دلالات ارتفاع معدلات الانتحار في مصر

ارتفاع معدلات الانتحار في مصر
ارتفاع معدلات الانتحار في مصر وسط تضارب التفسيرات والأسباب (الجزيرة)

عبد الرحمن أبو الغيط-القاهرة

انتابت الشارع المصري حالة من الصدمة مع ارتفاع عدد حالات الانتحار، خاصة بعدما بلغت 15 حالة في أسبوع، بينها ثلاث سيدات وطفلة، وذلك بسبب تردي الأوضاع المعيشية والاجتماعية.

ووصفت بعض وسائل الإعلام القريبة من النظام تلك الحالات بأنها "عمليات انتحار استعراضي" تهدف إلى إيصال رسالة سياسية، وجعل تلك الحالات تطفو على السطح وخاصة في وسائل الإعلام.

وحسب دراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية فقد جاءت مصر في المرتبة الـ96 عالميا من حيث معدل حالات الانتحار، كما رصد جهاز التعبئة والإحصاء 18 ألف محاولة انتحار خلال العام 2011، منها ثلاثة آلاف تحت سن الأربعين، وبلغ المعدل السنوي خمس محاولات من أصل ألف.

ويرجع خبراء وسياسيون ارتفاع أعداد المنتحرين في مصر، إلى أزمات نفسية يعاني منها المنتحرون وتتصل بتفاقم الأزمات المعيشية، خاصة الفقر والبطالة.

الشارع المصري يعيش صدمةبعد انتحار 15 شخصا في أسبوع (الجزيرة)
الشارع المصري يعيش صدمةبعد انتحار 15 شخصا في أسبوع (الجزيرة)

ليست ظاهرة
"معظم من يلجؤون إلى الانتحار هم ضحايا ظروف اجتماعية قاسية وسط كمّ من ضغوط الحياة فباتوا لا يستطيعون تحملها"، هذا ما شدد عليه الباحث الاجتماعي محمد فتحي.

وأضاف في تصريح للجزيرة نت أن "إقدام 15 شخصا على الانتحار في أسبوع واحد لا يعني أن الانتحار أصبح ظاهرة"، مشيرا إلى أن مصر من أقل دول العالم في معدلات الانتحار، ومتهما وسائل الإعلام بتضخيم الأمر.

وأرجع السبب الرئيسي وراء تلك الحالات إلى تدني مستويات المعيشة، وقلة فرص العمل والحاجة إلى المال، إضافة إلى الظرف السياسي غير المستقر.

اضطراب نفسي
من جانبه أكد أستاذ علم النفس بجامعة الإسكندرية محمد زويل أن "قضايا مثل العنف المنزلي والزواج المبكر والبطالة والتربية الخاطئة وعدم القدرة على تحمل المسؤولية، تسهم في انتشار ظاهرة الانتحار"، مشددا على أن أصحاب محاولات الانتحار "مرضى نفسيون أهملت الأسرة والمجتمع رعايتهم".

وأضاف زويل في تصريح للجزيرة نت أن "نسبة الانتحار لدى المصابين بالاكتئاب تبلغ 20% في الوطن العربي، بينما نسبة الانتحار بين المصابين بانفصام عقلي تتراوح بين 10 و15%، أما حالات الإصابة بالاكتئاب بين المنتحرين فتصل إلى نحو 70%".

وبشأن الحلول الممكنة لظاهرة الانتحار، دعا زويل العائلات إلى مراقبة تصرفات وسلوك وردات فعل الأبناء والبنات ومراقبة أفعالهم ونفورهم أو استجابتهم لمتغيرات الحياة، إضافة إلى دور المدرسة والجامعة التي يجب أن تضم مرشدين نفسيين حقيقيين.

عماد الدين أديب شدد على أن بقاء معادلة أغنياء جدا على رأس السلم الاجتماعي مقابل أغلبية ساحقة من الفقراء جدا دون وجود طبقة متوسطة، يشكل خطرا عظيما على السلم الاجتماعي في مصر

رسائل مؤلمة
بدوره أكد عضو الهيئة العليا لحزب الوسط عمرو عادل أن "مصر تعاني من تمتع طبقة اجتماعية بحجم هائل من الثروة والسلطة، بينما يعاني أغلبية المصريين من الفقر والقهر لفترات طويلة".

وأضاف في تصريح للجزيرة نت "عندما قامت ثورة يناير دخل الأمل في نفوس الشعب، وحتى بعد انقلاب 3 يوليو شعر البؤساء بوجود من يمكن أن ينقذهم، ونسوا أنه من الطبقة التي أذلتهم وقتلتهم على مدى عقود طويلة، ومع ظهور الحقائق فقد الأمل في حياة كريمة ماليا واجتماعيا فزادت حالات الانتحار".

"هناك من يحاول أن يرجع ارتفاع حالات الانتحار إلى ارتفاع وتيرة المشاحنات الزوجية أو حالات شعور الشباب باليأس وفقدان الأمل بالمستقبل"، هذا ما قاله الإعلامي المقرب من النظام عماد الدين أديب.

وأضاف في مقال صحفي أن "أتباع جماعة الإخوان المسلمين يحاولون تفسير هذه الحالات على أنها شكل من أشكال الاحتجاج على نظام الحكم، لكن الإحصاءات تؤكد أنها جرت وفق المعدل نفسه في عهد مبارك والمجلس العسكري ومحمد مرسي".

لكن أديب شدد على أن بقاء معادلة "أغنياء جدا" على رأس السلم الاجتماعي مقابل أغلبية ساحقة من "الفقراء جدا" دون وجود طبقة متوسطة، يشكل خطرا عظيما على السلم الاجتماعي في مصر.

المصدر : الجزيرة