هزيمة مدوية لرموز نظام بن علي في الانتخابات

هزيمة مدوية للأحزاب التي تشكلت على أنقاذ الحزب الحاكم السابق (فيفري/شباط 2014 في قصر المؤتمرات بالعاصمة تونس)
الحركة الدستورية المليئة برموز النظام السابق لم تفز بأي مقعد في الانتخابات البرلمانية (الجزيرة نت)

خميس بن بريك-تونس

رغم أن قانون الانتخابات لم يمنعهم من الترشح فإن الناخبين التونسيين وجهوا صفعة قوية عبر صناديق الاقتراع إلى الأحزاب المنبثقة عن النظام السابق، والتي كانت تتحدث عن عودة قوية إلى المشهد السياسي التونسي.

وبغض النظر عن حزب نداء تونس الذي فاز بأغلبية الأصوات ويضم خليطا غير متجانس من رموز النظام السابق، ومعارضين له وشخصيات من اليسار وأطرافا نقابية، منيت الأحزاب الدستورية بفشل ذريع في الانتخابات.

وبينما تراجع رصيد حزب المبادرة الدستورية الذي يتزعمه كمال مرجان -آخر وزير خارجية في عهد الرئيس المخلوع- من خمسة إلى أربعة مقاعد برلمانية، لم تفز الحركة الدستورية التي تعج برموز النظام السابق بأي مقعد.

‪نتائج هيئة الانتخابات تكشف عن فشل ذريع للأحزاب التجمعية‬ (الجزيرة نت)
‪نتائج هيئة الانتخابات تكشف عن فشل ذريع للأحزاب التجمعية‬ (الجزيرة نت)

هيبة الدولة
ويرأس الحركة الدستورية حامد القروي (88 عاما) الذي تقلد منصب رئيس الحكومة إبان صعود الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي إلى الحكم. وتضم هذه الحركة أغلب الوزراء والمسؤولين الذين عملوا في النظام السابق.

وبشأن موقفها من الهزيمة قالت عضوة الهيئة السياسية في الحركة الدستورية عبير موسى "إن النتائج أظهرت أن التصويت كان مؤسسا على غاية وحيدة في ذهن التونسيين، وهي إرجاع هيبة الدولة ومقاومة التطرف".

وأضافت أن مشاركة الحركة الدستورية في الانتخابات كان من منطلق الانخراط في اللعبة الديمقراطية وممارسة حق سياسي، مبينة أن سبب عدم حصولها على مقاعد هو انصراف قواعدها للتصويت لصالح حركة نداء تونس.

تاريخ مظلم
لكن المواطن عمر التابلي عزا خسارة الأحزاب التجمعية والدستورية إلى ضلوعها في ارتكاب مظالم كبيرة في السابق، قائلا "لقد أقصاها الناخب عبر صناديق الاقتراع لأنه لا يثق بنزاهتها بسبب تاريخها المظلم".

ويضيف للجزيرة نت أن الناخبين رفضوا التسامح مع من تورط في حقبة الاستبداد السابقة ووضعوا حدا لعودة المسؤولين السابقين إلى الحكم، رغم إلغاء قانون العزل السياسي وتمتعهم بحقوقهم المدنية والسياسية وفق الدستور.

وحسب القيادي في حركة النهضة سمير ديلو فإن خسارة الأحزاب التجمعية تقرأ من أوجه مختلفة، مبينا أنه "إضافة إلى عقابها من قبل الشعب فقد خسرت تلك الأحزاب بسبب تصويت الكثير من قواعدها لحزب نداء تونس".

‪ديلو: الشعب عاقب الأحزاب التجمعية‬ (الجزيرة نت)
‪ديلو: الشعب عاقب الأحزاب التجمعية‬ (الجزيرة نت)

رموز قديمة
ويضيف ديلو أن "الأدلة في مكاتب الاقتراع لا تحصى ولا تعد بأن هناك أنصارا من أحزاب المبادرة والحركة الدستورية لم يصوتوا لأحزابهم وصوتوا لنداء تونس"،الذي يقول إنه لم يكن يجاهر بأنه حزب أعاد تدوير رموز النظام القديم.

ويرى أن "الأحزاب التجمعية التي جاهرت باعتزازها بالنظام السابق تعرضت إلى عقاب انتخابي"، قائلا إن "هذه النتيجة ستتكرر في الانتخابات المقبلة لأن من هندسوا للدكتاتورية لا يصلحون في هندسة البناء الديمقراطي".

أما من وجهة نظر المحلل السياسي خالد عبيد فإن المشهد السياسي يعيش تشكل خارطة جديدة تقوم على معطى أساسي وهو أن "الناخبين التونسيين فقدوا الثقة والأمل بالتشكيلة السياسية القديمة وحتى الجديدة".

نبض الشارع
ويقول عبيد إنه عندما قاطع الناخب الأحزاب ذات المرجعية التجمعية فإنه عاقبها ووضعها في حجمها الحقيقي، لكنه يقول "إن الناخبين عاقبوا أيضا أحزابا تاريخية مثل الحزب الجمهوري وحزب المسار اللذين خسرا موقعهما في الساحة".

ويضيف أن الناخبين عاقبوا أيضا أحزاب حكومة الترويكا السابقة لاسيما حزبي المؤتمر والتكتل، ولكن بدرجة أقل بكثير من حركة النهضة التي فازت بالمركز الثاني ولا تزال تحافظ على موقع متقدم في المشهد السياسي.

ويرى عبيد أن أغلبية الأحزاب السياسية لم تفهم حقيقة تطلعات الناخبين ونبض الشارع التونسي، مشيرا إلى أنه لا يمكن فهم فوز حركة نداء تونس في الانتخابات إلا بقدرته على الاقتراب من نبض التونسيين وأولوياتهم.

المصدر : الجزيرة