أبو محمد المقدسي

أبو محمد المقدسي منظر تيار السلفية الجهادية في الأردن - مجلة الجزيرة
"المقدسي" لقب يعتبره المنظر السلفي الجهادي "تشريفا له"، كونه ولد في مكان قريب من بيت المقدس (الجزيرة)

أبرز منظري التيار السلفي الجهادي، ومسؤول شرعي سابق في معسكرات تنظيم القاعدة في أفغانستان، قضى نحو 16 عاما من السنوات العشرين الأخيرة في السجون الأردنية، انحاز لـجبهة النصرة في خلافها مع تنظيم الدولة الإسلامية وهاجم الأخير، ومؤخرا وقع على بيان يصف التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة بأنه "صليبي".

المولد والنشأة: عصام محمد طاهر محمد محمود سليمان الحافي العتيبي، ويلقب بلقبي "البرقاوي" نسبة إلى قرية برقة في نابلس بفلسطين التي ولد فيها في 3/7/1959، و"المقدسي" وهو لقب يعتبره المنظر السلفي الجهادي "تشريفا له"، كونه ولد في مكان قريب من بيت المقدس.

عاش المقدسي ثلاثة أعوام فقط مع عائلته في قرية برقة، ثم انتقل مع عائلته إلى دولة الكويت حيث كان والده يعمل وقتها، وأكمل دراسته من الابتدائية حتى الثانوية في مدارس الكويت.

لم يكمل المقدسي دراسته الجامعية، حيث التحق ابتداء بإحدى الجامعات في سراييفو خلال تبعيتها ليوغسلافيا السابقة لدراسة الهندسة، ولكن نظرا لصعوبة تعلم اللغة المحلية ونظام الدراسة قرر العودة للأردن.

ثم التحق بجامعة الموصل في العراق، ودرس سنتين في كلية العلوم فيها، عندما قرر ترك الدراسة بسبب ما اعتبره وقتها مخالفات شرعية في حياته الجامعية وخاصة الدراسة المختلطة، حيث عاد لعائلته في الكويت بعد أن راسل الشيخ عبد العزيز بن باز وقتها حول شرعية استكمال دراسته الجامعية في جامعة مختلطة، فأفتى له الأخير -كما ذكر المقدسي- بترك الدراسة ووعده بمنحة تزكية للدراسة في إحدى الجامعات السعودية.

حصل المقدسي على تزكية ابن باز، إلا أنه لم يتمكن من الحصول على قبول في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، لكنه تمكن من المكوث في المدينة المنورة، وتلقى العلوم الشرعية على يد عدد كبير من علمائها في ثمانينيات القرن الماضي ومنهم الشيخ ابن باز، كما عكف على مطالعة وتحقيق الكتب والمخطوطات في مكتبتي الجامعة الإسلامية ومكتبة الحرم المدني.

لا يُعرف عن المقدسي إلا اشتغاله بطلب العلم الشرعي وتأليف الكتب وأشهرها على الإطلاق كتاب "ملة إبراهيم" الذي يتخصص في شرح عقيدة التوحيد، وهو الذي يعتبر مرجع العقيدة بالنسبة للتيار السلفي الجهادي وتنظيماته الممتدة

الوظائف والمسؤوليات: لا يُعرف عن المقدسي إلا اشتغاله بطلب العلم الشرعي وتأليف الكتب وأشهرها على الإطلاق كتاب "ملة إبراهيم" الذي يتخصص في شرح عقيدة التوحيد، وهو الذي يعتبر مرجع العقيدة بالنسبة للتيار السلفي الجهادي وتنظيماته الممتدة، وطبع الكتاب أول مرة في باكستان عام 1986، وترجم بعدها للعديد من اللغات.

التوجه الفكري: يقول المقدسي في حلقات سجلها لصالح منبر التوحيد والجهاد -الموقع الرسمي للمقدسي ومؤلفاته- إن علاقته مع التدين بدأت منذ سن الـ 16، عندما تأثر بأحد أصدقائه المتدينين في المدرسة، وأصبح من وقتها نشيطا ومرتبطا بمسجد الشيخة بدرية بالكويت.

وبدأت علاقة المقدسي مع التنظيمات الإسلامية بالانتساب للتيار السروري، الذي أسسه محمد بن سرور في الكويت بعد انشقاقه عن جماعة الإخوان المسلمين وترحيله من السعودية، حيث نشط في التنظيم وتعلم فيه أسس العقيدة والفقه والعمل الحركي وتقرب من أمير التنظيم محمد بن سرور، ونشط هذا التنظيم في الكويت ودول الخليج العربي.

