تواتي: المقاطعة أثبتت فشلها وترشحي لرفض الاحتقار

 

 

ياسين بودهان-الجزائر

أكد موسى تواتي مرشح حزب الجبهة الوطنية لانتخابات الرئاسة الجزائرية التي ستجري يوم 17 أبريل/نيسان القادم أنه قرر المشاركة بهذا الاستحقاق الانتخابي "من أجل مواجهة السلطة وفضحها أمام العالم".

وانتقد تواتي في حوار أجرته معه الجزيرة نت دعاة مقاطعة الانتخابات لأن المقاطعة برأيه أثبتت فشلها في مواعيد انتخابية سابقة.

وبرر ترشحه بدافع الغيرة على بلاده، ورفض الاحتقار، ومصادرة إرادة الشعب، مشيراً إلى أنه قرر خوض الانتخابات حتى يثبت للعالم أنها "مزورة" تماماً كما حدث في الانتخابات السابقة.

ورفض اتهامات موجهة له ولباقي المرشحين المنافسين للرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة، بأنهم مجرد "أرانب سباق" وأنهم ترشحوا لإضفاء مصداقية لانتخابات قاطعتها العديد من الأحزاب وخاصة المحسوبة على التيار الإسلامي.

وموسى تواتي سياسي جزائري يصنف ضمن التيار القومي، وهو ابن شهيد، من مواليد الثالث من أكتوبر/ تشرين الأول 1953 بمدينة بني سليمان التابعة لمحافظة المدية جنوبي الجزائر العاصمة.

وفيما يلي نص الحوار:

undefinedما هي الأسباب التي دفعت بكم إلى الترشح للمرة الثالثة على التوالي لانتخابات الرئاسة المقبلة في الوقت الذي قاطعت فيه أحزاب كثيرة هذا الاستحقاق؟

ما يدفعنا الغيرة على الوطن، ورفض الاحتقار، ورفض مصادرة إرادة الشعب، ورفض عدم الالتزام بالقيم الوطنية، ما يدفعنا أيضا هو كون الوصاية والسلطة تابعة لاستشارات أجنبية، بدل أن تكون آذانا صاغية للشعب الجزائري، وأن تحترمه وتقدره.

undefinedهل هناك ضمانات تكفل حقوقكم وتضمن عدم مصادرة إرادة الشعب في الاستحقاق المقبل؟

نحن لا نعترف بوجود السلطة أساسا، لأنها سلطة قائمة بالاعتداء على حقوق الناس، وعندما لا نؤمن بهذه السلطة، علينا أن ندخل في مواجهتها، وسنثبت للرأي العام الداخلي والدولي بأن هذه الانتخابات مفبركة مثل كل مرة، ونثبت أن من تعاقبوا على تسيير الدولة اعتدوا على حقوق غيرهم، واغتصبوا السلطة، والجزائر بسبب سوء حكمهم باتت اليوم في مؤخرة الأمم، رغم الإمكانات البشرية الهائلة التي تحوزها، ففئة الشباب تشكل ما نسبته 75% من عدد المواطنين، وهذه الفئة قادرة على صنع المعجزات، لو كانت هناك قيادة راشدة تقودها وتوجهها.

undefinedلكن هناك من يقول عنكم أنت وباقي المنافسين لبوتفليقة أنكم تؤدون أدوارا تكميلية فقط، لإعطاء مصداقية لانتخابات قاطعتها الكثير من الأحزاب؟

ليس كل ما يقال هو الحقيقة، ونحن نقول بأن من يستقيل ويقاطع هو الضعيف، وغير قادر على المواجهة، وبالتالي لا يحق له اتهام من يريد أن يدخل الحلبة، ويواجه السلطة لإعادة السيادة للشعب، بل على هؤلاء أن يثبتوا للرأي العام، على حيثياتهم الانتخابية ولو بورقة بيضاء، فهذا أحسن من دعوة الشعب إلى الاستقالة.

undefinedالأحزاب المقاطعة تبرر خيارها بكون الإدارة منحازة لمرشح السلطة، وأن اللعبة الانتخابية حسمت لصالح هذا المرشح، ومن العبث المشاركة في انتخابات محسومة النتائج مسبقا؟ 

هل الاستقالة والمقاطعة حققت شيئا سواء في الماضي أو الحاضر، لا أعتقد أن المقاطعة ستحقق شيئا، أو أنها ستساهم في إحداث التغيير عن طريق إزاحة أصحاب المصالح والولاء للخارج، لذلك نحن نختلف مع زملائنا وأصدقائنا الذين يعتقدون بأن المقاطعة هي الحل الأمثل للخروج من الأزمة التي دخلت فيها البلاد منذ 52 سنة. المواجهة هي الحل، علينا فضح هذا النظام بقوة الورقة، وبقوة الحضور المكثف حتى ولو بورقة بيضاء.

