مصير الجيش بتعديلات الدستور في مصر

epa03859249 A general view shows members of the committee revising the country's controversial constitution, during their meeting in Cairo, Egypt, 09 September 2013. The 50-member panel held the first meeting on 08 September to look at amendments to a constitution backed by Islamists last year. Amending the constitution, crafted by an Islamist-dominated assembly and ratified by a referendum in 2012, is a key step in the roadmap announced by the army in July, following its overthrow of president Mohamed Morsi of the Muslim Brotherhood EPA/KHALED ELFIQI
undefined

أسامة عبد المقصود

بعد يوم على اجتماع مغلق ضمّ ممثلي المجلس الأعلى للقوات المسلحة ورئيس لجنة الخمسين المكلفة بتعديل الدستور المصري المعطل، خرج المتحدث باسم اللجنة أمس الأحد ليعلن عن تشكيل لجنة مصغرة لبحث المواد المتعلقة بالقوات المسلحة، مما يدفع للتساؤل حول الوضعية التي يبحث عنها الجيش لنفسه بالدستور.

فقد ذكر المتحدث الرسمي باسم اللجنة محمد سلماوي أن اللقاء الذي حضره اللواءان ممدوح شاهين ومحمد العصار ورئيس اللجنة عمرو موسى كان "ثريا ومثمرا وتطرق لكل القضايا على مدار أربع ساعات، وسادته الصراحة"، مضيفا أن اللجنة المصغرة يشارك في عضويتها عضوان عن القوات المسلحة وعضوان أو ثلاثة من اللجنة، وستعمل خلال مدة أسبوع لرفع ما توصلت إليه اللجنة العامة، بحسب سلماوي.

ويحتوى دستور 2012 المعطل على ثمانية مواد خاصة بالقوات المسلحة خرجت بتوافق الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور وقتها رغم انسحاب أغلب القوى الليبرالية والعلمانية من الجمعية، لتعود هذه القوى بعد الانقلاب العسكري وتهيمن على تشكيل اللجنة وسط ترقب للتعديلات التي ستجريها على المواد المتعلقة بالقوات المسلحة، كالمحاكمات العسكرية للمدنيين والكشف عن موازنة الجيش.

سلماوي: اللجنة المصغرة سترفع توصياتها للجنة بعد أسبوع عمل (رويترز)
سلماوي: اللجنة المصغرة سترفع توصياتها للجنة بعد أسبوع عمل (رويترز)

إرضاء الجيش
ويرى متابعون أن لجنة الخمسين لن تقدم على أي خطوة في مشروع التعديلات دون رضا القوات المسلحة، نظرا لأنها صانعة الوضع الراهن الذي أتى بأعضاء اللجنة إلى مقاعدهم في مجلس الشورى حيث مقر انعقاد اللجنة.

ويدلل المتابعون على الطاعة الكاملة للقوات المسلحة بالتعديلات التي اقترحتها اللجنة الأولى (لجنة العشرة المكونة من قضاة وخبراء دستوريين)، وسلمتها للرئيس المؤقت عدلي منصور الذي سلمها بدوره للجنة الخمسين لإقرار التعديلات النهائية.

فقد نصت تعديلات لجنة العشرة للمادة 171 الخاصة بالقوات المسلحة والشرطة على أن يعين وزير الدفاع من بين ضباط الجيش بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة المكوّن من قادة الأسلحة والجيوش المختلفة، وهو ما فسر من جانب معارضي الانقلاب على أنه تكريس لوجود الجيش كـ"دولة داخل الدولة"، بينما يقول مؤيدوه إنه يضمن استقلالا للجيش ضد أي محاولة لعزله من جانب رئيس الجمهورية.

جمال جبريل استبعد إجراء تعديلات جوهرية على مواد الجيش بالدستور المعطل
جمال جبريل استبعد إجراء تعديلات جوهرية على مواد الجيش بالدستور المعطل

أزمة دستورية
من جانبه يقول أستاذ القانون الدستوري جمال جبريل إن التعديل المقترح سيؤدي إلى مشاكل كبيرة، مشيرا إلى أنه في "الأنظمة المختلطة كما الحال في مصر فإن الحكومة التي ستضم وزيرا للدفاع يجب أن تنال ثقة البرلمان، فماذا لو رفض البرلمان وزير الدفاع؟ وفي حال فشل البرلمان قد يعرض ذلك البرلمان للحل".

وحول تشكيل اللجنة المصغرة لمناقشة وضع القوات المسلحة في الدستور، قال جبريل الذي كان عضوا بالجمعية التأسيسية لصياغة دستور 2012، "يبدو أن هناك خلافا داخل لجنة الخمسين بشأن مقترح لجنة العشرة لآلية اختيار وزير الدفاع". وأضاف أنه تحدث مع بعض أعضاء لجنة العشرة حول أسباب وضع التعديل الجديد، ووجد بعضهم يتفهم صعوبة هذا المادة.

واستبعد جبريل في حديثه للجزيرة نت، إجراء أي تعديلات جوهرية على المواد المتعلقة بميزانية الجيش أو محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية في القضايا المتعلقة بالقوات المسلحة، لكنه انتقد حالة الغموض المسيطرة على عمل اللجنة وتجاهل وسائل الإعلام لأعمالها، وطغيان النبرة السياسية على تصريحات المتحدث باسم اللجنة بدلا من الحديث في الأمور الفنية.

استخدام صحيح
من جهة ثانية يؤكد خبير الشؤون العسكرية والإستراتيجية اللواء طلعت مسلم أن ما تريده القوات المسلحة من الدستور هو ضمان استخدامها بشكل صحيح يحقق لها النمو بما يعود بالفائدة على الوطن بأكمله، مشددا على أن القوات هي ملك للشعب المصري ومن مصلحته الحفاظ عليها.

وحول التعديل المقترح بأن يعين وزير الدفاع بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، قال مسلم للجزيرة نت "هذا الإجراء يفعله أي رئيس في العالم لضمان أن الشخص المختار يحظى بثقة أبناء المؤسسة (..) والتحدي أن الوزير يحوز ثقة القوات المسلحة والبرلمان، وذلك ما جرى في أغلب الفترات السابقة في تاريخ البلاد".

المصدر : الجزيرة