شهد السورية.. طفلة تروي مأساة وطن

يزن شهداوي-حماة

استيقظت الطفلة السورية شهد صباح ذات يوم لتجد نفسها في مستشفى ميداني فاقدة إحدى ذراعيها، تلفّتت يمنة ويسرة فلم تجد والدتها ولا يوسف أخيها البالغ من العمر ست سنوات الذي اعتادت اللعب معه، تنادي عليهما دون مجيب، فتعرف أنها باتت وحيدة يتيمة.

قذيفة واحدة من مدافع جيش النظام السوري كانت كافية لتدمر منزل شهد وعائلتها في بلدة عقرب بريف حماة، وتغتال أحلاما بسيطة لطفلة لا يتجاوز عمرها ثلاث سنوات، بأن تروي لها والدتها قصة وتحضنها قبل النوم، وأن تلعب مع شقيقها في بهو المنزل ويدافع عنها في معاركها الصغيرة مع "ابن الجيران".

ويشرح أحد الناشطين الإعلاميين في البلدة تفاصيل الحادثة بالقول إن القصف المدفعي من الحواجز المحيطة ببلدة عقرب استهدف منزل شهد ليلاً وهي نائمة فأصيبت بشظية في ذراعها اليسرى مما اضطر الأطباء إلى بترها, وفقدت أيضا في القصف والدتها وأخاها واثنتين من عماتها، في حين كان والدها على جبهات القتال مع الجيش الحر.

الحنان والعطف
الوالد المفجوع الذي لا يدري ماذا يقدم لابنته التي فقدت كل شيء تقريبا، يقول للجزيرة نت إنه لم يعد لشهد معيلٌ سوى الله بعد فقدانها جميع أفراد عائلتها وأقربائها، وأضاف أنّه تركها لدى إحدى سيدات البلدة لتربيتها والاعتناء بها.

ويتابع بصوت يخالطه الحزن والأسى أن شهد تعاني من عدم توفر الدواء والعناية الطبية اللازمة في ظل انعدام وصول المساعدات الإنسانية إلى البلدة, فهي بحاجة دائمة إلى الدواء وخصوصا المسكنات بسبب ألم ذراعها المبتورة. ويختم بأن ابنته تشعر بالنقص عن بقية أطفال البلدة بسبب ذراعها، بعدما حرمت من حنان الأم وعطف الشقيق وحضن العائلة.

أم محمد التي تربي شهد في منزلها تتحدث عن أن الطفلة لا تمل السؤال عن والدتها وشقيقها, وتشكو دائما من آلام في جسدها الصغير بسبب انتهاء أدويتها المسكنة وأدوية الالتهاب لمعالجة جروحها.

وتشرح أنها تعاني جداً في تربية الطفلة لعدم وجود ما تلهو به أو من تلعب معه، إضافة إلى انعدام الطعام والشراب الذي يعد أبسط حقوقها ومتطلباتها.

ذنب شهد
"ما الذنب الذي اقترفته شهد ليقصفها النظام السوري ويغير مسار حياتها عن بقية أطفال العالم؟" تسأل أم محمد، وتتابع أنها طفلة في عامها الثالث ستعيش سنوات حياتها معوقة وفاقدة لذراعها وأهلها ولعبتها التي كانت برفقتها حين قُصف منزلها, وتخلص إلى السؤال عن ذكريات الطفولة التي ترويها شهد لأطفالها في المستقبل. 

وتختم أم محمد بالقول إن شهد بحاجة إلى العلاج الصحي والنفسي وتأمين الأدوية والرعاية الطبية اللازمة بسبب وضعها السيئ.

ولكن حال شهد هذه ليست فريدة في بلدة عقرب، بل هناك أكثر من ثلاثين طفلا حولهما قصف النظام إما إلى معوقين أو يتامى حرموا من أمهاتهم وآبائهم وأشقائهم وشقيقاتهم، حسب الناشط الإعلامي مهند اليوسف.

ويؤكد اليوسف أن البلدة بحاجة إلى مساعدات طبية وغذائية عاجلة لمساعدة من تبقى فيها من الأطفال والأهالي، وطالب بفك الحصار عن البلدة لإدخال المساعدات ومعالجة الجرحى.

وتتفاقم أزمة الجرحى في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الحر والتي تقبع تحت ظل حصار قوات النظام الذي يستهدفها بمدفعياته وطائراته، وهذا الوضع لمسته الجزيرة نت خلال الجولات الميدانية التي قامت بها على مختلف قرى ريف حماة، ووصلت المأساة في هذه القرى إلى عدم وجود مستشفيات ميدانية مما أدى إلى تسجيل عشرات الوفيات.

المصدر : الجزيرة