تفجير بضاحية بيروت الجنوبية.. هل من مغزى؟

الدخان الكثيف غطى المنطقة لحظة وقوع الانفجار
undefined
 علي سعد-بيروت

لم يكد يمضي أسبوع على اغتيال الوزير السابق محمد شطح (من قوى الرابع عشر من آذار) في انفجار وسط بيروت حتى ضرب تفجير جديد الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية وتحديدا في منطقة حارة حريك السكنية التي يتواجد فيها المكتب السياسي لحزب الله ومنازل العديد من المسؤولين، ولكن أيا منهم لم يكن مستهدفا.

من مدخل البناية المجاورة للتفجير خرجت امرأة وابنتها ترتجفان خوفا وقد أصيبتا بصدمة قوية، تبعهما العديد من سكان المبنى الذي تدمر بالكامل أيضا إبان حرب تموز عام 2006. وعلى بعد أمتار منهم شاب عشريني ملقى أرضا بعدما تلقى ضربة قوية على رأسه. في الجانب الآخر من الشارع تجمع شباب هتفوا "لبيك يا زينب".

ويمكن الملاحظة من مسرح التفجير أن حجم الانفجار لم يكن بحجم سابقيه. وقال شهود عيان تحطمت واجهات محلاتهم على بعد مبنى واحد من مكان التفجير، إنهم سمعوا صوتا قويا جدا وقريبا أدى إلى تحطم محتويات متاجرهم. وأضافوا للجزيرة نت أنهم هرعوا إلى الخارج ليجدوا النيران قد اندلعت بسيارتين تقفان أمام المبنى المجاور.

فرضية الانتحاري
وأبلغت مصادر عسكرية الجزيرة نت أن السيارة التي انفجرت من نوع غراند شيروكي وهي مسروقة، مشيرة إلى أن فرضية الانتحاري موجودة كون سيارة الشيروكي كانت مركونة في وسط الطريق، وهذا الأمر يطرح علامات استفهام كبيرة.

‪هتافات تأييد قرب مكان الانفجار للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله‬ (الجزيرة نت)
‪هتافات تأييد قرب مكان الانفجار للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله‬ (الجزيرة نت)

وهذا هو الانفجار الثالث الذي يضرب الضاحية الجنوبية بعد تفجيرين سابقين استهدفا منطقة الرويس التي لا تبعد أكثر من 500 متر، ومنطقة بئر العبد التي تبعد حوالي 200 متر، وأوقعا مئات الضحايا والجرحى.

وأكد وزير الصحة علي حسن خليل من مكان الانفجار أن الحصيلة شبه النهائية بلغت 4 قتلى و66 جريحا لا يزال 45 منهم يخضعون للعلاج في مستشفيات الضاحية الجنوبية، لافتا إلى أن هناك بعض الحالات الحرجة تجرى العمليات الجراحية لها. ودعا خليل إلى "عدم تسييس اللحظة، لأننا أمام مصاب كبير وإرهاب لا يستثني أحدا".

لا للفتنة
واعتبر عضو كتلة حزب الله في البرلمان بلال فرحات أن كل التفجيرات لا يمكن أن تُقرأ إلا في إطار واحد، وهو محاولة تحويل لبنان إلى أرض الفتنة عبر خلق فتنة سنية-شيعية لن ينجر حزب الله إليها، داعيا إلى أن تكون ردة الفعل موقفا موحدا باتجاه حكومة جامعة لتكون على مكانة واحدة من كل اللبنانيين وتحمي البلد مما يُخطط له.

وشدد فرحات للجزيرة نت على ضرورة التوقف عن الكلام السياسي والتوقف عن إعطاء تبريرات وتغطية من يقوم بالتفجير عبر ربطه بمشاركة حزب الله في القتال في سوريا. وقال "لا أحد مغطى، وهذا يطال الجميع، وأي دم لبناني يسقط عزيز علينا، لأن عدونا واحد هو إسرائيل، ومصلحتنا لبنان وطن لجميع أبنائه".

في المقابل لا يرى منسق تيار المستقبل في الشمال مصطفى علوش ارتباطا مباشرا بين تفجيرات الضاحية واغتيال الوزير شطح. وقال علوش للجزيرة نت إن "هذه التفجيرات هي نتيجة انغماس حزب الله بالدم السوري، وهي لم تبدأ إلا بعد دخول الحزب إلى سوريا بينما استهداف قيادات 14 آذار مستمر منذ تسع سنوات".

وأضاف علوش أن من يعتبر نفسه مصابا بتفجير الضاحية، ونحن أيضا نعتبر التفجير أصابنا، هو اليوم متهم باغتيال شطح، معتبرا أن الأفعال التي يمكنها أن تنقذ البلد اليوم هي الالتزام بإعلان بعبدا والخروج المباشر من سوريا ثم تشكيل حكومة وحدة وطنية، قبل أن يُصار في وقت لاحق إلى بحث مصير سلاح حزب الله.

‪لحظة خروج الأهالي من المبنى المجاور للانفجار‬ (الجزيرة نت)
‪لحظة خروج الأهالي من المبنى المجاور للانفجار‬ (الجزيرة نت)

مخطط واحد
ووصف المحلل الإستراتيجي العميد المتقاعد هشام جابر التفجير "بالإرهاب السياسي". وقال للجزيرة نت إن اقتراب مؤتمر جنيف 2 أدى إلى تصاعد وتيرة العمليات العسكرية في سوريا، وهذا لا بد أن ينعكس في لبنان إما باقتتال داخلي أو بتفجيرات.

وربط العميد جابر بين جميع التفجيرات السبعة التي ضربت لبنان في الفترة الأخيرة، معتبرا أن المخطط واحد ولكن قد يكون عبر أكثر من منفذ. ولفت إلى أن الهدف من ضرب الضاحية الجنوبية هو تأليب البيئة الحاضنة على حزب الله وخلق فتنة سنية-شيعية. وأضاف أنه عندما فشل هذا الهدف ضرب نفس المخطط طرابلس السنية لوضع حزب الله في واجهة الاتهام ودفع السنة إلى مواجهة معه.

وأكد أن هذه العملية لن تكون الأخيرة لأنه مطلوب ما أسماها عرقنة لبنان، مشيرا إلى أن اغتيال الوزير محمد شطح جاء لنفس الهدف. واعتبر أن لبنان بحاجة إلى جانب العمل الأمني لوقف التفجيرات، والخوض في عمل استخباري دقيق يكشف مكان انطلاق المفجر، وذلك بالتزامن مع التوصل إلى حد أدنى من الوفاق السياسي، والعمل دبلوماسيا مع الدول التي تضربها التفجيرات، والدول الداعمة "للمنظمات الإرهابية" مباشرة أو بالواسطة لتجفيف هذا الدعم، حسب قوله.

المصدر : الجزيرة