كان على دعاة المقاطعة أن ينادوا لعصيان مدني، وألا يخرج أي مواطن للشارع طيلة يوم الانتخاب، وبعد إعلان النتائج يخرجوا للشارع، ويحتجوا، وهنا يشهد العالم على أن المواطن الجزائري أعلن عصيانا مدنيا، وبالتالي تفقد نتائج الانتخابات مصداقيتها أمام العالم، ويعلم الكل أن الانتخابات مزورة، وهنا سيسقط النظام لا محالة، هذا اعتبره سلوكا متحضرا وواقعيا.

undefinedبالحديث عن برنامجك، كيف ترون طبيعة العلاقة بين المؤسسة العسكرية والحياة السياسية بالبلاد؟

نحن في نظام جمهوري ديمقراطي شعبي قائم على مؤسسات، هذه المؤسسات يجب أن تمارس مهامها في إطارها القانوني والدستوري، ولا يمكن أن تتجاوز صلاحياتها خارج هذا الإطار، وعلينا أولا في هذا الإطار أن نحدد مفهوم مؤسسات الدولة، وطبيعة صلاحياتها، وهنا نقول بأن الدستور الحالي يجب أن يتغير بالعودة إلى السلطة الحقيقية التي حددها بيان أول نوفمبر/تشرين الثاني، وهي السلطة القائمة على أساس نظام جمهوري ديمقراطي شعبي في إطار المبادئ الإسلامية.

علينا أن نكرس سلطة الشعب لأن من هذا الشعب يخرج العسكري، ومنه نجد القائد والرئيس وغير ذلك من طبقات المجتمع، إذا كيف يأتي صاحب البزة العسكرية لكي يكون أكثر من المواطن، ويقوم باستعباده أو الاستخفاف بسلطته، الجيش يجب أن يلتزم بدوره في حماية الحدود، وفي حماية الشعب، والحفاظ على استقرار البلاد، لا أن يتدخل في شؤون المواطن الحياتية مثلما هو الحال اليوم، علينا إذا أن نحدد مفهوم الدولة، وأن تخضع المؤسسة العسكرية لإرادة الشعب عبر الهيئات المنتخبة، وفي ذلك تكريس لسلطة الدولة المدنية، وبها نرتقي إلى مصاف الدول المتحضرة.

undefinedبالحديث عن الدستور في حال فوزكم بالرئاسة، هل هناك نية لديكم في تعديله أو تغييره؟

بطبيعة الحال نحن ننادي منذ مدة بضرورة إعادة النظر في القانون الأساسي للدولة والمتمثل في الدستور، ولا يمكن أن نقوم بذلك إلا باستشارة شعبية واسعة، للوصول إلى طبيعة الميثاق الذي يرتضيه الشعب لنفسه، وما طبيعة النظام الذي يريد أن يحكمه، هل هو نظام رئاسي، أم شبه رئاسي، أم هو نظام برلماني، بعد ذلك نقوم بصياغة الدستور، وإذا أراد الشعب أن يحكمه نظام ملكي فليكن ذلك.

undefinedاقتصاديا الجزائر تعتمد بنسبة تقارب 98% على العائدات النفطية، هل هناك خطة في برنامجكم من خلالها يتم تنويع مصادر الدخل بعيدا عن إيرادات النفط؟

نحن في الجبهة الوطنية الجزائرية نضع ضمن أولوياتنا الاستثمار في الإنسان، ولا يمكن ذلك الإنسان دون برنامج إستراتيجي، نحن نريد ترقية الإنسان الجزائري، وذلك لا يكون إلا بتطوير مناهج التعليم عبر كل المستويات، بداية من الإعدادي وصولا إلى التعليم العالي.

في هذا الإطار سنعمل على أن تكون المدرسة توجيهية وتكوينية لا مجرد حضانة أطفال، ولا نريد أيضا أن تكون الجامعة مجرد ثانوية مضخمة، وأن تتحول مؤسساتنا التعليمية إلى محاشد تستقطب الطلاب، أو تتحول إلى مخابر لتجهيل الشعب الجزائري. هدفنا تكوين التلميذ والطالب الجزائري تكوينا راقيا للمساهمة في بناء الجزائر ورقيها.

