مرضى أكبر مستشفى بغزة بلا طعام

المبنى الرئيسي بمجمع الشفاء الطبي بغزة
مجمع الشفاء الطبي بغزة وفيه نحو 1500 مريض لا يقدم لهم الطعام (الجزيرة)

أيمن الجرجاوي-غزة

تنتظر الطفلة الفلسطينية المريضة بيسان زنداح على سرير المستشفى وجبة الطعام اليومية التي تقدم للمرضى، لكن دون جدوى هذه المرة، فتضطر الوالدة لشراء ثلاث وجبات يوميا لابنتها على نفقتها الخاصة.

وفي الوقت الذي استطاعت فيه والدة بيسان توفير النقود لشراء وجبات الطعام اليومية، يمنع ضيق الحال عائلة طفلة مريضة تجاورها في سرير المستشفى من ذلك.

فقد أعلنت شركة التغذية الخاصة العاملة بمجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة (أكبر مجمع طبي في قطاع غزة) إضرابا مفتوحا عن العمل في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري احتجاجا على تأخر وزارة الصحة في حكومة الوفاق الوطني الفلسطينية بصرف مستحقاتها المالية منذ أكثر من خمسة أشهر.

الطفلة المريضة بيسان تنتظر والدتها لإحضار وجبات طعامها اليومي (الجزيرة)
الطفلة المريضة بيسان تنتظر والدتها لإحضار وجبات طعامها اليومي (الجزيرة)

ازدياد المآسي
والدة الطفلة التي تسكن شمال قطاع غزة تقول للجزيرة نت إن الأطفال الفلسطينيين باتوا ضحايا الخلافات الداخلية، "فتقديم وجبات الطعام للمرضى عمل إنساني لا دخل له بالسياسة".

وتضيف "هذه قسوة قلوب من المسؤولين عن شؤوننا، ويجب أن يخففوا عنا المآسي لا أن يزيدوها علينا".

وفي غرفة أخرى بمجمع الشفاء الطبي، تساءلت الفلسطينية أم وسام مصلح -شقيقة إحدى المريضات- باستغراب "هل الدعم الذي جاء إلى غزة بعد العدوان لا يكفي لتغطية نفقات وجبات طعام المرضى؟".

وتلفت أم وسام في حديثها للجزيرة نت إلى أن بعض عائلات المرضى تضطر للمجيء إلى المستشفى في غير أوقات الزيارات، لشراء الطعام المناسب وتقديمه لمرضاهم، مما يزيد من أعبائها المالية في ظل الحصار المستمر والأوضاع الاقتصادية الصعبة.

الخطة العلاجية
ويقدّم مجمع الشفاء الطبي منذ سنوات وجبات طعام وفق ثمانية جداول تتعلق بأنواع الحمى الغذائية الخاصة بالمرضى عن طريق شركات خاصة وبمناقصات سنوية.

وتعد الوجبات الغذائية التي تقدم لنحو 1500 مريض يوميا بمجمع الشفاء الطبي جزءا من الخطة العلاجية للمرضى، وفق رئيس قسم الأغذية بالمجمع حاتم قوطة.

ويقول قوطة للجزيرة نت إن شركة التغذية لم تستلم مستحقاتها منذ ما يزيد عن خمسة أشهر (أي منذ إعلان تشكيل حكومة التوافق) وتبلغ الفاتورة الشهرية لهذه الشركة نحو 75 ألف دولار.

وأحدث الإضراب إرباكا في برامج إدارة المجمع الطبي، إذ كانت تعمل منذ فترة على منع ثقافة إحضار الأهالي الطعام لأبنائهم المرضى بسبب تأثير ذلك على الخطة العلاجية، "والآن ذهبت كل تلك الجهود سدى".

وعن البدائل لحل الأزمة، يقول رئيس قسم الأغذية إنها "صعبة"، مشيرا إلى محاولات مستمرة لحث جمعيات خيرية ومؤسسات دولية على تمويل المشروع مؤقتا، "لأننا لا نملك الإمكانيات للقيام بذلك كقطاع حكومي".

مبنى الجراحات الخاصة في مستشفى الشفاء أضخم مجمع طبي بغزة (الجزيرة)
مبنى الجراحات الخاصة في مستشفى الشفاء أضخم مجمع طبي بغزة (الجزيرة)

إجراء اضطراري
من جانبه، يقول علي الخطيب رئيس مجلس إدارة شركة "سطركو" التي تقدم وجبات الطعام لمجمع الشفاء إن عدم تلقي شركته مستحقاتها المالية جعلها غير قادرة على سداد مديوناتها لشركات توريد اللحوم والفاكهة والخضار.

ويؤكد الخطيب في حديثه للجزيرة نت أن شركته قدّمت مذكرات رسمية لوزارة الصحة تحذر فيها من توقف خدماتها في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، بسبب عجزها عن سداد ديونها "ولكن دون نتيجة".

ويقر الخطيب بأن خطوة الإضراب غير مناسبة، مشيرا إلى أن احتياجات موظفي الشركة للرواتب واحتياج الشركات الأخرى لمستحقاتها اضطرهم لفعل ذلك.

ووعد وزير العمل بحكومة الوفاق الفلسطينية مأمون أبو شهلا الشركة بحل أزمتها قبل نحو 50 يوما، لكن المشكلة لم تحل حتى اليوم.

الحل بغزة
ويقول الناطق باسم وزارة الصحة بحكومة الوفاق الفلسطينية أسامة النجار إنه يمكن حل الأزمة في إطار المستشفيات داخل القطاع، وذلك بدفع جزء من رسوم الخدمات التي تجبيها من المواطنين لصالح شركة التغذية.

ويوضح النجار في اتصال هاتفي مع الجزيرة نت من رام الله أن وزارة الصحة بغزة تجبي نحو 400 ألف شيكل (106 آلاف دولار) من المواطنين شهريا لقاء تقديم الخدمات، "وعليها دفع جزء منها للشركات".

ويلفت إلى أن وزير الصحة جواد عواد سيرسل وفدا من رام الله إلى غزة للاطلاع على العقود مع شركات المحروقات والأغذية والأدوية، وحل المشاكل "في إطار ما يدفع من رسوم في قطاع غزة"، بانتظار سماح إسرائيل للوفد بالعبور إلى غزة.

وينبه النجار إلى أن مستحقات شركة التغذية في غزة لا تقارن بمستحقات بعض الشركات في الضفة الغربية التي بلغت نحو 100 مليون شيكل (26 مليون دولار)، وهي تواصل تقديم خدماتها للمرضى.

المصدر : الجزيرة