يوم انتخابي على الطريقة التركية

عقبة الأحمد-إسطنبول
 
بات عرفا عند الأتراك أن يصادف العملية الانتخابية أيا كانت بلدية أم برلمانية يوم العطلة الأسبوعية في البلاد، حيث يتوجه الناخبون في الصباح الباكر بعائلاتهم رجالا ونساء، كبارا وصغارا، إلى مراكز الاقتراع، فيما يشبه مهرجانا ترفيهيا أو نزهة عائلية، فبينما يصوت الكبار داخل مركز الاقتراع يلعب الصغار في الخارج.

في منطقة أسكودار بالجانب الآسيوي من إسطنبول، تدفق الناخبون بكثافة كبيرة إلى مدرسة "صافت تشبي"، حيث يصوت رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، وقد اصطف داخل مركز الاقتراع الناخبون للإدلاء بأصواتهم بكل سهولة ويسر رغم الأعداد الكبيرة للمشاركين في انتخابات بلدية غير مسبوقة.

ومما يسهل عملية الاقتراع إجراءات السلطات المتمثلة في ضرورة تصويت المواطنين في مناطق سكانهم، حيث تصل لمنازلهم قبل أيام من موعد الانتخابات رسائل تتضمن مكان الاقتراع واسم المدرسة ورقم الصندوق الانتخابي ورقم الشخص المشارك في الاقتراع بقائمة الناخبين في المنطقة.

الناخبون مصطفون بأعداد كبيرة داخل أحد مراكز الاقتراع في إسطنبول(الجزيرة)
الناخبون مصطفون بأعداد كبيرة داخل أحد مراكز الاقتراع في إسطنبول(الجزيرة)

نزهة واحتفال
وبانتظار وصول أردوغان لمركز الاقتراع، أدلى الكثير من المواطنين الأتراك بأصواتهم، وخرجوا إلى ساحة المدرسة لتجاذب أطراف الحديث تارة، ولمشاركة أطفالهم باللعب تارة أخرى، ولانتهاز الفرصة في شرب كوب من الشاي أو فنجان من القهوة.

في طرف ساحة المدرسة يلعب أطفال كرة القدم، وفي الجانب آخر تمسك صغيرات بدمى، في حين يقفز أطفال آخرون بلعبة يلعبونها على أرض المدرسة، وبينما يمتطي أطفال أكتاف آبائهم، يلاحق أطفال آخرون بعضهم بعضا، حيث ساهم الطقس المشمس في تلطيف هذه الأجواء الاحتفالية المرافقة للعملية الانتخابية.

ومع اقتراب وصول أردوغان لمركز الاقتراع، احتشد الناس على جانبي الطريق القصير داخل المدرسة المؤدي للمركز، وبمجرد وصوله صفق الحضور وعلت هتافاتهم بالقول "أردوغان تركيا فخورة بك"، فبادلهم رئيس الوزراء التحية بالتلويح بيده قبل أن يدخل لإدلاء بصوته.

ومع غياب رئيس الوزراء عن الأنظار، هدأت الجموع لدقائق قبل أن تعاود الهتاف بطريقة أكثر حماسة مع خروج أردوغان الذي ودّعهم وغادر.

 
مختلف الأجيال
ومن بين المشاركين في اقتراع اليوم كبار في السن بينهم السيدة غل زار كرو التي تجاوزت الثالثة والثمانين عاما والتي قالت للجزيرة نت وهي تبتسم لما أنجزته إنها صوتت لأردوغان "الرجل الصالح الذي عمل وقدم الخدمات للشعب". واعتبرت أن مجيئها للتصويت رغم كبر سنها "واجب وطني وأمانة".

الحاجة غل زار كرو (83 عاما) أدلت بصوتها أداء لواجب وطني (الجزيرة)
الحاجة غل زار كرو (83 عاما) أدلت بصوتها أداء لواجب وطني (الجزيرة)

على طرف المدرسة كان يجلس في الظل محمد فؤاد ذو السبعين عاما وزوجته، الذي قال للجزيرة نت مفتخرا إنه وزوجته أعطيا صوتهما لحزب العدالة والتنمية، واصفا أردوغان بالقائد "ليس لتركيا وإنما للعالم".

بمقابل جيل الشيوخ يبرز جيل الشباب الذي يصوت للمرة الأولى بينهم الفتاة إرم أكتنار (18 عاما) التي قالت للجزيرة نت إن سعادتها لا توصف بتجربتها الديمقراطية الأولى، وبإعطاء صوتها لمن يستحق ويعمل من أجل البلاد وتقديم الخدمات للمواطنين.

أما عن ظاهرة اصطحاب الأطفال إلى مراكز الاقتراع في تركيا، فقالت سيدة تحمل حفيدتها إنها أرادت أن تريها رئيس الوزراء، في حين قال رجل يصطحب ابنيه إن المناسبة تجمع بين النزهة لأنها عطلة أسبوعية ومحاولة مشاهدة زعيم البلاد أردوغان.

ومع نهاية يوم التصويت يعود الأتراك إلى منازلهم بانتظار نتائج الاقتراع مساءً ويبيتون على أمل أن يحقق مرشحوهم فوزا كبيرا لتختم هذه العملية الانتخابية بنهاية سعيدة، بعد قضائهم يوما انتخابيا وعائليا بامتياز على الطريقة التركية.

المصدر : الجزيرة