تشكيك في الخطة الفرنسية لردع الجهاديين
الجزيرة نت – باريس
واعتبر الباحثون أن الإجراءات الحكومية غير كافية لردع الراغبين بالمشاركة في الحرب هناك، منوهين إلى أن الإعلان عن الخطة قبل شهر واحد عن موعد الانتخابات البرلمانية الأوروبية يوحي بأن الحزب الاشتراكي الحاكم يريد أن يسحب البساط من تحت أرجل المعارضة اليمينية التي تتهم حكومة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بالتساهل إزاء ظاهرة تقلق أعدادا متزايدة من المواطنين.
وقالت الخبيرة المستقلة في مكتب الخطر الإرهابي بباريس آن جيوديشللي إن الإجراءات المعلنة تتضمن حملات توعية ووضع رقم هاتفي وبريد إلكتروني في متناول العائلات لإبلاغ السلطات بأي نزعات جهادية لدى أبنائها، وإمكانية منع تسليم جوازات السفر لبعض المشتبه بهم، ومراقبة إلكترونية لرواد المواقع الجهادية من داخل البلاد.
إجراءات قاصرة
واعتبرت الباحثة المختصة في الشؤون الأمنية أن هذه الإجراءات تظل قاصرة عن تحجيم ظاهرة لا تمس فرنسا وحدها وإنما تهم أيضا دولا أوروبية وعربية عديدة.
وأوضحت جيوديشللي -في تصريح للجزيرة نت- أنه سيتعذر إيجاد مبرر قانوني لمنع أشخاص بالغين من السفر خارج فرنسا، مضيفة أن إعادة فرض حصول القصر على إذن من أوليائهم للخروج من البلاد ستكون ذات أثر محدود، "لكونهم يمثلون أقلية ضئيلة من الفرنسيين الذين يغريهم الجهاد".
وكشفت سلطات باريس أن أكثر من 500 شخص توجهوا من فرنسا إلى سوريا في العامين الماضيين للالتحاق بصفوف جماعات جهادية، أبرزها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام وجبهة النصرة.
ويعتقد أن 250 من هؤلاء ما زالوا في سوريا، فيما تؤكد الحكومة الفرنسية أن 20 فرنسيا قضوا أثناء المواجهات هناك.
وقد حذر أقطاب المعارضة اليمينية من إمكانية أن ينفذ هؤلاء المقاتلون هجمات إرهابية في فرنسا بعد عودتهم من مسرح القتال بسوريا، معتبرين أن الشبان المسلمين المتشددين أصبحوا يشكلون طابورا خامسا في البلاد.
الرأي العام
وترى جيوديشللي أن الخطة التي أعلن عنها وزير الداخلية الفرنسي برنارد كازنوف جاءت لطمأنة الرأي العام، مشيرة إلى أن وسائل الإعلام المحلية أذكت الشعور بالقلق بتركيزها الشديد على حالات بعض الشبان الذين توجهوا إلى سوريا.
وأضافت الخبيرة -التي عملت عدة سنوات مستشارة في وزارة الخارجية الفرنسية- أن باريس تريد أن تفند أيضا أطروحة روج لها اليمين المتطرف مفادها أن حكومة هولاند المناوئة للرئيس السوري بشار الأسد شجعت الشبان على الذهاب لقتاله.
ويؤيد هذا الرأي الخبير في القضايا الأمنية ما تيو قويدر، حيث يرى أن الإعلان عن الخطة قبل شهر واحد من الانتخابات البرلمانية يترجم رغبة الحكومة الاشتراكية في سحب البساط من تحت أقدام اليمين المعارض حيث يتهمهما بالتساهل إزاء هذه القضية التي تثير مخاوف متزايدة في أوساط الجمهور المحلي.
وفي تصريح للجزيرة نت، قلل الأستاذ المختص في الحركات الإسلامية من أهمية الدور الذي يمكن أن تضطلع به العائلات في مكافحة ما سماها "ظاهرة الجهاديين الفرنسيين".
ويؤكد قويدر أن أغلب أسر الشبان الذين توجهوا إلى سوريا لم تلحظ أي تغير في سلوكهم قبل سفرهم إلى هناك.
من جانبه، استبعد الخبير في الجماعات الإسلامية المتشددة دوينيك توماس أن يفضي تطبيق الخطة الحكومية إلى حل جذري للمشكلة، معتبرا أنه يتعين لبلوغ ذلك الهدف اعتماد إستراتيجية طويلة المدى تقوم على العمل التربوي الهادف للقضاء على الأفكار المتطرفة.