الألمان العرب صوتوا يسارا

الأجيال العربية الناشئة بألمانيا محط آمال بتغيير واقع المشاركة بالحياة السياسة الألمانية للأفضل. الجزيرة نت
undefined

خالد شمت-برلين

أظهر استطلاع للرأي أجرته الجزيرة نت ميدانيا وهاتفيا بين ألمان من أصول عربية أدلوا الأحد بأصواتهم في انتخابات البرلمان الألماني (البوندستاغ) أن الأحزاب ذات التوجهات اليسارية -كالاشتراكي الديمقراطي والخضر واليسار- مثلت خيارا مفضلا للأكثرية من هذه الفئة من الناخبين الألمان.

وقالت فاتن الدباس -ذات الأصل الفلسطيني، وطالبة العلوم السياسية بجامعة برلين الحرة- إنها تفضل -لأسباب وصفتها بالإستراتيجية- التصويت للحزب الاشتراكي الديمقراطي المعارض، وعددت ضمن الأسباب التي ذكرتها توافق الاشتراكي مع قناعاتها الفكرية، ووضع الحزب كمنافس قوي للحزب المسيحي الديمقراطي الحاكم الذي تعارض توجهاته السياسية، خاصة ما يتعلق منها بالأجانب والتعدد الثقافي، وعزم الحزب الاشتراكي على تأسيس مجموعة عمل للإسلام والأقلية المسلمة على مستوى ألمانيا.

وأشارت فاتن إلى أن تصويتها بانتخابات البوندستاغ هذه المرة هو الثاني بعد تصويتها عام 2009، وأوضحت أن دعمها الانتخابي للحزب الاشتراكي عائد إلى اهتمامه بالعدالة الاجتماعية، وتأييده لتقنين حد أدنى للأجور بواقع 8.5 يوروهات للساعة، ونوهت إلى أن خيارها الانتخابي مبني بالأساس على أسباب ذات صلة بواقعها كمواطنة في المجتمع الألماني.

أشارت فاتن إلى أن تصويتها في انتخابات البوندستاغ هذه المرة هو الثاني بعد تصويتها عام 2009، وأن دعمها الانتخابي للحزب الاشتراكي عائد إلى اهتمامه بالعدالة الاجتماعية وتأييده لتقنين حد أدني للأجور

وذكرت أنها لو كانت بنت تصويتها على أسباب لها علاقة بالسياسة الخارجية أو بالعالم العربي لصوتت لحزب اليسار، بسبب رفضه للحرب ودعمه المتواصل للقضية الفلسطينية.

وعزت رفيقة زهرة -التي جاءت مع صديقتها فاتن- توزع تأييدها الانتخابي على حزبي الاشتراكي واليسار إلى مواقف الأول المتضامنة مع الأجانب والفئات المهمشة، وتأييد الثاني -رغم طابعه العلماني الشديد- لممارسة الحريات الدينية، والمساواة في الحقوق بين أتباع الأديان المختلفة.

وأكدت زهرة -المولودة لأب فلسطيني وأم ألمانية، والحاصلة على دبلوم في التربية- أن التوجهات السياسية لها ولكثير من الشباب الألمان من أصول عربية أو مسلمة تمازج بين الهوية والارتباط بالمجتمع الألماني أكثر من أي عوامل أخرى.

وقال خالد -وهو ألماني من أصل مصري يعمل خبيرا إداريا بشركة أجنبية- إنه منح صوتيه الأول والثاني لحزبي الاشتراكي والخضر، بسبب نقمته على الحزب المسيحي صاحب التوجهات والمواقف "غير الودية" تجاه المسلمين والأجانب.

وفي نفس الاتجاه، أشار أحمد -صاحب شركة تجارية- إلى أنه وجد أنه صوت لحزب اليسار "بسبب سياساته الواقعية داخليا وخارجيا، ولأني وجدت أنني لا يمكن أن أعطي صوتي للحزب المسيحي الذي قالت رئيسته أنغيلا ميركل إن التعدد الثقافي فشل بألمانيا".

ونوهت فاطمة -الطالبة الجامعية- إلى أنها اعتمدت عند التصويت لحزب الخضر على مساعدات وفرتها مجموعة (يوما) للشبيبة المسلمة، من خلال طرح أسئلة عليها ومقارنة إجاباتها مع مواقف للأحزاب الألمانية خرجت منها بأن حزب الخضر هو الأقرب لها.

وأشار محمود -ذو الأصل العراقي والعامل بشركة صناعية كبرى- إلى أنه منح الحزب المسيحي صوته "بسبب الإعجاب بمبادئه السياسية والاقتصادية و توجهاته الدينية والأخلاقية المحافظة، مما يجعله الأقرب للمتدينين المسلمين، رغم مواقفه المناوئة للمسلمين أحيانا".

ومن  جانبه، قال الباحث السياسي الألماني من أصل فلسطيني عارف حجاج إن الناخبين الألمان من أصول عربية لا يفضلون حزبا بعينه، وإنما يصوتون لأحزاب ذات مواقف معتدلة تجاههم وتجاه الأجانب عموما، وهو ما يجدونه في حزبي الاشتراكي الديمقراطي والخضر.

وأشار حجاج -في تصريح للجزيرة نت- إلى أن جزءا من هؤلاء الناخبين يصوت لحزب اليسار إما عن قناعة فكرية أو استحسانا لمواقفه تجاه القضايا العربية خاصة القضية الفلسطينية. وذكر أن أقلية بسيطة من الناخبين الألمان ذوي الأصول العربية تصوت للحزب المسيحي الديمقراطي من باب الإعجاب ببرنامجه السياسي والاقتصادي.

عارف حجاج 80% من الألمان العرب يفضلون الأحزاب اليسارية لانفتاحها عليهم (الجزيرة)
عارف حجاج 80% من الألمان العرب يفضلون الأحزاب اليسارية لانفتاحها عليهم (الجزيرة)

وقدرت إحصائية رسمية صادرة عن حكومة المستشارة  أنغيلا ميركيل عام 2010 عدد الناطقين بالعربية في ألمانيا بأكثر من 800 ألف نسمة. وذهب الباحث السياسي عارف حجاج إلى أن عدد العرب الذين لهم حق التصويت بالانتخابات يناهز 150 ألف شخص.

 وقدر تصويت ما يتراوح بين 70% و80% من هذه الشريحة لحزبي الاشتراكي والخضر في انتخابات الأحد، وأشار إلى أن هذا التوجه السياسي للألمان العرب لم يستند بالأساس على عوامل خارجية، وإنما على عوامل مرتبطة بألمانيا كالسياسات الاقتصادية وسوق العمل والضرائب والإصلاحات الصحية.

وأوضح الباحث السياسي أن الأكثرية من هذه الشريحة الانتخابية تبتعد عن الحزب المسيحي بسبب انتشار التصورات النمطية السلبية لدى قياداته وقواعده حول الأجانب عموما والمسلمين خصوصا، وقال إن ابتعاد 50% من الألمان من أصول عربية عن المشاركة السياسية عائد لعدم اهتمام جمعياتهم بقضية الاندماج.

المصدر : الجزيرة