مصر 2014.. تنصيب للسيسي وتبرئة لمبارك وعنف بسيناء
أنس زكي
مع انتصاف يناير/كانون الثاني 2014، ذهب المصريون إلى صناديق الاقتراع للتصويت على دستور جديد أعلنت السلطات أنهم وافقوا عليه بنسبة كبيرة تتجاوز 98% وبنسبة مشاركة تجاوزت 38%.
وتزامنت عملية الاستفتاء على مسودة مشروع الدستور الجديد مع مظاهرات لأنصار التحالف الوطني لدعم الشرعية، رفضًا للاستفتاء وللدعوة لمقاطعته، وتحولت المظاهرات إلى أعمال عنف واشتباكات بين الأمن المصري والمتظاهرين، وسقط 11 قتيلًا من المتظاهرين، بينما قالت مصادر الشرطة إنها اعتقلت عشرات ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين بسبب ما وصفته "بإثارتهم للشغب".
ولم يحل إقرار الدستور الجديد دون استمرار العنف. وفي 26 يناير/كانون الثاني، أعلن الرئيس المؤقت عدلي منصور عن تعديل في خارطة الطريق التي أصدرتها السلطة بعد خمسة أيام من عزل الرئيس المنتخب ديمقراطيا محمد مرسي بما ينص على إجراء الانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية، وفي اليوم التالي قرر ترقية وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي إلى رتبة المشير، وهي أعلى رتبة بالجيش المصري.
تواصل التمهيد لوصول السيسي إلى قصر الرئاسة بإعلانه إنهاء خدمته في الجيش المصري واعتزامه خوض انتخابات الرئاسة، بينما استقالت حكومة حازم الببلاوي وتشكلت حكومة جديدة برئاسة إبراهيم محلب، في حين شهدت الأيام الأخيرة من الشهر قرار محكمة مصرية إحالة أوراق 528 من مناهضي الانقلاب إلى مفتي الجمهورية ما يعني اتجاه نية المحكمة للحكم بإعدامهم.
وشهدت الانتخابات مرشحا وحيدا منافسا للسيسي هو حمدين صباحي الذي حل ثالثا بأول انتخابات ديمقراطية شهدتها مصر بعد ثورة يناير/كانون الثاني 2011، واتضح من البداية أن حظوظه متواضعة. لكن المفاجأة تمثلت في ضعف إقبال الناخبين خلال يومي الاقتراع، وهو ما دفع لجنة الانتخابات إلى التمديد ليوم ثالث شهد إقبالا واضحا لتنتهي الانتخابات بفوز كاسح للسيسي تم إعلانه يوم 3 يونيو/حزيران.
تنصيب
أدى السيسي اليمين الدستورية يوم 8 يونيو/حزيران، حيث واصل نهجه في مواجهة ما يصفه بـ "خطر جماعة الإخوان المسلمين" بينما قضت محكمة مصرية يوم 21 يونيو/حزيران بإعدام مرشد جماعة الإخوان المسلمين محمد بديع و182 من أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي بدعوى إدانتهم باقتحام وحرق مقر للشرطة في إحدى مدن محافظة المنيا.
وبحثا عما يمكن اعتباره مشروعا قوميا يقدم به السيسي نفسه إلى المصريين، جاء الإعلان في أغسطس/ آب عن مشروع إنشاء تفريعة جديدة لقناة السويس التي تتميز بكونها شريانا هاما للملاحة العالمية، وهي مصدر رئيسي للعملات الأجنبية بالنسبة لمصر.
وتغنى الإعلام المحلي بالمشروع، وفتحت الحكومة باب المشاركة فيه عبر شهادات استثمار بنكية اجتذبت بالفعل عشرات المليارات لكن معظمها جاء من هيئات حكومية ومن رجال أعمال، مقابل ثلاثة مليارات قدمها المواطنون إما رغبة في دعم المشروع أو طمعا في نسبة الفوائد التي تفوق ما تقدمه البنوك في الظروف العادية.
