هل يعطل خلاف سليمان وحزب الله عمل الحكومة؟

اجتماع لجنة صوغ البيان الوزاري
undefined

علي سعد-بيروت

ليس السجال الأخير بين الرئيس اللبناني ميشال سليمان وحزب الله هو السجال الأول بين القوى السياسية اللبنانية ولن يكون الأخير، لكن ما يميزه هو الهجوم الذي شنه الحزب على سليمان والذي وُصف بالعنيف، بعد كلام للأخير انتقد فيه بشكل غير مباشر معادلة الجيش والشعب والمقاومة التي تضمنتها كافة البيانات الوزارية للحكومات التي تشكلت بعد حرب عام 2006، ووصفها بالمعادلة الخشبية.

ومساء أمس استكمل حزب الله الهجوم الذي كانت بدأته صحف ووسائل إعلامية مقربة منه. وقال في بيان سمّى فيه سليمان بساكن بعبدا "مع احترامنا الأكيد لمقام رئاسة الجمهورية وما يمثل، فإن الخطاب الذي سمعناه بالأمس يجعلنا نعتقد أن قصر بعبدا بات يحتاج فيما تبقى من العهد الحالي إلى عناية خاصة لأن ساكنه أصبح لا يميز بين الذهب والخشب".

لكن التراشق الكلامي بين الرئاسة الأولى والحزب والذي يُتوقع أن ينعكس سلبا على عمل لجنة إعداد البيان الوزاري التي تضم ممثلين لكل الأطراف، لم يتوقف، إذ سارع سليمان إلى الرد عبر حسابه على تويتر قائلا إن "قصر بعبدا بحاجة إلى الاعتراف بالمقررات التي تم الإجماع عليها في أرجائه أي إعلان بعبدا".

مرت العلاقات بين سليمان وحزب الله على مدى سنوات رئاسته الست بالكثير من التباينات خصوصا بشأن دخول الحزب بشكل مباشر للقتال في سوريا، وصولا إلى التهديد بحكومة أمر واقع يرفضها الحزب بعد تعثر التشكيل لأشهر

ومرت العلاقات بين سليمان وحزب الله على مدى سنوات رئاسته الست بالكثير من التباينات خصوصا بشأن مشاركة الحزب بشكل مباشر في القتال في سوريا، وصولا إلى التهديد بحكومة أمر واقع يرفضها الحزب بعد تعثر التشكيل لأشهر، وما تخلله من هجوم من الحزب على السعودية واتهامها بتفجيري السفارة الإيرانية، في حين قدمت المملكة إلى لبنان ممثلا بسليمان دعما بثلاثة مليارات دولار لتجهيز الجيش اللبناني.

مطالب سليمان
واعتبر المحلل السياسي علي الأمين (مقرب من 14 آذار) أن مطالب سليمان ليست فئوية أو منحازة لطرف دون الآخر، بل فيها تأكيد على الثوابت الوطنية وعلى رأسها مرجعية الدولة وحقها في احتكار السلاح وضرورة وضع إستراتيجية دفاعية والسير بسياسة النأي بالنفس.

وقال الأمين للجزيرة نت إن سليمان حاول كل سلوك الطرق الإيجابية في حواره مع الحزب لتأمين العمل بما تم التوافق عليه، لكن الحزب ينجح دائما بسلوكه السياسي في الخروج عن الالتزامات التي يقدمها على المستوى الوطني وبينها إعلان بعبدا.

ويعتقد الأمين أنه غالبا ما جرى الالتفاف على العناصر التي تشكل الأزمة اللبنانية وتجاوزها بذريعة أن هناك أمورا أهم، لكن سليمان الذي عطلت المساومات جزءا كبيرا من دوره وأمضى أكثر من سنتين من عهده مع حكومات تصريف أعمال، يريد أن ينهي رئاسته بالتأكيد على ما عمل من أجله وعلى رأسه إعلان بعبدا.

علي الأمين: حزب الله لن يتراجع عن قتاله في سوريا (الجزيرة)
علي الأمين: حزب الله لن يتراجع عن قتاله في سوريا (الجزيرة)

من جهته، استغرب المحلل السياسي سركيس أبو زيد (مقرب من 8 آذار) "الهجوم الاستفزازي والمباشر من قبل الرئيس سليمان على حزب الله". وربط بينه وبين التطورات الإقليمية الحاصلة من أزمة أوكرانيا إلى الحديث مجددا عن ضرب سوريا من الأردن، التي قد يكون البعض في لبنان راهن عليها.

وقال سركيس للجزيرة نت إن ردة فعل الحزب على هجوم سليمان فيها نوع من عدم القدرة على السكوت أكثر، وعملية استنهاض أو ضبط لقاعدته، وفيها أيضا نوع من الدبلوماسية، لكن بيان الرد لم يُقرأ بهذه الطريقة.

لا تراجع
بالمقابل قال الأمين إن حزب الله اتخذ قرار القتال في سوريا وهو ليس في وارد التراجع عنه ويريد أن يضم المساحة السورية إلى المساحة اللبنانية وبالتالي لن يقبل بإعلان بعبدا الذي سيكون مساحة ضغط عليه، وهو مستعد لأشرس المعارك ضده.

ويرفض سليمان وقوى 14 آذار إدراج معادلة الشعب والجيش والمقاومة في بيان حكومة تمام سلام التي تشكلت يوم 15 فبراير/شباط الماضي، ويصرون على إدراج بند "حق لبنان في مقاومة الاحتلال في ظل مرجعية الدولة وسلطتها"، في حين يصر حزب الله وحلفاؤه على "حق اللبنانيين في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي"، دون أي ذكر لمرجعية الدولة.

وبينما يتمسك سياسيو حزب الله بعدم التعليق على الخلاف ويكتفون بالبيان الذي صدر، تسود مخاوف من أن ينعكس الخلاف سلبا على عمل لجنة البيان الوزاري خاصة أنها إذا لم تنجز بيانها خلال شهر (انقضت 15 يوما) تصبح حكومة تصريف أعمال.

ورأى أبو زيد أن الأمور متجهة إلى مزيد من التأزيم الداخلي الذي قد يشكل عائقا أمام إنجاز البيان، معتبرا أنه مع مرور الأيام سيتبين ما إذا كان الضوء الأخضر الذي أعطي لتشكيل حكومة جامعة مستمرا أم تحول إلى الأحمر، وعليه يحصل التصعيد أو الاحتواء.

المصدر : الجزيرة