الحرب دفنت حي التضامن تحت الأنقاض

الجزيرة نت-دمشق

كما يبدو جليا من اسمه، يمثل حي التضامن بجنوب دمشق أيقونة التنوع بسوريا، لكن النظام حرص على مسح هذه المعاني من ذاكرة أبنائه فاستخدم كل ما يملك من قوة لتدميره، فقتل كثيرين منهم وأجبر آخرين على الرحيل.

ويعتبر الحي بوابة دمشق الفاصلة بين المدينة وريفها، ويلاصقه مخيم اليرموك من الغرب وبلدة ببيلا ويلدا من الشرق والجنوب على التتالي، أما من الشمال فيحده حي الزاهرة ودف الشوك.

وكانت أعداد قاطنيه قبل بداية الثورة السورية تقدر بـ200 ألف يشكلون نسيجا اجتماعيا متفاوتا في العادات والتقاليد، فجلّ سكانه من الجولان العرب والتركمان والبقية من محافظات السويداء وإدلب ودير الزور ودرعا.

نواة الثورة
وشكل المنحدرون من محافظات درعا ودير الزور وإدلب نواة الثورة في الحي. وفي الطرف المقابل، يوجد شارع نسرين المحسوب تنظيميا على التضامن الذي يقطنه علويون.

وبعد انطلاق الثورة أصبح شارع نسرين منطلقا لعمليات الجيش النظامي ومركزا كبيرا لاعتقال وتعذيب سكان المناطق المجاورة المناوئين لحكم الأسد، حسب ناشطين.

ويرى عبيدة العبد الله -الذي كان يقاتل مع الجيش الحر داخل الحي- أن التضامن هو أهم أحياء جنوب العاصمة لما يمثله من موقع إستراتيجي هام كونه يفصل بين الجنوب والعاصمة.

‪مشاهد الخراب والدمار طغت على حي التضامن بجنوب العاصمة دمشق‬ (الجزيرة)
‪مشاهد الخراب والدمار طغت على حي التضامن بجنوب العاصمة دمشق‬ (الجزيرة)

وعمد النظام -حسب العبد الله- إلى تدمير الحي تدميرا كاملا كي يمنع تحصن الجيش الحر فيه أو التقدم إلى العاصمة.

ويضيف قائلا "يجب أن لا نغفل دور جيش الأسد والشبيحة الموجودين في أطراف الحي وتحديدا شارع نسرين، حيث تدور المعارك في أوقات متقطعة".

تفخيخ المنازل
ووفق العبد الله، تقصف الشبيحة الحي بشكل مستمر لمنع وصول مقاتلي الجيش السوري الحر إلى العاصمة دمشق، حتى إنهم في بعض الأحيان يفخخون المنازل ويسقطونها.

ويتحدث العبد الله للجزيرة نت عن إمكانيات الفصائل المعارضة في الحي قائلا "على الرغم من القصف والدمار والشح في العتاد والسلاح الذي يملكه مقاتلو الجيش الحر في الحي، فإنهم يتقدمون ولو ببطء تجاه دمشق".

ويروي أبو محمد -وهو مراسل "نبض العاصمة" في جنوب دمشق- أن الوضع الإنساني بالتضامن يزداد سوءا يوما بعد يوم، قائلا "منذ عدة أيام قضت سيدة بسبب الجوع وأكثر من 95% من سكان الحي نزحوا إلى المناطق المجاورة بسبب الدمار الهائل الذي لحق به نتيجة قصفه بمختلف الأسلحة".

ويقول أبو محمد إنهم تواصلوا مع منظمات حقوقية وإغاثية، وأرسلوا لها تقارير مفصلة عن الحي وما حل به وبسكانه، لكنها لم تقدم شيئا للسكان بذريعة أن ظروف سوريا كلها باتت شبيهة بواقع حي التضامن. لكن أبا محمد يتمسك بالتفاؤل قائلا إن مشهد الدمار لم يقض على أمل سكان الحي في حياة أفضل.

المصدر : الجزيرة