وادي عربة.. عنوان لإخفاق معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية

الجزيرة نت-عَمان

تعتبر الذكرى السنوية لتوقيع معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية في وادي عربة، التي تصادف اليوم، مناسبة سانحة لانتقادات شعبية واسعة ترى أن المعاهدة "لم تقدم شيئا مفيدا للمملكة"، في حين تلتزم الحكومة الأردنية الصمت فلا تتحدث عن الموضوع سلبا أو إيجابا.

ويرى ساسة أردنيون أن إخفاق السلام بين البلدين يتضح بشدة في وادي عربة الذي احتضن -ربما قسرا- توقيع المعاهدة، وهي منطقة قبلية صحراوية تتبع البادية الجنوبية التي تعاني التهميش والنسيان وغياب الرعاية الحكومية.

ويقول سكان محليون ما زالوا يقطنون خياما بالية وبيوتا مصنوعة من الصفيح الرخيص إن وعود الازدهار والرخاء التي تضمنتها المعاهدة لم تجد طريقها إلى التنفيذ رغم مرور عقدين من الزمن.

وتفتقر كثير من التجمعات السكنية في وادي عربة حتى يومنا هذا إلى الخدمات الأساسية التي تلتزم الدولة توفيرها كالماء والكهرباء وشبكات الصرف الصحي، عوضا عن ندرة المستشفيات والمراكز الصحية. 

ويضطر طلاب المدارس إلى قطع مسافات طويلة مشيا للوصول إلى مدارسهم التي أقامتها السلطات المحلية داخل مناطق وعرة مليئة بالتعرجات. 

مقومات الحياة
وفي طرقات ترابية ضيقة، التقت الجزيرة نت بعض البدو الذين بدا عليهم الوجوم، مؤكدين افتقارهم لأدنى مقومات الحياة.

ويقول السبعيني أبو محمد -وهو أب لسبعة أبناء غالبيتهم عاطلون- "معاهدة السلام التي وقعت هنا لم تغير أي شيء في حياتنا، سمعنا كلاما كثيرا عن تحسين الأوضاع بعد المعاهدة، لكن لم نر شيئا تحقق".

وأضاف الأب أن "رواتب الناس هنا لا تتعدى 150 دينارا (214 دولارا)، صار الفقر فوق طاقتنا". 

ورغم مرور عشرين عاما على توقيع معاهدة وادي عربة، تتصاعد الأصوات الشعبية ولا سيما المعارضة مطالبة بإلغائها، فيما يرى موالون للسلطة أن الإلغاء قد يشكل خطرا على المملكة.

بدو في وادي عربة يرون أن وعود الرخاء التي تضمنتها معاهدة السلام فارغة (الجزيرة)
بدو في وادي عربة يرون أن وعود الرخاء التي تضمنتها معاهدة السلام فارغة (الجزيرة)

علاقات تتعزز
ويقول مراقبون إن العلاقة بين الأردن وإسرائيل تعززت على نحو كبير مؤخرا، بسبب صعود الجماعات الإسلامية المسلحة في المنطقة، في إشارة واضحة لـتنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد دعا الأسرة الدولية قبل أيام إلى دعم الأردن أمام تهديد "الإسلام المتطرف".

وتقول عمان إنها تراقب عن كثب الاعتداءات الإسرائيلية على الحرم القدسي، ولا تتوقف عن إدانة إسرائيل لانتهاكاتها المتكررة للمقدسات. وبموجب معاهدة السلام تشرف المملكة على المقدسات الإسلامية في مدينة القدس. 

وقال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني قبل أيام إن "إسرائيل تريد كل خمس دقائق أن تذبح أولادنا في غزة والقدس"، منتقدا أمام أعضاء في البرلمان ما سماه "التطرف الصهيوني".

لكن لم تمض 24 ساعة على تصريحات الملك حتى تحدث السفير الإسرائيلي في عمان دانييل نيفو لإذاعة الجيش الإسرائيلي بأنه "لن يكون بإمكان إسرائيل أن تحلم بدولة جارة أفضل من الأردن".

وقلل نيفو من دلالة الانتقادات الكلامية الصادرة عن القيادات السياسية الأردنية بسبب السياسات الإسرائيلية بالقدس، معتبرا أن هذه الانتقادات تندرج في إطار محاولة النظام الأردني امتصاص غضب الجمهور. 

‪بني أرشيد: معاهدة السلام حققت المصالح الإسرائيلية ولم تحقق أي مصلحة للأردن‬ (الجزيرة)
‪بني أرشيد: معاهدة السلام حققت المصالح الإسرائيلية ولم تحقق أي مصلحة للأردن‬ (الجزيرة)

من المستفيد
ويرى زكي بني أرشيد، وهو نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين بالأردن، أن المعاهدة "حققت المصالح الإسرائيلية ولم تحقق أي مصلحة أردنية".

ويقول القيادي الإخواني للجزيرة نت "الأردن لم يستطع وقف العدوان على المسجد الأقصى ولا على الضفة الغربية وقطاع غزة، وعلى الجانب الاقتصادي زاد الفقر والشقاء وتضاعفت المديونية خمس مرات".

ويرى مقاومو التطبيع أن محاولات بناء علاقات طبيعية بين الشعب الأردني والإسرائيليين باءت بالفشل. وقال الناشط في مقاومة التطبيع بادي رفايعة للجزيرة نت إن "هناك إجماعا شعبيا على ضرورة إلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل".

في المقابل، حذر المحلل السياسي سلطان الحطاب -الذي كان مؤيدا للاتفاقية- من دعوات إلغاء السلام بين البلدين، لكنه لم يتردد في القول إن المعاهدة "تعاني اليوم حالا من البرود".

وقال للجزيرة نت "الظروف التي وقعت فيها الاتفاقية قبل عشرين سنة مختلفة تماما، الأردن كان يطمح أن يكون السلام عربيا شاملا، لكن الاتفاقية بقيت مبتورة مجتزأة". وأردف "المطالبات الشعبية مبررة، لكن الاتفاقية لها علاقة بالاستقرار أكثر من المصالح، وإلغاؤها لا يخدم الأردن ولا القضية الفلسطينية"، وختم بالقول "قطع العلاقات مع إسرائيل يعني أننا نقفز إلى الفراغ".

المصدر : الجزيرة