الأزمة الاقتصادية تعقد حياة الإسبان

عمارات بأكملها معروضة للبيع ولا يجد الشباب إلى شقة منها سبيلا.
undefined

آمن عجاج-مدريد

الاستقلال عن بيت الأسرة حلم يطمح الشاب الإسباني إلى تحقيقه، إلا أنه يراه اليوم من المستحيلات بسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة وارتفاع معدلات البطالة في البلاد.

وأشار تقرير "مرصد الاستقلال" الذي أعده ونشر نتائجه "مجلس شباب إسبانيا" إلى أنه من بين كل عشرة شبان تتراوح أعمارهم بين 16 و29 عاما، استطاع اثنان فقط التوصل إلى تحقيق هذه الغاية.

وأوضح أنه رغم انخفاض أسعار العقارات بسبب الأزمة الاقتصادية فإن شراء مسكن يعد من الأمور غير الممكنة لغالبية الشباب، لأنه يعني تخصيص أكثر من نصف صافي الراتب لسداد أقساط القرض العقاري.

وبيّن التقرير أن الحد الأدنى من الدخل اللازم لشراء مسكن يزيد بنسبة 80% عن متوسط رواتب الشبان، وأن معدل البطالة بين الشباب بلغ قرابة 55%، وهي نسبة لا تبعث الأمل في نفوس الشباب بإمكانية الاستقلال عن الأسرة.

ونظرا لارتفاع البطالة أصبحت الهجرة الخيار الأول بين الشباب، وأوضح التقرير أنه منذ بداية العام الجاري هاجر نحو 40 ألفا من الشباب ذوي المؤهلات العليا للعمل في الدول الأوروبية، وأن كثيرا ممن بقوا في إسبانيا لم يحصلوا إلا على أعمال تقل عن مستوى مؤهلاتهم ولا تتناسب معها.

‪ريكاردو إيبارا: مشكلة السكن تبدو مزمنة‬ (الجزيرة نت)
‪ريكاردو إيبارا: مشكلة السكن تبدو مزمنة‬ (الجزيرة نت)

الواقع
وردا على أسئلة الجزيرة نت، قال رئيس "مجلس شباب إسبانيا" ريكاردو إيبارا إن الهدف من إعداد التقرير هو إجراء تحليل شامل لواقع الشباب من وجهة نظر مستقلة بعيدا عن الإحصائيات الحكومية، "وهو وسيلة لإدانة الوضع المؤسف الذي يعيشونه وتوعية المجتمع به".

وأوضح رئيس المجلس -وهو مؤسسة مستقلة تضم في عضويتها مجالس الشباب من مختلف الأقاليم الإسبانيةـ أن هذه البيانات تستفيد منها الجامعات والباحثون والمتخصصون في علم الاجتماع والهيئات المهتمة بتوظيف الشباب ووسائل الإعلام الراغبة في تقديم بيانات دقيقة حول مشكلة البطالة في هذا القطاع من المجتمع، بالإضافة إلى وزارتي العمل والإسكان.

وأكد إيبارا أن مشكلة السكن بالنسبة للشباب "مزمنة، ففي وقت نشوء الفقاعة العقارية ارتفعت أسعار المساكن بصورة مبالغ فيها وكانت أسعار الإيجارات عالية دائما، وهو ما دفع إلى التفكير دوما في شراء المسكن، ومع انفجار الفقاعة العقارية انخفضت أسعار المساكن، إلا أنها ما زالت بعيدة عن متناول الشباب".

وأضاف أن معدل البطالة المرتفع في إسبانيا أدى إلى فقدان الآباء لوظائفهم، ولم يعد باستطاعتهم مساعدة أبنائهم على الاستقلال. وكانت هناك مساعدات حكومية لتشجيع الشباب على الاستقلال، لكنها ألغيت بسبب إجراءات التقشف الاقتصادي، وأكد أن الحل يكمن في القضاء على مشكلة البطالة.

وأوضح إيبارا أن أقل من 16% من الشباب لديهم عقود عمل تزيد عن العام الواحد، بينما تتسم باقي العقود بكونها مؤقتة، وهي العائق الأكبر في وجه الحصول على قرض عقاري. وقال إن هناك نحو ثلاثة ملايين شقة خالية في إسبانيا بينما لا يجد الشباب مسكنا، واقترح فرض ضرائب على تلك المساكن الخالية لدفع مالكيها لطرحها في سوق الإيجار أو لبيعها، ومع زيادة المعروض في السوق ستنخفض أسعار المساكن والإيجارات.

وأشار إلى أن هجرة الشباب الحالية إلى الخارج ليست "استقلالا" لأنها تتم رغما عنهم لعدم وجود فرص عمل في بلدهم، وأن الذين يسافرون منهم إلى ألمانيا والنرويج والمملكة المتحدة لا يجدون دائما عملا يتناسب مع مؤهلاتهم، فهناك من يعملون في وظائف أدنى وفي قطاع الخدمات، وأكد أن هذه مشكلة بالنسبة لاقتصاد إسبانيا التي تستثمر أرصدة هائلة في تكوين شبابها بصورة جيدة وفي النهاية تستفيد منهم دول أخرى.

وعن تصوره لحل هذه المشكلة اقترح إيبارا تغيير النموذج الإنتاجي في إسبانيا والتخلي عن سياسات التقشف الاقتصادي واتباع سياسات لتحفيز النمو واستحداث الوظائف.

المصدر : الجزيرة