اتفاقيات الهدنة بسوريا.. لعبة أم حاجة؟

اعتصام أطفال معضمية الشام.. "صمودنا لا يبرر تخاذلكم"...
undefined

سلافة جبور-دمشق

بعد أشهر على حصار النظام السوري للعديد من المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، يكثر الحديث اليوم عن الهدنة واتفاقيات وقف إطلاق النار خاصة مع بدء تنفيذ ذلك في بعض المناطق كمعضمية الشام وحي برزة الدمشقي، والحديث عن مفاوضات في مناطق أخرى كحي القابون الدمشقي وغوطة دمشق الشرقية.

يأتي ذلك إضافة إلى المبادرة التي طرحها وزير الخارجية السوري وليد المعلم التي تقترح وقف إطلاق النار في حلب والبدء بعملية تبادل للأسرى بين النظام والمعارضة السورية.

ورغم أن هذه الهدن المرتقبة قد تحمل حلاً لأزمة تعقدت وطال أمدها، لا يبدو أنها تحظى بموافقة الأطراف كافة، فالبعض يتخوف من نية النظام الغدر، والبعض الآخر يعتبرها استسلاماً وخيانة لدم الشهداء.

رفض وخيانة
و
يقول الناطق العسكري باسم الجبهة الإسلامية النقيب إسلام علوش للجزيرة نت إن الجبهة ترفض عقد أي هدنة مع النظام السوري ضمن الشروط التي يتحدث عنها، ويؤكد عدم قبول الجبهة للعديد من الاتفاقيات التي عرض عليهم تنفيذها في غوطة دمشق الشرقية.

النقيب إسلام علوش: النظام يتعمد عقد اتفاقيات الهدنة في مناطق دون أخرى بهدف تحييد بعض المجاهدين والتفرغ لغيرهم، ومن ثم العودة لقتالهم بعد التفرغ لهم

ويضيف أن النظام يعلم تماماً ماذا تعني الهدنة بالنسبة له، فهو يتعمد عقدها في مناطق دون أخرى بهدف تحييد بعض المجاهدين والتفرغ لغيرهم، ومن ثم العودة لقتالهم بعد التفرغ لهم.

ويوجه علوش حديثه لمن يقوم بعقد تلك الاتفاقيات بأن يتذكر الذين يُقتلون في سوريا في كل لحظة جراء تلك الهدن، وختم حديثه بالقول "أنْ نخمد جبهة مقابل أخرى، فتلك خيانة".

في المقابل، أيّد أبو أحمد، وهو أحد سكان منطقة غوطة دمشق الشرقية، عقد هدنة "لصالح المدنيين الذين باتت ظروف حياتهم قاسية للغاية في وقت تخلى عنهم الجميع".

شروط مشجعة
وفي السياق نفسه يذهب جاره أبو منذر للقول "ما يتم عقده اليوم من اتفاقيات هو أفضل ما يمكن أن يحدث بعد ثلاث سنوات من الصراع الذي أحال سوريا دماراً. أنا مع الهدنة فنهاية أزمتنا لن تكون إلا بحل سياسي".

أما أبو حاتم، أحد سكان حي القابون الدمشقي، فيؤكد أن الكثير من المحاولات السابقة لعقد هدنة في الحي باءت بالفشل، إلا أن الشروط المطروحة اليوم وموافقة النظام على كافة البنود التي وضعها الجيش الحر تبدو إيجابية ومشجعة.

ويضيف أن أهم تلك الشروط هو إخراج حوالي 250 معتقلاً من أهالي القابون إضافة إلى انسحاب الجيش النظامي من جميع نقاطه داخل الحي، في حين لم يُطلب من مقاتلي الجيش الحر سوى التعهد بوقف إطلاق النار.

أبو حاتم: 
الهدنة خير لنا من أجل تخفيف معاناة الأهالي الذين نزحوا من منازلهم وينتظرون العودة إليها. أنا مع الهدنة وضد المصالحة الوطنية، فنحن لن نرضى سوى بإسقاط النظام

ويرى أبو حاتم في هذه الهدنة "خيراً لنا من أجل تخفيف معاناة الأهالي الذين نزحوا من منازلهم وينتظرون العودة إليها. أنا مع الهدنة وضد المصالحة الوطنية، فنحن لن نرضى سوى بإسقاط النظام".

لعبة قذرة
ويتفق ضياء الدين مع هذا الرأي إذ يقول إن هدنة برزة هي انتصار للثوار الذين فرضوا شروطهم، ويضيف "أوافق على هدنة تسمح لنا بإدخال رغيف خبز إلى طفل جائع، وأرى أنها أمر ضروري في مرحلة لم يعد فيها أي من الطرفين قادراً على حسم الأمر لصالحه، والحل في نهاية المطاف لن يكون هدنة وإنما حل سياسي".

وفي المقابل، يقول محمد، وهو من سكان الغوطة، إن من يحق له القرار بشأن الهدنة هم "أهالي الشهداء والمعتقلين والجرحى، فهم من دفع الثمن الأكبر خلال هذه الحرب"، ويؤكد أن النظام يرزح تحت ضغط كبير يدفعه لطلب الهدنة.

ولأبي نادر من مدينة عربين في الغوطة رأي آخر، إذ يقول إن النظام نجح في "لعبة قذرة" تهدف إلى إخماد مطالب الثورة وتحويلها من إسقاط النظام إلى المطالبة بإدخال الطعام والشراب للمناطق المحاصرة، ويتخوف أبو نادر من غدر النظام الذي لا يؤمن جانبه، خاصة أنه المستفيد الأكبر من الهدنة التي ستتيح له السيطرة على المدنيين وفرض الهدوء على بعض الجبهات ومن ثم إحكام قبضته عليها، على حد تعبيره.

المصدر : الجزيرة