أطفال سوريا مهددون بالضياع

أطفال سوريا ومستقبل مليء بالمآسي يتنظرهم
صعوبات في النطق والتعلم والتركيز يعانيها أطفال سوريا (الجزيرة)
undefined

سلافة جبور-دمشق

من كان يظن أن ثلاث سنين ستكون كافية لتدمير جيل كامل والقضاء على أحلامه؟ هذا ما حدث في سوريا خلال أعوام ثلاثة من الثورة.

ثورة أشعلها أطفال في درعا جنوبي البلاد، وذلك عندما كتبوا على جدران مدينتهم عبارات تندد بحكم بشار الأسد لبلادهم، باتت اليوم مأساة آلاف الأطفال في شتى أنحاء البلاد من شمالها إلى جنوبها.

ثلاثة ملايين طفل نازح داخل سوريا. أكثر من مليون طفل سوري لاجئ. أكثر من مليونين وربع المليون طفل سوري خارج المدارس. وما يزيد عن 300 ألف طفل يعيشون في مناطق محاصرة داخل سوريا. كل ذلك بحسب أحدث التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة في الشهر الحالي.

مآسٍ بدأت تلقي بظلالها على الأطفال الذين لم يعودوا فقط بحاجة للتعليم والمأوى وإنما أضحت احتياجاتهم أكبر من ذلك بكثير، كما يقول العديد من العاملين في مجال الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال داخل سوريا.

مجد -وهو شاب يعمل مع أطفال الغوطة الشرقية الذين عانوا من ويلات الحرب في سوريا وذلك منذ أكثر من عام ونصف العام ضمن مراكز تعليمية وترفيهية مخصصة للأطفال- يقول إن الاضطرابات التي يعانون منها لا تقتصر على تلك النفسية وإنما تتعداها لاضطرابات جسدية أيضاً.
 
ظواهر خطيرة
ويضيف مجد في حديثه للجزيرة نت "تظهر على الكثير من الأطفال هنا في الغوطة الشرقية مشاكل فيزيولوجية كالتبول اللاإرادي أو نفسية كالخوف والغضب واضطرابات التعلم والتركيز ومشاكل النطق، إضافة إلى فرط النشاط أو الانعزالية، وذلك بسبب خوفهم الشديد إثر تحويل النظام لأماكن سكنهم ودراستهم ولعبهم إلى ساحة حرب".

ويشير مجد إلى حدوث ظاهرة خطيرة تسمى في علم الاجتماع بتبدل الأدوار الاجتماعية، حيث اضطر الكثير من أطفال الغوطة للعمل بسبب غياب المعيل أو استشهاد الأب، مما أدى إلى انتشار عمالة الأطفال على نطاق واسع.

كما يلفت مجد إلى واقع آخر أكثر مأساوية وهو وجود الكثير من الأطفال ممن تجاوزت أعمارهم العشر سنوات، غير قادرين على القراءة والكتابة، وذلك بسبب استهداف المدارس بالقصف المتكرر وصعوبة العمل من أجل تعليم الأطفال في ظل الحصار.

أما نورا -وهي مرشدة نفسية واجتماعية تقوم بمتابعة عشرات الأطفال النازحين ضمن مدينة دمشق- فتحكي لنا قصصاً أخرى عن طفولة مسروقة، وأحلام مدمرة.

عن الموت
تذكر نورا إنها كثيراً ما تعتمد على الرسم كنشاط يساعد الأطفال على تفريغ مشاعرهم والتعبير عنها بكل حرية، إلا أن رسومات الأطفال تعكس واقعاً أقل ما يقال عنه إنه مأساوي وخطير.

وتقول نورا "صور الموت حاضرة كثيراً في رسومات الأطفال، الكثير منهم يرسم أحد أفراد أسرته وقد قتل أمام عينيه، فآلاف الأطفال شاهدوا أحد ذويهم أو أصدقائهم وهو يتحول إلى أشلاء على مرأى ومسمع منهم".

وتضيف أن صور الدبابات والطائرات وهي تقصف منازل الأطفال وتدمر أحلامهم لا تغيب عن رسوماتهم، رغم أن العديد من الأطفال يلجؤون إلى رسم منازلهم وأحيائهم كما يحتفظون بها في ذاكرتهم، جميلة لا يعكر صفو الحياة فيها شيء.

وتحكي نورا بكل أسى حكاية أحد الأطفال ذي الأعوام التسعة والذي أصابه اليأس من عودة حياته إلى ما كانت عليه، فقال لها "لا يبدو أن بشار الأسد سوف يترك الحكم. هو يريد أن يقتلنا جميعاً ولعل الموت أفضل لنا من أن نعيش تحت رحمته".

المصدر : الجزيرة