الفضائيات الخاصة لاعب جديد في انتخابات الجزائر

صحفيو قناة أطلس يحتجون على قرار غلق قناتهم خلال تجمع للمعارضة
صحفيو قناة الأطلس يحتجون على قرار غلق قناتهم خلال تجمع للمعارضة (الجزيرة)

ياسين بودهان-الجزائر

أجمع مختصون ومهنيون في مجال الإعلام على أن ظهور قنوات فضائية جزائرية خاصة يعد مكسبا مهما لا ينبغي التراجع عنه، لكن هذا المكسب برأيهم بحاجة إلى مراجعة عاجلة، وتوجيه بعد حدوث "انزلاقات مست أخلاقيات مهنة الصحافة" خلال تغطيتها مجريات حملة الانتخابات الرئاسية التي تجرى الخميس المقبل.

وجاء بروز هذه القنوات على خلفية فتح مجال السمعي البصري بعد الإصلاحات التي أعلنها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بعد خطابه في الخامس عشر من أبريل/نيسان 2011، رغم أن القانون لم يدخل حيز التطبيق إلا بعد نشره في الجريدة الرسمية يوم 27 مارس/آذار الماضي.

ولكن ذلك لم يمنع بروز عدة قنوات فضائية مباشرةً بعد خطاب بوتفليقة، في محاولة للحضور في المشهد الإعلامي قبل تنصيب مختلف الهيئات المخولة قانونا مراقبة وتنظيم عمل هذه القنوات، خاصة تنصيب سلطة ضبط "السمعي بصري"، التي تسهر على حرية ممارسة هذا النشاط ضمن الشروط المحددة قانونا.

رئيس تحرير قناة "الأطلس" حفناوي غول اعتبر أن التجربة في كثير من الأحيان لم "تكن مشرفة لأنها لم تلتزم الحياد والمهنية، فبعض القنوات أصبحت طرفا في العملية الانتخابية من خلال الانحياز لمرشح دون آخرين"

وطريقة تغطية هذه القنوات للانتخابات الرئاسية كان محل انتقادات كثيرة من قبل مختصين ومهنيين. وتأسف حفناوي غول رئيس تحرير "قناة الأطلس" لغلق القناة من طرف السلطات الجزائرية الشهر الماضي لأسباب لم يعلن عنها.

واقع وتوقعات 
ويعتقد أن هذه الأسباب متعلقة بدعمها لترشح علي بن فليس، وتغطية أنشطة حركة "بركات" الشبابية المناهضة للولاية الرابعة لبوتفليقة، وتغطية هذه القنوات ليوميات الحملة الانتخابية.

واعتبر غول في تصريحه للجزيرة نت أن هذه التجربة في كثير من الأحيان لم "تكن مشرفة لأنها لم تلتزم الحياد والمهنية، فبعض القنوات أصبحت طرفا في العملية الانتخابية من خلال الانحياز لمرشح دون آخرين".

وأضاف أن المواطن الجزائري "قبل فتح مجال السمعي والبصري كان يتوق لظهور قنوات تعبر عن انشغالاته الحقيقية، وكان يتطلع لأن تكون هذه القنوات نافذة له للاطلاع على برامج كل المترشحين بمصداقية ونزاهة خلال الحملة، وهو ما لم يحدث".

من جانبه أقر رئيس تحرير بقناة "الشروق" عبد النور بوخمخم بعدم مهنية بعض القنوات خلال تغطيتها للحملة الانتخابية، لكنه أرجع ذلك إلى غياب الآليات المنظمة للقطاع مع تعطل تنفيذ أخرى، وغياب المؤسسات والهيئات المخولة قانونا مراقبة الفضائيات الخاصة بمدى التزامها بأخلاقيات المهنة، والاضطلاع بمهمة السماع لشكاوى من يعتقدون أنهم ضحايا، وكل هذه الأسباب أدت للوضع الحالي الذي تعيشه الفضائيات الخاصة.

أجنببة وجزائرية

جري: هذه القنوات من ناحية الروح هي جزائرية ومن ناحية القانون هي أجنبية (الجزيرة)
جري: هذه القنوات من ناحية الروح هي جزائرية ومن ناحية القانون هي أجنبية (الجزيرة)

أما المدير السابق لمؤسسة "الخبر" وعضو الهيئة المديرة للمنتدى العالمي لتطوير وسائل الإعلام والقنوات الجزائرية علي جري فيرى أن هذه القنوات "من ناحية الروح هي جزائرية، أما من ناحية القانون فهي أجنبية".

وقسم جري في تقييمه لأداء هذه القنوات أثناء عملها إلى مرحلتين قبل وبعد الحملة الانتخابية، ويعتقد أن هذه القنوات قدمت إضافة للمشهد الإعلامي والسياسي قبل الحملة "من خلال برامج سياسية حضر فيها الرأي والرأي الآخر، لكن بعد انطلاق الحملة بدأ الانزلاق بتحيز بعض القنوات لصالح مرشح دون آخرون".

ولفت جري إلى أن سوء التنظيم الذي طبع الحملة الانتخابية في حد ذاتها هو ما أثر سلبا أيضا على عمل تلك القنوات.

من جانبه يؤكد أحمد بن صبان -وهو إعلامي ومكلف بالاتصال للمترشح الرئاسي عبد العزيز بلعيد- انحياز بعض القنوات لصالح مرشح دون آخرين، لكنه يعتبر أن "التعددية الإعلامية مكسب كبير للجزائر لا يجب التراجع عنه".

غير أن هذا المكسب برأيه بحاجة إلى دراسة عميقة ونقد للوضع من طرف مختصين مهنيين وأكاديميين، لأن بعض النماذج الحالية -يقول صبان- تحيلنا إلى النموذج المصري، وهو ما لا نريده أن يتكرر بالجزائر.

المصدر : الجزيرة