وشهد أواخر العام قرارا حكوميا بتفعيل حكم قضائي يجرم تحالف دعم الشرعية وأنشطته، وهو ربما ما ساعد مع عوامل أخرى على انسحاب بعض القوى مثل أحزاب الوسط والاستقلال والوطن، في حين استمرت الخلافات بين الحين والآخر بين شركاء لثورة يناير، وهم الإخوان من جانب وحركة 6 أبريل والاشتراكيون الثوريون من جانب آخر.
على الصعيد الخارجي، تلقى السيسي دعما خارجيا مهما يوم 17 يونيو/حزيران عندما قرر مجلس السلم والأمن الأفريقي إنهاء تجميد مشاركة مصر في أنشطة الاتحاد، ما مهد السبيل لمشاركة السيسي في القمة الأفريقية التي عقدت بغينيا الاستوائية في وقت لاحق من ذلك الشهر بعدما زار الجزائر في أول زيارة خارجية يقوم بها كرئيس للبلاد.
وواصل السيسي جهوده لحشد الدعم الدولي لسلطته حيث زار روسيا، قبل أن يقوم بزيارة لكل من فرنسا وإيطاليا والفاتيكان والصين. كما شهدت الأيام الأخيرة من العام ما وصف بمصالحة مع قطر برعاية سعودية حيث تغيرت بشكل واضح اللهجة العدائية في الإعلام المصري ضد قطر التي قامت بدورها بوقف بث قناة "الجزيرة مباشر مصر" من الدوحة.
تبرئة مبارك
وفي نوفمبر/تشرين الثاني، رفضت محكمة مصرية دعاوى واتهامات مقدمة ضد الرئيس المخلوع "حسني مبارك" تفيد بتورطه في مقتل مئات المتظاهرين خلال ثورة يناير/كانون الثاني 2011 بعد محاكمة دامت ما يقرب من ثلاث سنوات، كما تمت تبرئة وزير الداخلية السابق، حبيب العادلي، وستة من مساعديه أيضا بتهم تتعلق بقتل المتظاهرين.
وتمت تبرئة مبارك كذلك سواء فيما يتعلق بقضية تصدير الغاز لإسرائيل أو قضية الفساد المالي، وهو ما أثار غضبا ومظاهرات راح ضحيتها قتيلان، واعتبرت أوساط داخلية وخارجية أن الحكم بمثابة وأد رسمي للثورة المصرية، بينما أشار آخرون إلى أن محاكمة مبارك هزلية من البداية حيث لم يحاكم الرجل على ما يمكن إدانته بشأنه جنائيا وسياسيا.
مواجهات بسيناء
على مدار العام، ظلت محافظة شمال سيناء مصدرا للتوتر بفعل سلسلة متواصلة من الهجمات المتبادلة بين الجيش المصري ومسلحين يفترض أن معظمهم ينتمي لجماعة أنصار بيت المقدس التي قامت لاحقا بمبايعة أمير تنظيم الدولة الإسلامية وأعلنت ما أسمته "ولاية سيناء".
ومع عدة هجمات راح ضحيتها ضباط وجنود بالقاهرة والجيزة والإسماعيلية والقليوبية، وهجوم راح ضحيته 22 جنديا في نقطة لحرس الحدود قرب الفرافرة بالصحراء الغربية (19 يوليو/تموز) تركزت الهجمات في شمال سيناء التي شهدت حملات أمنية متقطعة للجيش راح ضحيتها عشرات الأشخاص كانت البيانات الرسمية تصفهم دائما بالمسلحين أو التكفيريين.
ووصلت الأحداث إلى ذروتها يوم 19 أكتوبر/تشرين الأول، الذي شهد هجوما بقنبلة استهدف مدرعة للجيش بمدينة العريش وراح ضحيته سبعة جنود فضلا عن إصابة أربعة آخرين. ويوم 24 أكتوبر/تشرين الأول استهدف هجوم ضخم نقطة أمنية في كرم القواديس قرب العريش، بالقذائف والأسلحة الآلية، ما أدى إلى مصرع وإصابة أكثر من خمسين جنديا.
وردت السلطة بحملة شرسة تضمنت عملية عسكرية استخدمت فيها الطائرات والدبابات والعربات المدرعة، قبل أن تقرر إقامة منطقة عازلة بالشريط الحدودي مع قطاع غزة، وهو ما استدعى هدم مئات المنازل خصوصا بمدينة رفح وتهجير آلاف السكان.