مرسوم "حماية باكستان" يخلق أزمة لشريف

مقر البرلمان الباكستاني اسلام اباد
مجلس الشيوخ سيناقش مرسوم حماية باكستان بعد أن أقره مجلس النواب (الجزيرة)

هيثم ناصر-إسلام أباد

قدم وزير تكنولوجيا المعلومات الباكستاني زاهد حامد "مرسوم حماية باكستان" الجمعة لمجلس الشيوخ
-ذي الأغلبية المعارضة- لمناقشته، بعد إقراره من مجلس النواب الذي يقوده الحزب الحاكم، وسط انتقادات من جانب قوى المعارضة ورفض حقوقي.

وقد أحال مجلس الشيوخ المرسوم إلى اللجنة القانونية لدراسته، إلا أن رضا رباني عضو المجلس والقيادي بحزب الشعب المعارض وصف المرسوم بالقانون الأسود الذي يحاول إعادة البلاد إلى عصور الأحكام العرفية بسبب ما يمنحه من صلاحيات للأجهزة الأمنية.

‪كياني: القانون يتعارض مع مبادئ‬ (الجزيرة)
‪كياني: القانون يتعارض مع مبادئ‬ (الجزيرة)

غير دستوري
ويصف رئيس اتحاد محامي محكمة إسلام أباد العليا محسن كياني في حديثه للجزيرة نت المرسوم "بغير الدستوري لتعارضه مع مبادئ أقرها الدستور الباكستاني"، إذ إن القانون يطلب من المتهم إثبات براءته بدل أن يطلب من الادعاء إثبات الاتهام.

كما يعطي المرسوم الأجهزة الأمنية الحق في احتجاز أي متهم يشتبه في تورطه بأي عمل من الأعمال الموصوفة في المرسوم لمدة تسعين يوما قابلة للتجديد دون العودة للقضاء،
على الرغم من أن القانون الجنائي الباكستاني يلزم الشرطة والأجهزة الأمنية بتقديم أي متهم للقضاء بعد 24 ساعة من اعتقاله، وللمحكمة أن تأمر باحتجازه للتحقيق لمدة 14 يوما قابلة للتجديد بحكم المحكمة أيضا.

ويقضي المرسوم بتشكيل محاكم خاصة لمحاسبة المشتبهين المحتجزين بموجب الصلاحيات التي يمنحها هذا المرسوم، الذي يعطي فرصة واحدة لاستئناف قرارات هذه المحاكم أمام محكمة باكستان العليا، وهو ما يتناقض مع هيكلية النظام القضائي التي تعطي فرصتين لاستئناف قرارات المحاكم الخاصة بالمحاكم العليا في الأقاليم، ثم بمحكمة باكستان العليا.

ويرى كياني أن هذه الطريقة في التشريع "محاولة للهروب من الإجراءات القانونية وآلية جمع الأدلة المعتمدة من القوانين الجنائية أو الخاصة بمحاربة الإرهاب في البلاد".

ويؤكد كياني أن هذا الجانب كان "نقطة ضعف في تطبيق القوانين المعمول بها"، حيث اعتادت الأجهزة الأمنية على اعتقال المتهمين واحتجازهم شهورا وأحيانا سنوات، وعند تقديمهم للمحاكمة لا تقدم أدلة بشأن التهم المنسوبة لهم، مما يؤدي إلى إخلاء سبيلهم بقرارات المحاكم.

ويرى أن "هذا الخلل يحتاج إلى علاج من خلال زيادة تدريب الأجهزة الأمنية والشرطة على جمع الأدلة وآليات عمل المحاكم للإدانة بدل إعفاء هذه الجهات من جمع الأدلة وإلزام المتهم بجمع أدلة براءته من خلال مرسوم جديد".

‪شهزاد: الحكومة تسترضي الأجهزة الأمنية بسن مرسوم يمنحها هذه الصلاحيات‬ (الجزيرة)
‪شهزاد: الحكومة تسترضي الأجهزة الأمنية بسن مرسوم يمنحها هذه الصلاحيات‬ (الجزيرة)

دوافع سياسية
يرى الباحث بمركز دراسات السياسات الباكستانية عرفان شهزاد أن "حكومة نواز شريف حاولت السيطرة على الأجهزة الأمنية بعد تسلمها السلطة، ولكن إدراكها صعوبة ذلك "دفعها لمحاولة استرضاء الأجهزة الأمنية من خلال سن مرسوم يمنحها هذه الصلاحيات".

ويرجح شهزاد في حديثه للجزيرة نت أن "تضطر الحكومة لتعديل المرسوم، لأن المعارضة التي تسيطر على مجلس الشيوخ سترفضه"، وحتى إن توصلت الحكومة لصفقة ما مع المعارضة لانتزاع الموافقة على المرسوم بمجلس الشيوخ "فستقف المحكمة العليا في وجه القانون، وتطلب التعديلات اللازمة ليتوافق القانون مع الدستور الباكستاني".

ويضيف شهزاد أن الحكومة عرضت نفسها للانتقادات المحلية والدولية بسبب هذا المرسوم، وهي تعلم بأنه لن يقر بصيغته الحالية، ولكنه يعطي صورة إعلامية للحكومة بأنها تحاول استخدام اليد الحديدية ضد الإرهاب والجريمة.

ويشير شهزاد إلى أن "المشكلة الحقيقية لن تحل بإلقاء المزيد من الأشخاص في السجن واستعداء المجتمع بالسماح للأجهزة الأمنية باعتقالهم بالاشتباه، خاصة أن مسؤولين عسكريين وأمنيين يواجهون عدة قضايا أمام المحكمة العليا بتهمة إخفاء أشخاص قسرا، ولذلك يبدو أن المرسوم يحمي الأجهزة الأمنية من المحاسبة بدل أن يحمي باكستان من الجريمة والإرهاب".

المصدر : الجزيرة