يهودية الدولة.. عقدة المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية

التمسك الإسرائيلي بيهودية الدولة يعني تعويض القادمين من الدول العربية
undefined

 

عوض الرجوب-الخليل

 
كلما قطعت جهود إحياء المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية شوطاً متقدماً، سارع مسؤولون إسرائيليون إلى إبراز مطلب الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، وهو ما يشدد الفلسطينيون ليس فقط على رفضه، وإنما استحالة حدوثه.

ونقلت الإذاعة الإسرائيلية الأحد عن مصادر فلسطينية -لم تسمها- أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري مارس ضغوطاً كبيرة على الرئيس الفلسطيني محمود عباس للقبول باتفاق إطار يتضمن الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، وأن هذا الموقف ليس إسرائيلياً فقط، وإنما هو موقف الإدارة الأميركية أيضاً.

وفي مستهل الجلسة الأسبوعية لحكومته، هاجم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الرئيس الفلسطيني، والسلطة الوطنية الفلسطينية متهماً إياهما بممارسة التحريض ضد إسرائيل، مضيفاً أن الاعتراف بحق اليهود في هذه البلاد هو معضلة أساسية، وقد حظي بمباحثات مستفيضة مع جون كيري.

شرط مستحيل
ومقابل التمسك الإسرائيلي بهذا الشرط، شدد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح وعضو الوفد الفلسطيني المفاوض والمستقيل، محمد اشتية، على استحالة الاعتراف بيهودية الدولة بناء على الطلب الإسرائيلي.

يوسف: الاعتراف انتحار سياسي (الجزيرة)
يوسف: الاعتراف انتحار سياسي (الجزيرة)

وأضاف في كلمة له بمهرجان إحياء الذكرى 49 لانطلاقة حركة فتح في بيت لحم أن إسرائيل تريد بهذا المطلب منع عودة اللاجئين وتهجير فلسطينيي 48، فضلاً عن فرض الرواية التوراتية لفلسطين وإلغاء الرواية المسيحية والإسلامية، "وهذا لن يتم أبداً".

ومن المقرر أن يعود كيري اليوم مجدداً إلى الأراضي الفلسطينية وإسرائيل بعد لقاءين يجريهما في السعودية والأردن، لمواصلة لقاءاته بهدف وضع اتفاق إطار توجيهي للمفاوضات حول قضايا الحل النهائي.

ويرى أستاذ القانون الدولي بجامعة الخليل، معتز قفيشة، في الإصرار الإسرائيلي على مطلب الاعتراف بيهودية الدولة "محاولة للبحث عن الثقة بالنفس"، موضحاً أن القضية "سياسية معنوية لها علاقة بتعقيدات الشخصية اليهودية التي تبحث عن دولة تعيد لها الثقة بالنفس".

ومع أنه لا يرى أن هوية الدولة لا تؤثر قانونياً على حق اللاجئين في العودة، أوضح أن العودة حق شخصي لا يملك أحد التنازل عنه.

أما أستاذ الدراسات الإسرائيلية بالجامعة العربية الأميركية، أيمن يوسف، فاعتبر تمسك إسرائيل بهذا "محاولة لفرض شروط على طاولة التفاوض".

وقال إن الاعتراف بيهودية الدولة يمس سلبياً بالمفاوض الفلسطيني، ويعني مصادرة حق عودة خمسة ملايين لاجئ للداخل الفلسطيني، والبحث لهم عن حلول في الخارج.

حنا عيسى حذر من مخططات أميركا وإسرائيل (الجزيرة)
حنا عيسى حذر من مخططات أميركا وإسرائيل (الجزيرة)

وأوضح أن المعنى الثاني لهذا الاعتراف هو زيادة حالة التمييز وعدم المساواة بين الفلسطينيين واليهود داخل الخط الأخضر، وانتزاع حقوق الفلسطينيين الوطنية والاجتماعية داخل إسرائيل.

وحذر الأكاديمي الفلسطيني من استغلال إسرائيل لهذه القضية كنقطة مساومة ليس فقط مع الفلسطينيين وإنما العرب والولايات المتحدة، لتضمن إسرائيل عودة اليهود إليها وتعويضهم، خاصة أولئك الذين خرجوا من الدول العربية.

واستبعد يوسف قبول الفلسطينيين بهذا الشرط "لأنه باختصار انتحار سياسي سيعني على المدى البعيد فقدان الشعبية والشرعية معاً".

إنكار الآخر
من جهته، ينفي أستاذ القانون الدولي ورئيس الهيئة الإسلامية المسيحية (هيئة رسمية تتبع رئاسة السلطة الفلسطينية)، حنا عيسى، وجود دول على أسس دينية في القانون الدولي والنظم العصرية، موضحاً أن القانون الدولي ألغى المفاهيم القديمة ليحل مكانها دولة المواطنة والديمقراطية.

ورأى في الإصرار الإسرائيلي محاولة لانتزاع الحق العربي الشرعي في فلسطين التاريخية، "وكأن الجغرافيا تعود للحقبة اليهودية خلال ألف سنة قبل الميلاد"، وفي المقابل إنكار حقوق المسلمين والمسيحيين فيها.

ويتابع الخبير القانوني في حديثه للجزيرة نت أن نظام إسرائيل في قرار التقسيم نظام يهودي، والصبغة اليهودية موجودة فيه، "لكن الإصرار على المطلب ينطوي على نية لطرد المواطنين الفلسطينيين المتواجدين في أراضي 48 من جهة، وشطب حق عودة اللاجئين لديارهم من جهة ثانية".

وأضاف أن تحقيق المطلب الإسرائيلي يعني أيضاً عدم التزام إسرائيل بالمسؤولية القانونية والمالية عن هجرة 750 ألف مواطن وتدمير أكثر من 530 قرية ومدينة عام 1948، محذراً من مساعي أميركية وإسرائيلية لتوطين هؤلاء في الدول العربية وعلى نفقة هذه الدول.

المصدر : الجزيرة