غضب بمصر على تمديد حالة الطوارئ

مظاهرات اليوم أمام مسجد الحصري بمدينة 6 أكتوبر
undefined

اعتاد المصريون طويلا على العيش في ظل حالة الطوارئ كما حدث طوال العقود الثلاثة التي حكمها الرئيس المخلوع حسني مبارك ابتداء من عام 1981، ومع ذلك فقد سبب تمديد حالة الطوارئ هذه المرة مزيجا من الرفض والغضب والاندهاش رغم أن التمديد يتحدث عن شهرين فقط سبقهما شهر واحد.

وتجلت حالة الرفض في بيانات للعديد من القوى السياسية، لعل أقواها كان ذلك الذي أصدرته الجماعة الإسلامية واعتبرت فيه أن القرار الذي أصدرته "السلطة الانقلابية" يعني بوضوح "عودة دولة مبارك لتطل بوجهها القبيح" مما يعيد إلى الأذهان حالة الطوارئ التي فرضها المخلوع طوال فترة حكمه.

واعتبر البيان الذي تلقت الجزيرة نت نسخة منه أن قرار تمديد الطوارئ ينضاف إلى ما سبقه من قرارات وتصرفات تؤكد فشل هذه الحكومة التي "قتلت المتظاهرين السلميين وحرقت جثث أبناء الوطن واعتقلت وكممت الأفواه وداست الحريات".

وعبر البيان نفسه عن حالة من السخرية والاستغراب مما يروجه "الإعلام الانقلابي الدجال" من أنه لا توجد مظاهرات وأن الوضع في سيناء بات تحت السيطرة "فلماذا الطوارئ إذن؟".

‪الدبابات ما زالت توجد بالقاهرة ومدن مصرية أخرى‬ (الفرنسية)
‪الدبابات ما زالت توجد بالقاهرة ومدن مصرية أخرى‬ (الفرنسية)

تجربة فاشلة
كما استنكرت حركة شباب 6 أبريل تمديد حالة الطوارئ وذكّرت بأن فرض الطوارئ سنوات طويلة لم يمنع الإرهاب ولم يحقق الأمن، مؤكدة أن الحل الأمني لن يحقق الأمن الاجتماعي.

وهذا ما ذهب إليه حزب "مصر القوية" الذي قال إن تجربة الشهر الماضي أظهرت أن الطوارئ لم تحقق الأمن، وأن ما تحتاج إليه مصر بهذا الشأن هو إعلاء سيادة القانون وتطبيقه على الجميع بسواسية.

وحتى حزب النور الذي سبق له أن أيد الانقلاب الذي قام به الجيش بالثالث من يوليو/تموز الماضي بتعطيل الدستور وعزل الرئيس المنتخب محمد مرسي، فقد انتقد رئيسه يونس مخيون تمديد حالة الطوارئ واعتبر أن القوانين العادية كافية لمواجهة العنف، وأنه لا يمكن بناء أسس الدولة في ظل قوانين استثنائية وحصار أمني.

كما ذهب مخيون إلى جانب سلبي آخر لتمديد الطوارئ هو تقديم رسالة سلبية عن مصر إلى الخارج، مما يؤثر بشكل كبير علي الاستثمار والحركة الاقتصادية عموما، فضلا عن رسالة سلبية أخرى للداخل حيث لا يمكن بناء أسس الدولة في المرحلة القادمة من دستور واستعداد لانتخابات برلمانية ورئاسية في ظل قوانين استثنائية وحصار أمني.

وبطبيعة الحال فقد كان التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب في طليعة القوى الرافضة لتمديد الطوارئ، وهو ما عبر عنه القيادي بجماعة الإخوان المسلمين عمرو دراج الذي قال إن تمديد الطوارئ كان متوقعا، ووصفه بأنه "انعكاس للوضع الاستثنائي الذي تعيشه مصر في ظل ما وصفه بالانقلاب العسكري".

‪محاولة اغتيال وزير الداخلية اعتبرها البعض مدبرة لتبرير تمديد الطوارئ‬ (أسوشيتد برس)
‪محاولة اغتيال وزير الداخلية اعتبرها البعض مدبرة لتبرير تمديد الطوارئ‬ (أسوشيتد برس)

سخرية وشكوك
وبالإضافة إلى الانتقاد والرفض، فقد عجت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بالسخرية من تمديد الطوارئ بالتزامن مع تأكيدات الحكومة على استقرار الوضع وعدم وجود أي مظاهرات ضد السلطة الحالية. 

وسار المحلل السياسي سليم عزوز في الاتجاه نفسه، حيث سخر من تأكيد الحكومة ومسؤوليها أن الأمور مستقرة وأن المسيرات الرافضة للانقلاب لا يشارك فيها إلا مئات بل وعشرات الأشخاص، وتساءل: هل يستحق ذلك أن تستمر الطوارئ ويستمر الجيش في الشوارع بكل ما يمثله ذلك من كلفة عالية. 

أما رئيس حزب العمل الجديد مجدي أحمد حسين فقد اعتبر أن تمديد الطوارئ دليل على فشل الانقلاب ودليل على كذبه وخداعه، كما أنه أمر يثير السخرية "فالثورات تتحدى الطوارئ وهي عصيان مدني على القوانين الطبيعية، فما بالنا بالطوارئ؟" 

في المقابل اختار نشطاء طريق السخرية مما أسموه بالواقع المرير، وقال أحدهم إن الطوارئ تبدو وكأنها قدر كُتب على الشعب المصري، في حين قال آخر إن كثيرا من المصريين ولدوا وعاشوا في ظل الطوارئ، ولذلك صار هناك نوعا من الألفة بينهم، لدرجة أنهم افتقدوا الطوارئ في العام الذي حكمه مرسي من دونها.

واختار نشطاء آخرون التأكيد على أن تمديد الطوارئ يعني صحة ما ذهبوا إليه عندما اعتبروا أن  محاولة اغتيال وزير الداخلية والتفجير الذي استهدف مقرا للمخابرات الحربية في رفح، قد يكونان من تدبير السلطة نفسها من أجل تبرير تمديد حالة الطوارئ والاستمرار في إثارة حالة من الخوف والفزع بين المصريين.

المصدر : الجزيرة + وكالات