تركيا.. الانتخابات البلدية بطعم البرلمانية

 

عقبة الأحمد-إسطنبول
 
تلخص مقولة الأتراك المشهورة "إسطنبولو آلان تركيي ألر" وتعني "من يفوز بإسطنبول يفوز بتركيا"، ما ستكون عليه نتائج أي عملية انتخابية في البلاد، وذلك في وقت ازدادت فيه الحملات للانتخابات البلدية المقررة بعد غد سخونة، وتصاعدت حدة الاتهامات قبيل بدء اقتراع بات يوصف بأنه استفتاء على حكومة حزب العدالة والتنمية ورئيسها رجب طيب أردوغان.

وتأتي الحملات الانتخابية في ظل فضائح بالفساد وتسريب تصريحات لمسؤولين أتراك نشرت على موقعي تويتر ويوتيوب على الإنترنت، مما دفع الحكومة إلى اتخاذ قرار بإغلاقهما بدعوى تهديد الأمن القومي.

‪‬ الأعلام واللافتات والصور تملأ كل زاويةمن شوارع إسطنبول(الجزيرة نت)
‪‬ الأعلام واللافتات والصور تملأ كل زاويةمن شوارع إسطنبول(الجزيرة نت)
 
ويتحدث آخر تسريب عن نقاش بين وزير الخارجية أحمد دواد أوغلو ومسؤولين آخرين وعسكريين لعملية عسكرية محتملة في سوريا، وهو ما سارع أردوغان وأوغلو والرئيس عبد الله غل إلى اعتباره عملا استخباريا "خسيسا" يهدد الأمن القومي.
وطالب المسؤولون الثلاثة بملاحقة المسؤولين عنه، في إشارة إلى احتمال تورط أنصار الداعية التركي فتح الله غولن الذي يتهمه أردوغان بالمسؤولية عن التسريبات وتلفيقها لإسقاط حكومته، وهو ما ينفيه الأخير.

 

ويلحظ الزائر لإسطنبول -العاصمة الاقتصادية والثقافية لتركيا- حدة المنافسة الانتخابية، إذ لا يكاد تخلو منطقة أو شارع في المدينة من أعلام ولافتات انتخابية وصور لمرشحين، وحتى صور لقادة الأحزاب الرئيسية.

 

كما تجول في الحارات والطرق سيارات بمكبرات صوت تحمل صورا للمرشحين رغم الطقس المتلبد والماطر أحيانا، والذي يعكس بشكل طبيعي ما تمر به الأجواء السياسية في البلاد.

لكن ذلك لم يمنع من استمرار الحملات الانتخابية، ففي منطقة بشكتاش بالقسم الأوروبي من إسطنبول تقابلت حملتان لحزبين معارضين على زاوية أحد الطرق الرئيسية، إحداهما لحزب الشعب الجمهوري والأخرى لحزب الحركة القومية.

ورغم التنافس السياسي فإن ذلك لم يمنع الحملتين من التناوب في بث الأغاني التي تعبر عن أيدولوجيا الحزبين دون تعكير إحداهما على الأخرى، في تصرف يعكس الحس الديمقراطي للعملية الانتخابية.

أجواء استفتاء
وقد أكد المرشح عن حزب الحركة القومية عن منطقة بشكتاش برهان أقداغ أن هذا التصرف عادة سياسية، مشيرا إلى أن حملة حزب العدالة والتنمية الحاكم في المنطقة كانت قبل أيام تجاور الحزبين، لكنها انتقلت من المنطقة بسبب انزعاجها من أغنية تهاجم الحزب الحاكم بثها حزب الحركة القومية.

أقداغ: قد يتأثر حزب أردوغان بالانتخابات لكنه لن يسقط سقوطا مدويا (الجزيرة نت)
أقداغ: قد يتأثر حزب أردوغان بالانتخابات لكنه لن يسقط سقوطا مدويا (الجزيرة نت)

وأوضح أقداغ للجزيرة نت أن زعيمي حزب العدالة والتنمية رجب طيب أردوغان وحزب الشعب الجمهوري كمال قلتيش دار أوغلو حوّلا الانتخابات البلدية التي تعنى بتقديم الخدمات للمواطن إلى استفتاء وانتخابات عامة، مما رفع من سخونة الأجواء السياسية.

وفي هذا الإطار شارك أردوغان في الأيام العشرة الأخيرة بفعالية في الحملات الانتخابية بمدن مختلفة، مما أثر على صوته وصحته. ويعكس الظهور البارز لأردوغان وزخم الحملات اعتبار الاقتراع استفتاء على شخصه.

وفي هذا السياق لم تخل الصحف المعارضة من بعض الهجمات على أردوغان وحزبه، بل والشماتة لبحة صوته، حتى إن صحيفة "ساسجو" العلمانية نشرت اليوم الجمعة تقريرا بعنوان "أغلق تويتر ويوتيوب فأغلق الله صوته"، في إشارة إلى ما حدث لصوت رئيس الوزراء.

من جانبه يعتبر أقداغ أن التسريبات الأخيرة "يمكن أن تؤثر نوعا ما على نتائج حزب العدالة والتنمية الحاكم لدى شريحة من سماهم بالناخبين الرماديين" الذين لم يتخذوا بعد قرارا بالتصويت لأي حزب، ورغم ذلك فإنه يقر بأن "حزب أردوغان لن يسقط سقوطا مدويا".

استطلاعات رأي
لكن آخر استطلاعات الرأي التي نشرتها وسائل إعلام تركية تعكس تقدم حزب العدالة والتنمية في بلديات إسطنبول بنسبة تتجاوز 42%، يليه حزب الشعب الجمهوري المعارض بنسبة 35%.

‪‬ أعلام حزب العدالة والتنمية الحاكموصور لمرشحيه في إسطنبول(الجزيرة نت)
‪‬ أعلام حزب العدالة والتنمية الحاكموصور لمرشحيه في إسطنبول(الجزيرة نت)

كما يتقدم الحزب الحاكم في بلديات العاصمة أنقرة بنسبة تتجاوز 41%، يليه حزب الشعب بـ35%. في المقابل يتقدم حزب الشعب في بلديات إزمير بنسبة تتجاوز 44%، يليه حزب العدالة والتنمية بنسبة 38.5%. أما في أضنة فالمنافسة فيها محتدمة، حيث تتساوى فيها تقريبا نسب التصويت بتقدم حزب الحركة القومية 30.5%، يليه حزب العدالة والتنمية 30.3%، ثم حزب الشعب الجمهوري 29.9%.

تجدر الإشارة إلى أن حزب العدالة والتنمية فاز بالانتخابات البلدية السابقة التي جرت عام 2009 وحقق انتصارا في إسطنبول -التي تتكون من 39 بلدية إضافة إلى بلدية إسطنبول الكبرى- بفوزه بـ26 بلدية، إضافة إلى رئاسة بلدية إسطنبول الكبرى، في حين حصل حزب الشعب على 13 بلدية.

وقد انحصر التنافس في إسطنبول بين رئيس البلدية الحالي قدير طوب باش من حزب العدالة والتنمية -الذي يراهن على ما حققه من إنجازات في قطاع المواصلات- ومصطفى سيرغل من حزب الشعب الجمهوري.

ويبيت أهالي إسطنبول على أمل استعادة أمجاد ماض تليد وتحقيق مقولة شهيرة يرددونها للزعيم الفرنسي نابليون بونابرت "لو كان العالم دولة واحدة لكانت عاصمتها إسطنبول".

المصدر : الجزيرة