رسائل إيجابية بين النظام الأردني والإخوان

Protesters from the Islamic Action Front and other opposition parties shout slogans demanding political and economic reform, and access to corruption cases, during a demonstration after Friday prayers in Amman June 14, 2013. REUTERS/Majed Jaber (JORDAN - Tags: POLITICS CIVIL UNREST BUSINESS)
undefined

محمد النجار-عمان

تكشف التصريحات والمواقف المتبادلة بين رموز النظام الأردني وقيادات جماعة الإخوان المسلمين عن رسائل إيجابية متبادلة بين الطرفين، بعد مناخ من التوتر ساد العلاقة بينهما منذ انطلاق الربيع العربي.

وعوضا عن تصعيد وحشد الإسلاميين بالشارع في وجه النظام على مدى أشهر طويلة، رفض الإخوان خريطة طريق الإصلاح التي تبناها الملك عبد الله الثاني، وقاطعوا الانتخابات البرلمانية والبلدية التي جرت هذا العام.

ومنذ مطلع يوليو/تموز الماضي وعلى وقع انقلاب الجيش المصري على الرئيس القادم من رحم جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي، حاولت أطراف في الدولة الأردنية الاستفادة من مناخ استهداف وتصفية الإسلاميين، لإعادة الجماعة لما وصفه المراقب العام لجماعة الإخوان في الأردن همام سعيد بـ"بيت الطاعة الرسمي".

ورفض العاهل الأردني بوضوح، خلال اجتماع لمجلس السياسات الشهر الماضي، تقديرا أمنيا يدفع باتجاه التصعيد مع الجماعة، ورأى أن لا ضرورة لذلك.

وظهر موقفه بشكل أوضح في تصريحات له قبل يومين لوكالة الأنباء الصينية أكد فيها أنه ضد إقصاء الإسلاميين أو أي طرف سياسي عن المعادلة السياسية في البلاد.

وظهر رد الإسلاميين الذي وصفه مراقبون بـ"الإيجابي" من خلال تأكيدهم في بيانين متتاليين لمجلس شورى الجماعة -أعلى هيئة قيادية- أنهم مستعدون لوضع خلافاتهم مع النظام جانبا، انحيازا لمصلحة الوطن تجاه أي تهديدات خارجية للأردن، في سياق تعليقهم على تطورات الأزمة السورية، عوضا عن عرضهم حوارا من دون شروط مع الجهات الرسمية.

وفي السياق علمت الجزيرة نت أن جهة رسمية أردنية سيادية طلبت لقاء الإسلاميين، وهو ما مثل أول طلب من نوعه منذ أكثر من عام.

إشارات إيجابية
ويعقب زكي بني ارشيد نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين على تبادل الرسائل بين الجماعة والرسميين في المملكة، بأنه جاء إدراكا لحجم الأزمة التي يعاني منها الأردن وتستوجب جهود الجميع.

 بني ارشيد: الأزمة التي يمر بها الأردن أكبر من أي طرف رسمي أو شعبي(الجزيرة)
 بني ارشيد: الأزمة التي يمر بها الأردن أكبر من أي طرف رسمي أو شعبي(الجزيرة)

وقال للجزيرة نت "لا بد من البحث عن مخرج لهذه الأزمة التي باتت أكبر من أي طرف سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي، وتقليل الفجوة بين الرسمي والشعبي، خاصة في ظل وجود تحديات داخلية على مستوى الأمن والاستقرار والعنف المجتمعي وبؤس مؤسسات المسار السياسي والأزمة الاقتصادية، التي تشكل التحدي الأكبر للدولة الأردنية".

وتابع "خارجيا هناك تهديدات إسرائيلية ومن النظام السوري، حتى شظايا الملفين العراقي والمصري لها انعكاسات وتداعيات علينا".

ووصف القيادي الإسلامي الرسائل التي وصلت للجماعة من مؤسسات رسمية بـ "الإشارات الإيجابية" التي كان آخرها من الملك، وتابع "تم الرد على التحية بمثلها أو أحسن منها".

وأشار إلى أن الإخوان يدركون وجود مراكز قوى تذهب باتجاه الإقصاء ومحاولة استنساخ الحالة المصرية في الأردن، كما يدركون وجود عقول سياسية تفكر بطريقة عقلانية. وأردف أيضا "تفويت الفرصة على من يريد تفجير أزمة في الأردن مصلحة للجميع وللوطن".

وشدد على أن "الإخوان ملتزمون بثوابتهم بالحفاظ على البلد وأمنه، وعبروا عن ذلك في مواقف عدة ومعنيون بالبحث عن مخرج عبر خريطة إصلاح حقيقية، تتجاوز المراوحات الشكلية السابقة".

وعما إذا كان موقف الإخوان هذا يمثل تراجعا بعد ما جرى في مصر، قال بني ارشيد "لا يمكن لأي سياسي أن لا يضع بالاعتبار الزلزال المصري وارتداداته وتداعياته، لكن لا يجب البناء على المشهد هناك خاصة وأنه لا يزال مفتوحا على كل الاحتمالات".

استبعاد خيار الإقصاء
وبرأي الكاتب والمحلل السياسي ماهر أبو طير فإن هنالك ثلاث توجهات داخل مطبخ القرار الرسمي بشأن التعامل مع الإخوان.

وقال للجزيرة نت إن التوجه الأول يرى ضرورة الانفتاح على الجماعة رغم إخفاق فرعها الأم في مصر، ويرى أصحاب هذا التوجه أن الانفتاح لن يكون مكلفا للدولة هذه المرة، لأن الإخوان يعانون من ضعف عام، ولن يميلوا للاشتراط والضغط.

أما التوجه الثاني فأصحابه من التيار المحافظ ويرون أن من الخطأ الانفتاح على الإسلاميين، وأنه لا بد من تحجيمهم دون إعلان الحرب عليهم، بمعنى إبقائهم في حالتهم الراهنة باعتبارهم لم يتمكنوا من حصد المكاسب السياسية عبر الشارع.

أما أصحاب التوجه الثالث فيمثل تيارا أكثر تشددا كان يدفع باتجاه اتخاذ إجراءات ضد الإسلاميين تصل حد تجريم الجماعة، لكن أصحاب هذا الاتجاه لم ينجحوا في فرض رؤيتهم.

وعلق أبو طير بأن مؤسسة القرار شطبت الخيار الثالث من حساباتها، في حين لا يزال الخيار مفتوحا على بقية الاحتمالات.

ورجح الكاتب الصحفي أن لا يتم الانفتاح على الإسلاميين في هذه المرحلة، وأن يتم اعتماد خيار تحجيم الإسلاميين وإبقائهم ضمن سياقات معينة دون إجراءات قاسية أيضا.

المصدر : الجزيرة