لا يرجح الزبيدي مضي الطرفين في المصالحة إلى النهاية، لأن "الشيطان يكمن في التفاصيل"، متوقعا ضغوطا إسرائيلية هائلة يصعب على السلطة والرئيس الفلسطيني تحملها، خاصة أن إسرائيل تتحكم في كل جزئيات وموارد وأدق التفاصيل المتعلقة بوجود السلطة.

ولفت إلى عامل الاختلاف في التكوين والبنية السياسية والجانب الأمني والعلاقات الخارجية لكل من الضفة الخاضعة حصريا لسيطرة إسرائيلية كاملة، وغزة المعقدة التي تتجاذبها قوى محلية ودولية.

ويوافقه الرأي أستاذ الإعلام بجامعة القدس الدكتور أحمد رفيق عوض، حيث إن عامل الضرورة وإخفاقات طرفي الانقسام أحد العوامل المساعدة على المضي في المصالحة، لكنه يضيف أيضا عامل الإرادة السياسية والرقابة الشعبية، والدعم العربي والإقليمي كمقومات لاستمرارها.

واعتبر عوض سماح مصر بوصول موسى أبو مرزوق إلى غزة مؤشرا على دعمها للمصالحة حفاظا على مصالحها بالدرجة الأولى.

لكنه مع ذلك تساءل: هل سيدعم الإقليم العربي والدول المحورية هذه المصالحة، خاصة أن بعضها يخرج الإخوان عن القانون؟ ورجح أن تواجَه المصالحة بنوع من عدم القبول وليس الرفض العلني عربيا، "وذلك بعدم رعايتها ماليا".

وفضلا عن عامل الضغط الإسرائيلي والأميركي، توقع عوض عقبات جدية ستطل برأسها عند تطبيق المصالحة والدخول في تفاصيلها، وخاصة قضايا دمج الموظفين والوزارات والاشتباك مع إسرائيل وضغوط التيارات الداخلية في طرفي الانقسام وغيرها.

‪‬ شراب: المصالحة رؤية سياسية وليست اتفاقا مكتوبا(الجزيرة)
‪‬ شراب: المصالحة رؤية سياسية وليست اتفاقا مكتوبا(الجزيرة)

عوامل مطلوبة
في غزة، يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر د. ناجي شراب أن العامل الفلسطيني الداخلي من خلال المرونة وعدم التقيّد بالتفسيرات الضيقة للألفاظ، سيشكل أحد أهم عوامل نجاح اتفاق المصالحة، يضاف إليه تفعيل الدور الشعبي ودور مؤسسات المجتمع المدني.

وقال إن قدرة طرفي المصالحة على مواجهة الضغوط وعدم رهن قراراتهما للضغوط الخارجية -خاصة الأميركية والإسرائيلية- سيحدد مصير المصالحة، مطالبا بمواجهة الضغوط أيا كانت النتائج.

عربيا، يرى الأكاديمي الفلسطيني في الدعم المالي العربي للسلطة، وتفعيل الدور المصري في الملف الفلسطيني بفتح معبر رفح، وضغط عربي فاعل مباشر باتجاه الولايات المتحدة وأوروبا لعدم تعطيل المصالحة، "عوامل جدية تساعد في تثبيتها".

وداخليا، شدد على أن المصالحة ليست مجرد اتفاق مكتوب "بل رؤية سياسية كاملة لإعادة بناء المنظومة السياسية الفلسطينية، وإعادة صياغة مفاهيم سياسية كالمفاوضات والمقاومة والثوابت". معتبرا أن احتواء ثلاثة آلاف عنصر أمني -مثلا- ليس عقدة "وإنما العقدة في عقيدة الأجهزة الأمنية بالضفة وغزة وإشكالية العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية".

ومع ذلك، قال إن هذه العقدة قابلة للحل، لكن ليس في المرحلة الحالية، داعيا إلى اتباع مبدأ التدرج والاحتواء التدريجي لآثار الانقسام، وتأجيل العقد الأمنية والمفاوضات وغيرها لفترة زمنية لاحقة.

المصدر : الجزيرة