تباين حول محاكمة رموز نظام القذافي عن بُعد

محكمة الإسئناف في طرابلس تؤجل محاكمة أركان النظام الليبي السابق إلى السابع والعشرين من إبريل
المحكمة ستنظر استمرار المحاكمة عبر الدائرة المغلقة أو إصدار أوامرها بجلب المتهمين (الجزيرة)

خالد المهير-طرابلس

تنظر محكمة جنوب طرابلس الأحد المقبل استمرار محاكمة 37 متهما من رموز نظام العقيد الليبي الراحل معمر القذافي عبر الدائرة المغلقة أو إصدار أوامرها بجلب المتهمين، بعد انتقادات بسبب غياب المتهمين عن المحاكمة.

ويواجه المتهمون في هذه القضية، وأبرزهم سيف الإسلام القذافي ورئيس المخابرات السابق عبد الله السنوسي وأمين اللجنة الشعبية العامة (رئاسة الوزراء) البغدادي المحمودي، تهما منها "إصدار التعليمات للاغتصابات الممنهجة، وخلق الفتنة بين الليبيين وتمزيق نسيجهم الاجتماعي، وترويج المخدرات وحبوب الهلوسة، وقطع المياه والكهرباء عن مدينة مصراتة".

وتأتي جلسة المحاكمة القادمة بعد أسابيع على إجراء تعديلات دستورية على قانون الإجراءات الجنائية للخروج من مأزق غياب سيف الإسلام عن المحاكمة، وبعد بيان شديد اللهجة وصفت فيه منظمة العفو الدولية المحاكمة بـ"المهزلة".

واستندت المنظمة في وصفها على ما جاء في دليل المحاكمات العادلة الصادر عنها مؤخرا، وينص على أن "الحق في النظر العلني للقضايا ضمان أساسي لعدالة واستقلالية التقاضي، وهو وسيلة لحماية الثقة العامة في نظام العدالة".

وبرر الصديق الصور رئيس قسم التحقيقات في مكتب النائب العام إضافة فقرات إلى المواد 241 و243 من قانون الإجراءات الجنائية الليبي تعالج عدم إمكانية جلب المتهمين من سجنهم نتيجة الظروف الأمنية بربطهم مباشرة بالجلسات عن طريق استخدام تقنيات الاتصال الحديثة.

وقال الصور للجزيرة نت إن "إجراءات المحاكمة العادلة وحضور المتهم والاستماع إلى الاتهامات والرد عليها وتقديم الدفوعات تضمنها الدائرة المغلقة، فما الضير في ذلك؟".

الجهاني قال إنه يؤيد محاكمةرموز نظام القذافي عبر دائرة مغلقة (الجزيرة)
الجهاني قال إنه يؤيد محاكمةرموز نظام القذافي عبر دائرة مغلقة (الجزيرة)

أوضاع أمنية
وأكد الصور أن الإجراءات الجديدة من شأنها تسريع وتيرة المحاكمة، مشيرا إلى أنه ليس من مصلحة المتهم إطالة أمد محاكمته، وأوضح أن الإجراءات كذلك تجنب الانتقام من جانب أهالي الضحايا، مؤكدا أن التعديلات ستؤدي إلى محاكمة "عادلة ورادعة".

وانتقد الصور بيان العفو الدولية، قائلا إنه "غير دقيق وعار عن الصحة وغير قائم على أدلة"، مؤكدا أن ليبيا لم تخف الحقيقة ،وهي صعوبة جلب سيف الإسلام من معتقله بالزنتان (جنوب طرابلس) برا أو جوا خشية على حياته وخوفا من هروبه.

من جانبه قال مندوب ليبيا في محكمة الجنايات الدولية أحمد الجهاني إنه يؤيد الإجراءات الأخيرة، مؤكدا في حديثه للجزيرة نت أن المحاكمة غيابيا تسقط أحكامها بمجرد القبض على المتهم أو حضوره أو إعادة محاكمته.

لكن الجهاني أكد أن الوضع الأمني بليبيا على درجة كبيرة من الخطورة، وإذا كان هناك خوف من فرار المتهم أو الاعتداء عليه أو خطفه فلا بد من إيجاد حل.

وأضاف الجهاني أن "الحل وجدناه في نظام محكمة الجنايات الدولية وهو جواز سماع الشهود والضحايا والخبراء عن طريق الدوائر المغلقة"، مدعما قوله بأن الجنايات الدولية سبق أن استمعت إلى شهود من بوروندي وسيراليون.

وحول تأثر موقفهم في الخصومة مع الجنايات الدولية على محاكمة سيف الإسلام، أكد الجهاني أن موقفهم قوي، كما أخطرت الجنايات الدولية الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ومجلس الأمن بالحكم النهائي في اختصاص محاكمة أركان النظام السابق، مؤكدة أن من حق ليبيا محاكمة السنوسي.

‪البعض اقترح حلولا أخرى مثل ندب هيئة قضائية أخرى للذهاب إلى الزنتان‬  (الجزيرة)
‪البعض اقترح حلولا أخرى مثل ندب هيئة قضائية أخرى للذهاب إلى الزنتان‬ (الجزيرة)

حلول بديلة
في المقابل يعارض المحامي والحقوقي فرج العجيلي مثل هذه المحاكمات التي يغيب فيها أحد أهم أركان المحاكمة العادلة وهو المتهم، مؤكدا أن الحضور الشخصي له وقع كبير وتأثير على سير المحاكمة العلنية.

العجيلي يؤكد أنه كان بالإمكان محاكمة سيف الإسلام في الزنتان، فهو مواطن ليبي ارتكب جرائم فوق الأراضي الليبية، ومحكمة الزنتان فوق الأراضي الليبية كذلك وتعمل بذات القوانين.

وتحدث العجيلي عن حلول أخرى، مثل ندب هيئة قضائية أخرى للذهاب إلى الزنتان، مؤكدا أن الدائرة المغلقة ليست الحل السحري الوحيد، مؤكدا أنها "لن تكون كافية في تحقيق محاكمة واضحة، وقد تستخدم في الجنح والمخالفات، وليس في قضايا بهذا الحجم".

وفي حديث للجزيرة يقول قاض ليبي فضل عدم كشف هويته إن خطورة عدم قدرة الأجهزة الحكومية على عدم جلب المتهمين لا ينال فقط من ضمانات المتهم في حد ذاته، بل ينال من استقلالية القضاء وهيئة المحكمة.

ويدعم القاضي بقوة المحاكمة العلنية، ويعدها نوعا من الرقابة الشعبية أثناء تداول الدعوى والمرافعات وتلاوة الادعاءات.

المصدر : الجزيرة