معاقبة روسيا بالجمعية البرلمانية لأوروبا.. الآثار والتداعيات

محادثات أوروبية بشأن الإجراءات الروسية بأوكرانيا
الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا اتخذت إجراءات عقابية جديدة ضد موسكو على خلفية قرارها ضم شبه جزيرة القرم (الجزيرة-أرشيف)

أشرف رشيد-موسكو

ما زالت المعركة السياسية التي يشنها الغرب ضد روسيا متواصلة، فقد قررت الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا اتخاذ إجراءات عقابية جديدة ضد موسكو، تضاف إلى سلسلة العقوبات التي تهدف في مجملها إلى عزل روسيا، على خلفية قرارها ضم شبه جزيرة القرم.

فقد صوتت الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا لصالح قرار يحرم روسيا من حق التصويت، ويمنعها من حق التمثيل في الهيئة الإدارية للجمعية حتى نهاية العام الحالي، وقد حظي القرار بتأييد 145 صوتا ومعارضة 21 صوتا.

ومن اللافت أن تمرير القرار يعني حرمان روسيا من المشاركة في انتخاب القضاة والسكرتير العام للمجلس، ويمنعها من العمل ضمن اللجان المختصة، ومن المشاركة في بعثات مراقبي الانتخابات.

يذكر أن العضوية في الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا تتطلب الالتزام بالقوانين المتعلقة بحقوق الإنسان والحريات. وكانت روسيا قد حرمت من حق التصويت عام 2000 بسبب الحرب في الشيشان، لكنها استعادت هذا الحق عام 2001، وفي عام 2009 ناقشت الجمعية تقليص صلاحيات روسيا بسبب موقفها في أوسيتيا الجنوبية غير أن القرار آنذاك لم يحصل على العدد الكافي من الأصوات.

تمرير قرار الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا يعني حرمان روسيا من المشاركة في انتخاب القضاة والسكرتير العام للمجلس، ومن العمل ضمن اللجان المختصة، أو المشاركة في بعثات مراقبي الانتخابات

استياء روسي
القرار الأخير أثار استياء روسيا التي انسحب ممثلوها من جلسة التصويت تعبيرا عن احتجاجهم. كما اعتبر رئيس الوفد الروسي أليكسي بوشكوف أن "الجمعية البرلمانية تنكرت لمبادئها"، موضحا "أن أغلب الأعضاء في المجلس أداروا ظهورهم لمبادئ سيادة القانون وسيادة حقوق الإنسان، وفضلوا الانحياز تنفيذا للمصالح السياسية لبعض الدول التي لديها مطامع في السيطرة على أوكرانيا".

مستشار المجلس الروسي للعلاقات الدولية سيرغي أفونتسيف علق على الخطوة التي اتخذها مجلس أوروبا بالقول "إذا أراد الغرب اختبار قدراته في التأثير من خلال الوسائل السياسية فلا بأس في ذلك، دعهم يجربوا كما يحلو لهم، فهم واهمون إذا ظنوا أنهم بهذه الطريقة سيرغمون روسيا على التراجع عن مخططاتها المتعلقة بالقرم".

وأضاف أفونتسيف في حديثه للجزيرة نت "من الصعب في كثير من الأحيان تفسير التصرفات الغربية، فمجلس أوروبا ليس من مؤسسات صنع القرار، وكل ما هنالك هو أنه كان يقدم مساحة لا بأس بها للحوار وتقريب المواقف، إذ إنه يتيح مناقشة مختلف القضايا بصراحة وشفافية، وفقدان هذه المساحة من الحوار هو الشيء الوحيد الذي يدعو للأسف، أما إذا خرجت روسيا من المجلس فليس في ذلك ما يدعو للقلق.

أفونتسيف: الغرب واهم إذا ظن أنه بهذه الطريقة سيرغم روسيا على التراجع (الجزيرة)
أفونتسيف: الغرب واهم إذا ظن أنه بهذه الطريقة سيرغم روسيا على التراجع (الجزيرة)

حقوق الإنسان
وقال أفونتسيف "إن روسيا ستبقى في جميع الأحوال متمسكة بالتزاماتها المتعلقة بحقوق الإنسان وحظر عقوبة الإعدام وغيرها من الالتزامات الحقوقية، ولن تتخلى عن شيء من ذلك"، كما أنها بموازاة ذلك ستمضي قدما في تنفيذ خططها المتعلقة بضم القرم".

وعن تداعيات العقوبات على روسيا قال أفونتسيف "إن روسيا تعلم جيدا أن العقوبات الغربية ستبقى محصورة في الإطار السياسي ولن تتجاوزه، أما الإطار الاقتصادي فهو سلاح ذو حدين يحتوي على مخاطر كبيرة للطرفين، وبالتالي فإن الغرب -ولا سيما أوروبا- سيتوخى الحذر قبل أن يعاقب روسيا اقتصاديا".

أما المحلل السياسي يوري زينين فقد عبر عن ثقته في "أن روسيا ستظل متمسكة بالتزاماتها المتعلقة بحقوق الإنسان، وأنه ليس هناك ما يدعو للقلق من هذه الناحية، لا سيما أن فكرة تقليص صلاحيات روسيا في المجلس قد تمت ببادرة أوروبية وليست روسية".

كيل بمكيالين
وأضاف زينين "أن جميع المؤشرات تدل على أن روسيا أكثر تمسكا بحقوق الإنسان من الغرب الذي يمارس النفاق، ذلك أنه لم يحرك ساكنا عندما تعرضت اللغة الروسية في القرم وشرق أوكرانيا للقيود، في حين أعلنت روسيا أن اللغة الروسية واللغة الأوكرانية واللغة التترية جميعها ستكون لغات رسمية في القرم".

وأضاف "هناك حملات استفزازية تشنها وسائل الإعلام الغربية تهدف إلى التأثير على الرأي العام الروسي، فعلى سبيل المثال كانت هناك أنباء تم تداولها عن نية روسيا وضع قيود على سفر مواطنيها للخارج، وهذا محض افتراء لا أساس له من الصحة، وللأسف فإن هذه الحملات ستتواصل من خلال قنوات التأثير على الرأي العام، والمهم ألا تنجر روسيا وراء هذه الاستفزازات وأن تتعامل معها بحكمة".

وعبر زينين عن استغرابه من إثارة الغرب قضايا حظر عقوبة الإعدام بحق عدد محدود من المجرمين، وإهماله حقوق الملايين في المناطق الشرقية من أوكرانيا، وقبل ذلك تغاضيه عن الانتهاكات الحقوقية التي ارتكبت -وما زالت ترتكب- في مناطق عديدة من العالم لا سيما في الشرق الأوسط".

المصدر : الجزيرة