الجوع والمرض يهددان حياة النازحين باليمن

سمير حسن-اليمن

تنتاب الحيرة السيدة خضراء محمد سالم، النازحة اليمنية إلى إحدى قرى منطقة حجة، وهي تفكر في تأمين إفطار عائلتها بعد نفاد سلة الغذاء الشهرية التي تتسلمها من منظمات إغاثية في مخيمات المزرق بمنطقة حرض المتاخمة للحدود السعودية (شمالي البلاد).

وخضراء (أم أمجد) امرأة في عقدها الخامس، توفي زوجها قبل عام داخل المخيم الذي يعيشون فيه إثر إصابته بجلطة قلبية، كانت أسرتها قد نزحت عام 2009 من محافظة صعدة عقب اندلاع الحرب السادسة بين الحوثيين والجيش اليمني.

تعيش خضراء مع أبنائها الستة -وأصغرهم طفلة في الرابعة من العمر- في خيمة صغيرة، خلت من كل شيء إلا من بقايا ثياب مهترئة تكدست في إحدى زواياها، وسط ظروف حياتية غاية في التعقيد، شأنها في ذلك شأن العائلات الكثيرة التي توزعت في خيام تجاور بعضها بعضا.

‪النازحون في مخيمات منطقة حرض اليمنية عاجزون عن مواجهة ظروف الحياة الصعبة‬ (الجزيرة)
‪النازحون في مخيمات منطقة حرض اليمنية عاجزون عن مواجهة ظروف الحياة الصعبة‬ (الجزيرة)

شبه متسولة
تحدثت خضراء للجزيرة نت ودموعها تسبق الكلمات عن معاناة حقيقية، وحياة شاقة كلفتها كل ما تملك وحولتها إلى شبه متسولة من أجل إنقاذ حياة زوجها الذي توفي قبل أن تتمكن من إتمام جمع المال لدفع تكاليف علاجه في أحد المستشفيات الخاصة.

تقول أم أمجد، وهي ربة بيت تعيش على ما تقدمه منظمات الإغاثة الدولية من مساعدات، "إن هذه المساعدات لم تعد تكفي لتغطية احتياجات أسرتها من الطعام للأيام الأولى من كل شهر، وإن معاناتهم تزداد سوءا، خاصة بعد أن تم خفضها إلى النصف هذا العام.

وتشكو أغلبية النازحين من عجز أصابهم في مواجهة ظروف الحياة المعيشية الصعبة، ومن افتقار مخيمات الإيواء لأبسط الخدمات، مع غياب الرعاية الصحية اللازمة، وعدم وجود أماكن للاستحمام، إضافة إلى تعرضهم للمطر بسبب تمزق معظم الخيام وتطايرها.

مستشفى ولادة
وبينما أكد النازح إسماعيل علي للجزيرة نت أن سوء الأوضاع المعيشية دفع عائلات في المخيم للاعتماد على وجبتين في اليوم الواحد بدلا من ثلاث وجبات، أشارت النازحة جودة منصر (أربعون عاما) إلى أن إحدى النازحات توفيت قبل أسابيع بعد ساعات من مخاض عسير، بعد أن عجز ذووها عن نقلها إلى مستشفى ولادة في المدينة.

ويقدر مسؤولون وناشطون عدد النازحين في مخيمات منطقة حرض بنحو 12 ألف نازح ونازحة، من 1683 أسرة، جميعهم نزحوا من محافظة صعدة، فضلا عن آلاف النازحين الذين فروا من مناطق مجاورة امتد إليها الصراع في العامين الماضيين.

ويشير مدير المركز الاجتماعي للنازحين في حرض علي شبيكة إلى أن إجمالي عدد النازحين في محافظة حجة يقدر بنحو عشرين ألف أسرة، نصفهم من النازحين الدائمين الذين فقد عدد كبير منهم منازلهم وأعمالهم، وما تبقى يتنقلون بين مواقع النزوح المختلفة ومناطقهم.

فقدان العائلات منازلها في مناطق الصراع دفعها للبحث عن مخيمات لجوء (الجزيرة)
فقدان العائلات منازلها في مناطق الصراع دفعها للبحث عن مخيمات لجوء (الجزيرة)

أوضاع مأساوية
وقال في حديث للجزيرة نت إن "أكثر من 85% من النازحين يعيشون خارج المخيمات وموزعين على تسع مديريات داخل محافظة حجة.

وأضاف أن "معظم النازحين هم ممن فروا عام 2009 أثناء الحرب السادسة في صعدة بين الجيش اليمني والحوثيين، وكذلك في مواجهات عام 2012 في مناطق الصراع بين مسلحي الحوثي والسلفيين".

وأكد أن النازحين يعيشون أوضاعا مأساوية من ناحيتي الإغاثة والصحة في ظل ضعف الإمكانيات وتفشي الأمراض الوبائية كالإسهال والملاريا، مشيرا إلى وجود توجه لإعادة توطين بعضهم عبر دمجهم في المجتمع المضيف أو العودة الطوعية إلى ديارهم بعد إعادة الإعمار.

معايير الغذاء
من جهته، أشار مدير "مخيمات المزرق" لمنظمة الإغاثة الإسلامية في منطقة حرض علي المسملى إلى أن ما يصرف للنازحين داخل المخيمات من مساعدات غذائية من قبل منظمات الإغاثة المعنية يختلف نسبيا عما يصرف للنازحين خارج المخيمات.

وقال في حديث للجزيرة نت إن منظمات الإغاثة تقدم كيسا من قمح في الشهر لكل أسرة نازحة في المخيمات يصل عدد أفرادها إلى أقل من ستة أفراد، بينما تعطي كيسين بالإضافة إلى بعض المؤن الغذائية لمن تتكون أسرهم من أكثر من سبعة أفراد وما فوق.

وأضاف "من الصعب تلبية جميع احتياجات النازحين، ولكن هناك معايير معينة تتبعها منظمات الإغاثة والغذاء العالمية تركز في الأساس على أن تكون المواد الغذائية التي يتلقاها النازح متنوعة وتوفر له 2900 سعر حراري في اليوم، وهو ما يحتاجه للحياة، إضافة إلى أنها تمكنه من العيش بكرامة وتبعده عن التسول".

المصدر : الجزيرة