في قرى تونسية مهمشة.. لا طوابير للناخبين

إقبال ضعيف من الناخبين في مركز الاقتراع بقرية "القبيعة" (26 أكتوبر/تشرين الأول 2014 قرية القبيعة بواد الليل من محافظة منوبة)
عدد قليل من الناخبين أقبل على التصويت في مركز اقتراع في قرية البقيعة بوادي الليل غربي العاصمة التونسية (الجزيرة نت)

خميس بن بريك-تونس

لم تشهد بعض القرى النائية التي تعيش تهميشا اقتصاديا إقبالا ملحوظا في أول انتخابات برلمانية في تونس تجرى عقب الانتهاء من كتابة الدستور الجديد مطلع هذا العام، حيث غابت طوابير الناخبين أمام مكاتب الاقتراع.

ففي قرية "القبيعة" التي تقع بمحافظة منوبة غربي العاصمة, وتحديدا بمنطقة وادي الليل, التي شهدت قبل أيام اشتباكات دامية بين مسلحين ورجال الأمن وانتهت بمقتل رجل أمن وستة مسلحين بينهم خمس نساء، تبدو حركة توجه الناخبين للإدلاء بأصواتهم بطيئة جدا.

وهذه القرية الصغيرة لا تبعد سوى ثلاثين كيلومترا عن العاصمة, لكن لا يوجد فيها أثر للاستثمارات أو مظاهر للتنمية. ويرتفع في القرية معدل بطالة الشباب الذي يجلس ساعات طويلة في المقهى, وجزء منهم لا تعنيه الانتخابات.

ومع بدء التصويت, كان عدد قليل من الناخبين يسيرون بخطى متباطئة على أرض قاحلة باتجاه مدرسة ابتدائية بتلك القرية حيث تمّ تركيز مركز اقتراع عليه حراسة مشددة من الجيش والأمن وسط شبه غياب للناخبين.

وهناك بدت أجواء الانتخابات باردة برودة الطقس لعزوف ناخبين كُثر بسبب ما اعتبره بعضهم تهميشا لمطالب جهتهم, وعدم التزام السياسيين بوعودهم السابقة.

‪طارق عبد الله قال إن السكان لم يلمسوا تغييرا إيجابيا بعد الثورة‬ (الجزيرة نت)
‪طارق عبد الله قال إن السكان لم يلمسوا تغييرا إيجابيا بعد الثورة‬ (الجزيرة نت)

ثقة مفقودة
تقول مريم الرزقي (51 عاما) للجزيرة نت إنها من بين النساء القلائل اللاتي جئن للتصويت، مشيرة إلى أنّ أهالي المنطقة "سئموا وعود السياسيين, وأصبحوا لا يثقون في برامجهم الانتخابية في ظل تدهور أوضاع البلاد بعد الثورة".

وتضيف مريم أن غايتها من التصويت تحسين أوضاع قريتها المهشمة، مؤكدة أن الوضع الاجتماعي هناك "يزداد سوءا بسبب تلوث الماء الصالح للشرب, وغياب المرافق الصحية, فضلا عن انتشار الفقر والبطالة".

في السياق يقول ابن القرية طارق عبد الله (33 عاما) -الذي كان جالسا خلف أسوار مركز الاقتراع يشاهد أطفال الحي يلعبون الكرة- إن أهالي "القبيعة" لم يلمسوا أي تغيير إيجابي بعد الثورة، مؤكدا أن الأوضاع "زادت تأزما".

وهذا الشاب أصبح عاطلا عن العمل منذ نحو ثلاث سنوات بعدما أغلق مستثمر أجنبي مصنعا للنسيج في جهتهم نتيجة الاضطرابات الأمنية والاجتماعية بعد الثورة، وهو إلى الآن يبحث عن شغل قار.

ويقول طارق إنه فقد ثقته في الانتخابات نتيجة "انحياز" رؤساء مراكز الاقتراع إلى أطراف سياسية لم يسمها. ومع ذلك يؤكد أنه قرر منح صوته حزبا يعتبره "ليس أسوأ من غيره" لتحسين أوضاع البلاد.

‪بعض الناخبين من أهالي قرية البقيعة في طريقهم لمركز الاقتراع‬ (الجزيرة نت)
‪بعض الناخبين من أهالي قرية البقيعة في طريقهم لمركز الاقتراع‬ (الجزيرة نت)

لا طوابير
وغير بعيد عن هذا المكان تقع قرية بجاوة في منطقة وادي الليل, وهي من المناطق المحرومة التي تعيش بدورها أوضاعا اجتماعية صعبة لانعدام البنية التحتية, وغياب المشاريع, وارتفاع معدلات البطالة والفقر والتهميش.

وفي هذه القرية توجه عدد قليل من الناخبين للإدلاء بأصواتهم, وغابت الطوابير في مشهد يوحي بعزوف الناخبين.

ويقول الناخب بشير بجاوي (23 عاما) للجزيرة نت إنه يعتقد أن تهميش الشباب في قريته, وتدهور ظروفهم المعيشية في غياب حلول تعالج مشاكلهم, دفعهم لعدم التصويت.

لكنه يقول إنه لا يشاطر رأي الذين يقاطعون الانتخابات، وإنه جاء للتصويت لانتخاب نواب أكفاء قادرين على قيادة البلاد في المرحلة القادمة, وتحسين أوضاع البلاد التي تدهورت فيها المعيشة بشكل كبير، حسب رأيه.

المصدر : الجزيرة