مقتل عنصر على يد "القاعدة" بحلب يثير جدلا

مقاتلو جبهة النصرة وقائدهم في مرحلة التخطيط قبل بدء العملية العسكرية ضد قوات النظام على تخوم مطار النيرب العسكري شرقي حلب
undefined

أحمد دعدوش

لقي أحد عناصر المعارضة المسلحة في حلب مقتله أمس الثلاثاء على يد مقاتلين من تنظيم "دولة العراق والشام الإسلامية" المقرب من القاعدة، مما أثار جدلا بين الناشطين السوريين عن خلفية هذا التنظيم وعن مستقبل البلاد في ظل الفوضى الأمنية القائمة، بينما تتفاوت التحليلات بين اتهام تنظيمات إسلامية بالتطرف واتهام النظام باختراقها ودس عناصره فيها.

وفي اتصال مع الجزيرة نت، تحدث الناشط عبد الرحمن النحلاوي الذي كان مرافقا لقافلة إغاثية ماليزية عن اعتراض مجموعة مسلحة من "دولة العراق والشام الإسلامية" للطريق واقتياد سيارات البعثة إلى منطقة مجهولة.

وأضاف أن سلوك المجموعة كان يتسم بالعنف، وأن أحد مرافقي البعثة -ويدعى أبا عبيدة وهو مقاتل في حركة أحرار الشام- اعترض على ما عده خطفا، مما دفع المسلحين إلى ضربه وتحميله في صندوق إحدى السيارات، لكنه أصر على معرفة الوجهة التي يتم اقتيادهم إليها والجهة الخاطفة، فقام المسلحون بإنزاله وضربه ثم قتله بالرصاص، ليترك مضرجا بدمائه على قارعة الطريق.

وقال الناشط في حديثه للجزيرة نت إن المجموعة المسلحة تابعت طريقها وهي تصر على أنه لا بد للبعثة من مقابلة "أمير" الجماعة، ومع أنها أطلقت أحدهم استجابة لطلبه، اضطر الناشط إلى الفرار من السيارة لحظة اقترابها من حاجز للجيش الحر، لتسارع القافلة باستكمال طريقها خشية إيقافها.

وأوضح النحلاوي أن حركة أحرار الشام فاوضت التنظيم لاحقا لإطلاق عناصر البعثة ومرافقيهم من الثوار، مشيرا إلى أن ثمة صفقة أجريت للمساومة على المعونات المخصصة للمدنيين، وأنه تم إطلاقهم في اليوم نفسه.

لزيارة صفحة الثورة السورية اضغط هنا
لزيارة صفحة الثورة السورية اضغط هنا

موجة اعتراض
وتداول ناشطون سوريون الخبر على مواقع التواصل الاجتماعي، في موجة جديدة من الاعتراض على انتهاكات تُنسب لتنظيم "دولة العراق والشام الإسلامية"، في حين أشار النحلاوي إلى أن "القتلة" كانوا جميعا من السوريين بينما كان الكثير من عناصر أحرار الشام الذين استقبلوا بقية المختطفين عقب تحريرهم من "المهاجرين القوقازيين".

ويتهم بعض الناشطين النظام باختراق التنظيم كي ينسب إلى الجماعات الإسلامية جرائم القتل والخطف، وقد يدعم هذا التوجه ما ذكره النحلاوي عن هيئة الخاطفين وألفاظهم "التي لا تصدر عن المجاهدين في العادة"، مضيفا أنهم كانوا يتصنعون النطق ببعض المصطلحات الدينية غير أنهم كانوا عاجزين عن تبرير فعلتهم عند محاولة مناقشتها في سياق فقهي.

ولم يستبعد الناشط أن يكون الخاطفون من العلويين، وفقا لما يمكن أن يُستشف من لهجتهم حسب قوله، كما أن سياق الحوار الذي جرى معهم كان ينبئ بسخريتهم من الثورة وشعاراتها، حسب قوله.

لكن الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية عبد الرحمن الحاج رأى أن دعوى الاختراق في هذه الحادثة ليست ضرورية -رغم كونها محتملة ومرجحة في مواقف كثيرة- لأن الخاطفين ذهبوا بالقافلة فعلا إلى مقر التنظيم في حلب حيث تم لقاء البعثة بقياداته.

‪الحاج: التنظيم يستقطب عناصر غير متعلمين وغير متدينين‬ الحاج: التنظيم يستقطب عناصر غير متعلمين وغير متدينين 
‪الحاج: التنظيم يستقطب عناصر غير متعلمين وغير متدينين‬ الحاج: التنظيم يستقطب عناصر غير متعلمين وغير متدينين 

عنف وتساهل
وأضاف الحاج -في اتصال للجزيرة نت- أن طبيعة التنظيم قائمة أصلا على العنف والتساهل في سفك الدماء، مشيرا إلى أن مسمى الدولة يتيح لأتباع التنظيم التصرف كموظفي دولة مستقلة يحق لها التصرف في كل ما يقع تحت يدها، وهو ما يتسبب بصدام دائم مع الفصائل الأخرى ومع الحاضنة الشعبية.

وقال إن التنظيم يفرض نفسه منذ نشوئه على أنه سلطة بديلة عن النظام، حيث يسعى لبسط نفوذه على التيارات والكتائب الأخرى بالقوة، موضحا أن ضرورات التوسع تدفع قياداته للجوء إلى استقطاب أكبر عدد من المقاتلين، حيث تقتصر المؤهلات على القوة والالتزام الظاهري بالمبادئ الإسلامية المعلنة.

وقد سمحت هذه السياسة باستقطاب الكثير من المجرمين والعاملين في الحرف التي لا تتطلب أي قدر من التعليم والمعرفة بالدين، فضلا عن الشبيحة الذين يدّعون التوبة، ويضيف الحاج أن العديد من الكتائب الأخرى تمارس هذا الاستقطاب أيضا ولكن بنسب أقل.

وحذر الباحث السوري -وهو أستاذ جامعي في الجامعة الإسلامية العالمية بماليزيا- من أن تؤدي هذه الحادثة إلى اصطدام جديد بين "الدولة" وأحرار الشام، مشيرا إلى وقوع حالات سابقة من الصراع المسلح بين التنظيمات، وهو أمر لا يستبعد أن يتطور في مراحل لاحقة وفقا لمشاهداته أثناء زيارته لشمال سوريا.

المصدر : الجزيرة