اختلف المقدسي مع السروريين، حيث جرى فصله من التنظيم، ليتقرب من جماعة القطبيين -نسبة إلى المنتسبين لمدرسة سيد قطب من المختلفين مع مدرسة الإخوان المسلمين- حيث تأثر بإمام مسجد الخلف في الكويت السيد يوسف عيد، وهو أحد الذين اعتقلوا مع سيد قطب، وأحد الخمسة الذين أشار لهم قطب بسؤالهم عن مواقفه خلال سجنه وذلك في رسالة سيد قطب الشهيرة "أفراح الروح".

في مرحلة لاحقة التحق المقدسي بما عرف باسم جماعة جهيمان العتيبي، وتأثر بعقيدتهم السلفية وتتلمذ على يد عدد من شيوخهم، وكان هذا التقرب أحد الأسباب التي أدت إلى فصله من التيار السروري، ويمتدح المقدسي "جماعة جهيمان" في نشاطها الدعوي وخاصة في المناطق البدوية السعودية وتعليم الناس أسس التوحيد، لكنه يؤكد أنه اختلف معها في بعض القضايا ومنها عدم تكفير من ينتسب للشرطة والجيش، مما أدى إلى ابتعاده عنهم قبل أن تدخل الجماعة في مواجهة مسلحة مع السلطات السعودية داخل الحرم المكي عام 1980.

مرحلة أفغانستان: منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي تردد المقدسي على باكستان وأفغانستان عدة مرات، ويؤكد أن ما ساعد في هذا التردد الكثيف هو فتح الباب للشباب الإسلامي للجهاد في أفغانستان من قبل السعودية وباكستان.

وكان أول التحاق للمقدسي في معسكرات المجاهدين داخل أفغانستان في معسكر "صدى" الذي كان يديره الدكتور عبد الله عزام، حيث تلقى التدريب العسكري هناك، قبل أن يختلف مع الدكتور عبد الله عزام ومع أغلبية الموجودين في المعسكر والذين قال إنهم كانوا من المنتسبين لمدرسة الإخوان المسلمين، حيث غادر المعسكر بعد ذلك.

التحق المقدسي بمعسكرات القاعدة في خوست، وعين مسؤولا شرعيا عن معسكر جهاد واد، وهو معسكر كان مخصصا لتدريب قوات خاصة تابعة للقاعدة وكل الموجودين فيه من العرب، ثم انتقل لمعسكر الفاروق بتكليف من أحد أمراء القاعدة

والتحق المقدسي بعدها بمعسكرات القاعدة في خوست، وعين مسؤولا شرعيا عن معسكر جهاد واد، وهو معسكر كان مخصصا لتدريب قوات خاصة تابعة للقاعدة وكل الموجودين فيه كانوا من العرب، ثم انتقل لمعسكر الفاروق بتكليف من أحد أمراء تنظيم القاعدة.

التقى المقدسي خلال مرحلة باكستان وأفغانستان الشيخ عمر عبد الرحمن، المعتقل حاليا في الولايات المتحدة، كما التقى أمير تنظيم القاعدة الدكتور أيمن الظواهري، وكلا من أبو عبيدة المنشيري، وأبو حفص المصري، وأبو مصعب السوري.

اعتقالات وأحكام: عاد المقدسي بعد هذه المرحلة للأردن، حيث اعتقل عام 1993 مع أحمد فضيل الخلايلة "أبو مصعب الزرقاوي" -في ما بعد- وآخرين، حيث حكم عليهم بالسجن لمدة 15 عاما بتهمة الانتماء إلى تنظيم ما يعرف بـ "بيعة الإمام"، وخرج المقدسي والزرقاوي وجهاديون آخرون من السجن عام 1999 إثر عفو صدر من الملك عبد الله الثاني في بداية عهده.

وتوالت اعتقالات المقدسي في الأردن، فاعتقل عدة مرات، وقد ذكر للجزيرة نت أنه ومنذ عام 1996 مكث في السجن حوالي 16 عاما، أكثر من نصفها دون أحكام قضائية، وخمسة أعوام منها قضاها في سجن المخابرات الأردنية من عام 2001 حتى 2006.

وفي يونيو/حزيران عام 2014 أفرجت عنه السلطات الأردنية، لكنها ما لبثت أن أعادت اعتقاله مرة أخرى في أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه.

المصدر : الجزيرة