سنقوم باستحداث شهادة مهنية في مختلف المستويات من الابتدائي وصولا إلى البكالوريا، ونحن بفضل خططنا سننتج رجالا قادرين على التصدي لكل مجالات الحياة. والواقع اليوم أن المؤسسات التعليمية تخرج جيوشا من العاطلين لا مستقبل لهم، ولا دور لهم في تمنية اقتصاد بلادهم. إذا تطوير اقتصادنا يعتمد أساسا على تطوير كوادرنا عبر مناهج تعليمية متطورة، وبذلك سندفع بالاقتصاد في شتى مجالاته.

undefinedفي هذا السياق هل أنتم قادرون على التصدي لمشكلة البطالة وأزمة السكن، وهما أزمتان تؤرقان المواطن بشكل كبير؟

أنا إنسان موضوعي ومنطقي، لا أستطيع أن أعد الناس أو أكذب عليهم، هذا الأمر هو الذي أرهق المواطن الجزائري، وجعله غير قادر على تحمل المسؤولية، وبقي يحلم بيوم الفرج.

أرى أنه يجب أن تكون هناك ثقة متبادلة بين الحاكم والمحكوم، إذا كان الحاكم مثالا في العمل وفي الأداء سيكون المحكوم كذلك، نريد أن نجعل من الجزائر دولة قانون، ودولة حق، ودولة عدالة، أنا لا أرى السكن هو حصان الحرب، بل هناك أولويات أهم من ذلك، في صدارتها تثمين الإنسان وتنميته وأن نوفر له الشروط التي تحفظ له كرامته، وبداية ذلك منحه راتبا شهريا محترما، والذي لا يعمل نوفر له حماية اجتماعيا، وبخصوص الأخيرة لن تكون إلا لمن يستحقها مثل المعاق والمريض، أما الذي يستطيع العمل فنوفر له وظيفة محترمة، يمكن من خلالها تسديد إيجاره أو شراء منزل، فإذا كانت الرواتب متدنية كيف ستمنح سكنا لأي مواطن، أنا لا يمكنني أن أمنح سكنا للفرد الجزائري على حساب الأجيال القادمة.

وفي سياق توفير مناصب شغل جديدة، سأمكن العائلات الجزائرية من خلق مؤسسات صغيرة ومتوسطة خاصة في مجال الصناعة التكميلية.

كذلك سأعمل بكل جهد من أجل تطوير الزراعة لأنه من غير المعقول أننا لا ننتج غذاءنا.. إذا كانت لدينا فعلا الروح الوطنية يجب أن نحقق ذلك وأن ننهض بجزائر الجزائريين وليس جزائر الفرنسيين، لأن ما يحدث حاليا هو أن الجزائر للفرنسيين، فأموالنا كلها في خزائن هؤلاء، وهذه الأموال تأتي من ريع البترول، وهي الأسهل لسرقة حق الجيل الحالي، والأجيال القادمة.

undefinedالفساد بلغ مستويات قياسية، وهو أخطر ظاهرة تهدد الاقتصاد الجزائري، هل هناك خطة في برنامجكم للقضاء على هذه الظاهرة؟

عندما يصبح الإنسان الجزائري هو الذي ينتج فسيراقب مصير ما ينتجه، لأنه لن يقبل أن يسرق عرقه، وللقضاء على الفساد يجب علينا أن نعيد الاحترام للموظف الجزائري، وعلى هذا الموظف أن يبني مستقبله من عرق جبينه، وليس من حق الأجيال القادمة.

نحن نرى أن المؤسسات الفرنسية المفلسة جاءت للجزائر، وهي تستغل الريع الجزائري، وتستغل الإنجازات والمشاريع الجزائرية، وبدل أن نؤهل اليد العاملة الجزائرية في مختلف المجالات استدعينا شركات فرنسية مفلسة، وحطمنا الشركات الجزائرية، والهدف من ذلك واضح وجلي وهو أن يجد الحكام والمسؤولون طرقا لاختلاس الأموال العمومية، والتي هي أموال الشعب الجزائري، لذلك نحن نريد أن نثمن الفرد الجزائري ليتحمل مسؤولياته تجاه بلده، لا نستدعي من كان بالأمس عدوا للجزائريين.

undefinedوماذا في برنامجكم بخصوص المرأة؟

المرأة الجزائرية لها مكانتها، وما علينا سوى تثقيفها، والعمل على أن تكون مشاركة ومساهمة في مختلف المجالات. في أخلاقنا ومبادئنا المرأة هي نصف الرجل، وبالتالي لا يمكن أن نقمعها لأنها عنصر أساسي، وبإمكانها أن تساهم جنبا بجنب مع الرجل، مثلما كانت أيام الثورة، كانت تقوم بأعباء الأسرة وتقف بجانب الرجل في حمل السلاح والمقاومة.. المرأة صاحبة الحقوق الكاملة، وغير منقوصة، ولا يمكن أن نجعل من المرأة حصان حرب وأن نستغلها سياسيا.

المصدر : الجزيرة