تخفيض إعانات الغذاء للاجئين السوريين بلبنان يهدد حياتهم

كثير من العائلات تلجأ الى التسول أو ممارسة أعمال خطرة لتعويض النقص في الغذاء في الحمرا بيروت في يونيو 2014
كثير من العائلات اللاجئة تلجأ إلى التسول أو ممارسة أعمال خطرة لتعويض النقص في الغذاء (الجزيرة-أرشيف)

علي سعد-بيروت

"لقد بات الوضع فعلا لا يُطاق، نعيش من ندرة الموت، وفي أحسن الأحوال عندما نجد ما نطعم به عائلاتنا لا نجد ما نقدمه لشخص يزورنا"، هكذا يختصر أنس حاله وحال عائلته وأعداد هائلة من اللاجئين السوريين مع بدء برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة تخفيض إعانات الغذاء التي يقدمها شهريا إلى 20 دولارا لكل لاجئ.

ولا يرى أنس -الذي يقطن في شقة مستأجرة مع عائلة شقيقه في منطقة شعبية على مرمى حجر من العاصمة بيروت- تبريرا لهذا التخفيض "في وقت يدعي العالم كله مساعدتنا والوقوف إلى جانبنا"، مشيرا في هذا السياق إلى المصاعب الجمة التي ستعترض حياته إذا ما سرى هذا الأمر على الأشهر المقبلة.

ولعل أكثر ما يخيف أنس وألمح إليه أكثر من مرة هو مصير أطفاله، فعمله المتقطع في تحميل البضائع بالكاد يكفي لتسديد إيجار الشقة وبعض المصاريف، مبديا قلقا شديدا على أولاده الأربعة، الذين لم ينجح حتى الساعة في تسجيل أي منهم في المدرسة.

‪الأمم المتحدة أعلنت تخفيض الحصة الغذائية للاجئين السوريين إلى 20 دولارا‬ (الجزيرة)
‪الأمم المتحدة أعلنت تخفيض الحصة الغذائية للاجئين السوريين إلى 20 دولارا‬ (الجزيرة)

نقص التمويل
وكانت الأمم المتحدة أعلنت البدء بتخفيض الحصة الغذائية مطلع شهر أكتوبر/تشرين الأول في عدد من الدول من بينها لبنان. ويقدم برنامج الغذاء العالمي بطاقة إلكترونية للاجئين السوريين تمكنهم من شراء مواد غذائية بقيمة 30 دولارا شهريا من متاجر محددة.

وقالت المسؤولة الإعلامية في برنامج الغذاء العالمي في لبنان ساندي مارون إن نقص التمويل تسبب في هذا القرار الذي وصفته بالصعب جدا، مشيرة إلى أن نقص التمويل يشمل كافة دول جوار سوريا التي يوجد فيها لاجئون، إضافة إلى حوالي 4 ملايين نازح داخل سوريا.

ولفتت مارون -في حديثها للجزيرة نت- إلى أن عدد اللاجئين والنازحين يتزايد، بينما لا يلبي التمويل هذا التزايد في الأعداد، مضيفة أنه مع كل الجهود والمساعي للتواصل مع الدول المانحة لتأمين النقص في التمويل لم يكن ممكنا تجنب هذا القرار خلال الشهر الجاري، محذرة من أن نقص الحصة الغذائية سيستمر إذا لم يتم تأمين التمويل خلال الشهرين الأخيرين من العام.

وكشفت مارون أن النقص خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول يبلغ 33% من المبلغ المطلوب للاستمرار في تقديم 30 دولارا شهريا، وهو يساوي 35.5 مليون دولار، وسيتوجب تأمين 95.5 مليون دولار حتى نهاية العام لعودة الحصة الغذائية إلى سابق عهدها.

وأشارت إلى أن عدد اللاجئين الذين يقدم لهم البرنامج المساعدات الشهرية في لبنان ارتفع خلال شهر سبتمبر/أيلول الماضي إلى 880 ألف لاجئ، و900 ألف خلال أكتوبر/تشرين الأول.

وتشير تقديرات رسمية إلى تخطي عدد اللاجئين السوريين في لبنان المليون ومائتي ألف لاجئ، في حين يُتوقع أن يكون العدد الحقيقي أكثر من ذلك بكثير خصوصا وأن الكثير من اللاجئين غير مسجلين في مفوضية شؤون اللاجئين، أو دخلوا إلى لبنان بطريقة غير شرعية.

‪الأطفال هم الفئة الأكثر تضررا من قرار تخفيض إعانات الغذاء للاجئين‬ (الجزيرة)
‪الأطفال هم الفئة الأكثر تضررا من قرار تخفيض إعانات الغذاء للاجئين‬ (الجزيرة)

تهديد للأطفال
وأبدت ساندي مارون قلق الأمم المتحدة الشديد من تأثير التخفيض على حياة العائلات التي يعتمد بعضها بشكل كلي على هذه البطاقة لتحصيل قوته اليومي دون أن يكون لديهم أي مصدر آخر، مشيرة إلى أن حالة العائلات الغذائية ستكون فعلا صعبة، وسيؤثر الأمر عليهم أيضا من الناحية الصحية.

وحذرت بشدة من التأثير السلبي لتخفيض الحصة الغذائية الشهرية على الأطفال اللاجئين، ملمحة إلى أنهم قد يكونون الفئة الأكثر تضررا من هذا القرار، خصوصا على الظواهر الاجتماعية مثل الأطفال الذين يزج بهم في الشارع للعمل في مهن معينة أو للتسول من أجل رفع مدخول العائلة.

وحتى الساعة لا يزال أطفال أنس غير مضطرين إلى العمل أو التسول بفعل جهود جبارة يقوم بها الرجل للحفاظ على عائلته، لكن ضحكة أطفاله البريئة -الذين لا يتجاوز عمر أكبرهم 13 عاما- باتت في خطر شديد.

المصدر : الجزيرة