حقيقة المفاوضات السرية بين الحكومة الأفغانية وطالبان

J403 - Washington, District of Columbia, UNITED STATES : US President Barack Obama (R) and his Afghan counterpart Hamid Karzai leave after a joint press conference in the East Room at the White House in Washington, DC, on January 11, 2013. Obama and Karzai said that American forces would hand the lead in the fight against the Taliban to Afghan forces in the next few months. AFP PHOTO/Jewel Samad
undefined

ولي الله شاهين-كابل

أكد الرئيس الأفغاني حامد كرزاي أن حكومته تتفاوض سرا مع حركة طالبان في وقت وصلت فيه الخلافات بين كابل وواشنطن بشأن الاتفاقية الأمنية إلى ذروتها بعد أن اشترطت الحكومة الأفغانية للتوقيع على الاتفاقية بدء المفاوضات مع حركة طالبان وإحلال السلام في البلاد.

وتخشى الحكومة الأفغانية من انجرار البلاد إلى حرب أهلية كالتي وقعت في تسعينيات القرن الماضي، في حين يرى محللون أفغان أن ترويج الحكومة لهذه المعلومات هدفه ممارسة الضغوط على الولايات المتحدة لإجبارها على إجراء مساومات سياسية بشأن مستقبل البلاد.

فالانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في أبريل/نيسان المقبل هي الأولى بعد تحديد موعد انسحاب القوات الأجنبية بنهاية العام الجاري، وتسعى حكومة الرئيس حامد كرزاي لأن يفوز مرشح يحافظ على مكتسباتها، حيث يتنافس 11 مرشحا بينهم الشقيق الأكبر لكرازي.

ويرى المحلل العسكري عبد الواحد طاقت أن "كرزاي بهذه التصريحات يستعرض عضلاته أمام الولايات المتحدة، لكن الحقيقة أنه لا يوجد مفاوضات فعلية بين حكومة كرزاي وطالبان لا في السر ولا في العلن".

‪المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد نفى وجود مفاوضات مع الحكومة الأفغانية‬ (الأوروبية-أرشيف)
‪المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد نفى وجود مفاوضات مع الحكومة الأفغانية‬ (الأوروبية-أرشيف)

تباين بالمواقف
ويبدو أن أطراف الصراع في أفغانستان لديها قناعة بأن الحل العسكري لن يؤتي ثماره في حسم المعركة لمصلحة جهة معينة، وأن الحل السلمي لأزمة البلاد هو الوحيد القادر على وقف سلسلة الحروب التي امتدت لعقود.

فالحكومة الأفغانية شكلت لجنة للمصالحة مع طالبان والفئات الأخرى المناوئة للحكومة، ومع ذلك فليس هناك خطوات عملية لدفع مشروع المصالحة إلى الأمام، والحكومة -التي فشلت طوال أكثر من عقد في التوصل إلى اتفاق ينهي الصراع- بدت في الآونة الأخيرة أشد حرصا على المصالحة مع طالبان، وتقول إنها تفاوضت مع طالبان من دون مشاركة الولايات المتحدة.

 غير أن طالبان ما زالت تؤكد رفضها التفاوض مع حكومة كرزاي، وتقول إن الولايات المتحدة هي الجانب الذي يتحكم فعليا في الشؤون السلمية والعسكرية للبلد، أما الحكومة "فعميلة وليست صاحبة قرار".

ورغم ذلك تؤكد الحكومة الأفغانية أنها دخلت عمليا في مفاوضات ثنائية مباشرة مع حركة طالبان من دون أن تعطي تفاصيل اللقاء التفاوضي ومكانه والأشخاص الذين تفاوضوا مع طالبان من الجانب الحكومي.

من جانبه، يقول مسؤول العلاقات الخارجية في لجنة المصالحة محمد إسماعيل قاسميار إن اللجنة هي الجهة المخولة بالتفاوض مع طالبان، نافيا في حديث للجزيرة نت علمه بمفاوضات سرية بين طالبان وحكومة كرزاي.

بينما أكد المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد أن حركته لا تتفاوض إلا علنا عبر ممثلين مخولين بذلك، مشيرا إلى أن حديث الحكومة عن مفاوضات سرية يهدف إلى كسر معنويات أعضاء الحركة في جبهات القتال.

رغم وجود ترحيب شعبي بحل الأزمة الأفغانية سياسيا فإن شكوكا ما زالت لدى الأفغان في نوايا الحكومة بإبرام اتفاق سلام مع طالبان التي حاربتها منذ عام 2001 إلى جانب قوات التحالف

ترحيب وشكوك
ورغم وجود ترحيب شعبي بحل الأزمة الأفغانية سياسيا فإن شكوكا ما زالت لدى الأفغان في نوايا الحكومة بإبرام اتفاق سلام مع طالبان التي حاربتها منذ عام 2001 إلى جانب قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة.

ويرى مواطنون أفغان أن الرئيس الأفغاني يعيش أيامه الأخيرة في قصر كلخانة، ولم يبقَ أمامه سوى شهرين كي يترك المنصب لخلفه، لذا فهو يحاول "اللعب على جميع الأوراق، والمماطلة في توقيع الاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة، وإحياء عملية السلام مع طالبان ومحاولات تهدئة الأوضاع داخليا، إلى جانب حشد الدعم على مستوى المنطقة كلها لتبرئة الذمة أمام الشعب الأفغاني".

ويدرك الكثيرون أن التعامل مع كل هذه الملفات يحتاج إلى وقت لا يتوافر لحكومة كرزاي، ما لم يحدث ما يطيل فترة بقائه في السلطة، لذا يبقى الخوف والترقب هما سيدا الموقف، فاحتمالات أن تسوء الأوضاع أكثر قائمة في ظل انعدام مؤشرات واقعية تدل على قرب إحلال السلام ونهاية الحرب.

المصدر : الجزيرة